متحف الآثار الإمبراطوري في القدس من 1890 حتى1930: رواية بديلة

 

بياتريس سانت لوران، همّت تاشكومور(1)

ترجمة: محمود الصباغ

تمهيد

تعتبر قصة تأسيس أول متحف آثار في القدس خلال العصر العثماني المتأخر، من القصص المثيرة في المنطقة  عن المساعي الآثارية للإدارة العثمانية في إسطنبول، وجهود علماء الآثار الأجانب العاملين في فلسطين لصالح صندوق استكشاف فلسطين البريطانيBritish Palestine Exploration Fund. حافظ المتحف العثماني (المتحف الإمبراطوري Müze-i Hümayun  “1901-1917”) ومجموعته على وجوده وإن باسم متحف فلسطين البريطاني للآثار (1921-1930) ثم باسم متحف الآثار الفلسطيني الذي بوشر بنائه في العام 1930 واكتمل في العام 1935. لكن المتحف، المعروف الآن باسم متحف روكفلر، لم يفتح أبوابه قبل العام 1938. وشجعت السلطات البريطانية، بين عامي 1922 و 1935، على إنشاء متحف للفنون الإسلامية (1922)، وآخر يعنى بالفنون اليهودية. وحظي المتحف الامبراطوري العثماني حتى فترة الانتداب البريطاني (1917-1948) بتوثيق جيد في الأرشيف الوطني العثماني في اسطنبول، وفي أرشيف الفترة الانتدابية لدائرة الآثار الموجودة في متحف روكفلر في القدس، وأرشيف صندوق الاستكشاف الفلسطيني (PEF) في لندن، وكذلك وثائق وسجلات المحاكم الشرعية في القدس(2).

الشكل 1: ثانوية ومتحف المأمونية العثمانية. Photo sent by Conrad Schick, c. 1890. Source: Palestine Exploration Fund

السياق التاريخي

سوف نتتبع بدايةً، في استعراض السياق التاريخي للمتحف، تاريخ متحف القدس ضمن السياق الأوسع للتحديثات المؤسساتية التي عرفتها الإمبراطورية العثمانية في تلك الفترة، كما سوف ننظر في أطر التوسّع الأوروبي في الشرق الأوسط. ويمكن الحديث عن إنشاء المتحف كنموذج مصغّر للإرهاصات السياسية الأكبر التي عاشتها المنطقة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، عندما وسعت القوى الغربية طيف اهتمامها بشؤون الإمبراطورية العثمانية بشكل ملحوظ، في وقت كانت الدولة العثمانية تستكشف فيه التطورات المؤسساتية الأوربية باعتبارها نموذجاً يحتذى به للبدء بمشاريعها التحديثية. وسوف يتم التركيز هنا، لأغراض هذا المقال، على إنشاء المؤسسات التعليمية والمتاحف، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالإمبراطورية العثمانية.

استهلت حقبة الإصلاح العلماني في الإمبراطورية العثمانية فيما يعرف بفترة التنظيمات الثانية Tanzimat (1876-1909) خلال حكم [السلطان] عبد المجيد الأول (1839-1861) و[السلطان] عبد العزيز(1861-1876)، وهي الفترة التي تميزت بالنزعة “النيو عثمانية” neo Ottomanization. وتابع [السلطان] عبد الحميد الثاني (1876-1909) عملية التحديث، غير أنه التفت أكثر إلى “أسلمة” الإمبراطورية، في حين شددت حركة تركيا الفتاة Jön Türkler (1908-1914) على عثمنة الإمبراطورية واستمرت في متابعة سياسات السلاطين العثمانيين السابقين المؤسساتية(3).

يمثل عهد [السلطان] عبد الحميد، ضمن تاريخ الإمبراطورية العثمانية، فترة اهتمام القوى الأوروبية المتزايد في تقسيم الدولة العثمانية. ويعد مؤتمر برلين 1878 مَعلماً حقيقياً ورمزياً، بآن معاً، للدلالة على هذا الاهتمام، حيث تداعت وفود المؤتمر (روسيا والإمبراطورية النمساوية المجرية والألمان والبريطانيون) لمناقشة موضوع “المسألة الشرقية”. وهذا يعني، بطبيعة الحال، تقاسم الإمبراطورية فيما بينهم، وهي العملية التي بدأت، فعلياً، مع الحرب العالمية الأولى عبر التوغل البريطاني في القدس وما حولها.

الشكل 2: حي باب حطة. المصدر Baedeker Palestine and Syria (1876)

مثّل البدء في إنشاء الصروح الضخمة في أرجاء الإمبراطورية، أحد استجابات عبد الحميد للضغوط الأوروبية. ويمكن القول أن عبد الحميد دشن، في واقع الأمر، حملة واسعة لإثبات مقدرته في الحفاظ على الإمبراطورية وصيانتها من التقسيم. ولعل تحديث وعلمنة التعليم وفقاً للنمط الأوروبي كان من بين الإصلاحات المؤسسية آنذاك. فأمر السلطان بتعميم التعليم الإلزامي حتى في أبعد المناطق النائية من الإمبراطورية، وشرع في بناء المدارس الابتدائية والثانوية، الموثقة جيداً في الصور والمجلات والصحف التي تعود لتلك الفترة، كجزء من دعايته التي تظهره مساوياً للقوة الأخرى في أوروبا(4). وتظهر آثار التحديث هذه في ألبومات عبد الحميد التي طلب عملها بين الأعوام 1880 و 1893، من خلال توظيف مصورين مثل Sébah & Joaillier، و Abdullah Frères و Rhebus  و Ali Rıza Paşa، ومصورين غيرهم من المدرسة الإمبراطورية للهندسة، كما هو موثق في المجلات العثمانية التي تعود لتلك الفترة مثل Ṣervet-i Fünūn [ثروة الفنون] و ma’lumat [معلومات] منذ العام 1893، وفي المنشورات الإقليمية السنوية Salnames [سالنامة](5). وتشكل هذه المنشورات، في الحقيقة، حملة دعائية ضخمة لنفي ما يشاع عن الإمبراطورية أنها “رجل أوروبا المريض”. وما حدث، في الواقع، كان منافسة من نوع ما تقريباً على السلطة انعكست في حملات بناء ضخمة مارستها كل من القوى الأوروبية والعثمانيين على حد سواء، مما أدى إلى فترة من التجريب والتغيير الكبيرين في المؤسسات وفي الصروح المعمارية في الإمبراطورية(6). وسوف نركز هنا على إدخال المتاحف إلى الإمبراطورية، ولا سيما في القدس.

الشكل 3: خطة كونراد شيك لباب حطة. المصدر: Source: Palestine Exploration Quarterly, 1896

المتاحف والإمبراطورية العثمانية(7)

لم يكن جمع الآثار، وما يصاحبها من وعي بالماضي، ظاهرة جديدة في الدولة العثمانية، والعالم الإسلامي بشكل عام. فلطالما اعتبرت بقايا الأنقاض مواداً ذات قيمة عالية، وكثيراً ما استخدمت اللقى والقطع الأثرية والأنقاض ووضعت بشكل بارز في المباني الجديدة والحديثة، فقد وضعت أعمدة بيزنطية، على سبيل المثال، في بهو مدخل المسجد الأخضر Yaşil Cami في مدينة بورصة، ويُظهر وجود هذه الأعمدة، في المباني الجديدة والأحدث، احتراماً للماضي وتذكيراً، بطريقة خفية غير مباشرة، لمن يدخل إلى المسجد بغزو بيزنطة [فتح القسطنطينية]. كما شيّد العثمانيون أيضاً صروحاً مهمة على أنقاض المواقع المقدسة للثقافات السابقة، مثل المسجد الذي بني بعناية في موقع البارثينون في أثينا(8).

شكل 4: مخطط القسم الشمالي من حي باب حطة. المصدر: Handan Türkoğlu, 1993

ظهر أول “متحف” عثماني مخصص لاستقبال وعرض المجاميع الأثرية الإمبراطورية في العام 1846، من خلال إنشاء مستودع الأسلحة في الكنيسة البيزنطية آيا إيرين Hagia Ireneبالقرب من قصر توبكابيTopkapi palace وكنيسة أيا صوفياHagia Sophia. وأضيفت إلى مجموعة الأسلحة، مجموعة مختارة من مواد هامة تعود إلى العصور القديمة الكلاسيكية. وكانت هذه أول محاولة متحفية لعرض مجاميع أثرية على الطريقة الأوروبية(9). ولكن مفهوم المتحف بمعناه الحديث أتى لاحقاً، فمع ستينيات القرن التاسع عشر استهل المتحف الإمبراطوري Müze-i Hümayun في إسطنبول تقليداً عثمانياً يتعلق بجمع وعرض القطع الأثرية الكلاسيكية القديمة في متاحف الإمبراطورية العثمانية. انتقل المتحف في العام 1880 إلى Çinili Köşk  (الجناح القرميدي، الذي شيّد في العام 1472 كجزء من قصر توبكابي) الذي أعيد تشكيله بعد العام 1973 ليلائم مجموعة الآثار الإمبراطورية(10).  ولم تكن مقتنيات هذا الجناح اعتباطية، بل اختيرت بعناية وفقاً لرغبة السلطنة بربط ماضي العثمانيين بالمفهوم الحديث لمعنى “متحف”(11).

الشكل 5: حفل  تدشين القدس. المصدر: Source: Servet-I Fünun (1309/1893)

بعد وفاة مدير المتحف الألماني الدكتور فيليب أنطون ديتهيير Philip Anton Dethier في العام 1881، اتخذت الإدارة العثمانية اختياراً واعياً لتنصيب مدير عثماني للمتحف بدلاً من البحث عن خيار أوروبي، ووقع الأمر على السيد عثمان حمدي -ابن الوزير إبراهيم أدهم باشا- الذي بقي في منصبه حتى العام 1910.  وكان عثمان حمدي قد عمل سابقاً مع أحمد وفيق باشا في إنتاج كتاب خاص بمعرض فينا في العام 1873، بعنوان العمارة العثمانية Usul-i Mimar-i Osmani [L’Architecture Ottomane] والذي شرح معنى الأسلوب “النيوعثماني” Neo-Ottoman استناداً إلى التقاليد المعمارية العثمانية السابقة بتطبيق منهجية أوروبية “حديثة”(12). وهكذا، كان اختيار عثمان حمدي خطوة واعية لدمج الماضي العثماني كعامل محدد لتوجهات سياسة المتحف(13). كانت السياسة التشريعية الجديدة وترتيب حمدي باي للمجاميع الإمبراطورية في المتحف مختلفين تماماً عما يناظرها في المتاحف الأوروبية، التي أظهرت الغزو الاستعماري في مقتنياتها. لا شك أن حمدي باي كان يتحدث “حرفياً بلغة التراث والتاريخ ولكنه كان يتحدث مادياً بلغة الغزو والتاريخ”، ويعكس ملكية المنطقة الإمبراطورية. وعند وفاة حمدي باي في العام 1910، حل محله شقيقه خليل أدهم إلديم (1861-1938)، الذي شغل سابقاً منصب مساعد المدير منذ العام 1889، وبقي في منصبه كمدير للمتاحف الإمبراطورية حتى العام 1931. وبينما ركز حمدي باي على المقتنيات التي تعود للعصور اليونانية- الرومانية في الأراضي العثمانية، تخصص خليل في الإرث العثماني والإسلامي للإمبراطورية. كما أسس متحفين في اسطنبول، الأول باسم متحف الأوقاف Evkaf Müzesi  والثاني باسم متحف الفنون الإسلامية Türk ve İslam Müzesi وافتتح المتحفان يوم 22 نيسان 1914، قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى بقليل (14).

دفعت الاكتشافات الأثرية الجديدة في الأناضول إلى إنشاء وبناء متحف جديد للتوابيت الحجرية Sarcophagus (lahitlar Müzesi) من طابقين مستوحى من الطراز الكلاسيكي الجديد، من تصميم ألكسندر فالوري. افتتح المتحف، يوم 13 حزيران/ يونيو 1891. بينما تقترح ويندي شو أن اختيار المهندس المعماري الأوروبي والأسلوب يشير إلى الرغبة في إظهار الروابط مع أوروبا، وأود أن أطرح سبباً بديلاً لهذه الاختيارات.

الشكل 6: مدرسة الرشيدية مع سجناء أتراك وألمان في كانون الأول/ ديسمبر 1917. المصدر: Library of Congress

يرتبط استخدام أسلوب كلاسيكي جديد لمتحف الأضرحة الحجرية بأصل المواد المعروضة من التراث اليوناني الروماني للإمبراطورية بشكل مباشر. ويعكس اختيار المعماري الفرنسي لمثل هذا المبنى بسبب الحاجة إلى مهندس مدرّب جيداً على التقاليد الكلاسيكية الجديدة -ولم يكن هذا متوفراً في الإمبراطورية آنذاك. تم افتتاح جناحين جديدين على التوالي في عامي 1903 و 1908 (في عهد حركة تركيا الفتاة)، ضم الأول مقتنيات الحثيين والبيزنطيين، وضم الثاني مجاميع المنحوتات الموجود من قبل في الجناح القرميدي. لم يتم نقل المجموعة الإسلامية من جناح المتحف الإمبراطوري إلى الجناح القرميدي حتى العام 1908، مع وجود خطط لتوسيع المتحف. وإذا ما فحصنا مخطط المجمع بأكمله، فسوف نرى، بوضوح، كيف دمج الجناح القرميدي، وهو مبنى بهوية عثمانية وإسلامية، ليعكس نطاق المجاميع الإمبراطورية في العاصمة الإمبراطورية إسطنبول(15)

الشكل 7: مدرسة الراشدية من سور المدينة باتجاه الشمال. المصدر: B. St. Laurent, 1993

ارتبطت المتاحف مبكراً جداً في التعليم في اسطنبول. ففي العام 1869، أنشأ وزير التعليم، صفوت باشا Safvet Paşa، أول متحف ملكي عثماني، افتتح أبوابه للسلطان وضيوفه فقط. كان من المهم أيضاً إعلان صفوت باشا عن لائحة التعليم العام Maarif-i Umumiye Nizamnamesi في العام 1875 مما استدعى إنشاء هياكل تعليمية حديثة. كان المتحف بمثابة أداة تعليمية وتثقيفية فعالة في بناء وتوضيح تاريخ وثقافة وهوية العالم العثماني. وكان [السلطان] عبد العزيز أدرك لأول مرة دور علم الآثار “كعلامة لرأس مال ثقافي” عقب زيارته لأوروبا في العام 1867، مما دفعه إلى ربط علم الآثار بشكل وثيق بتاريخ المتحف في الإمبراطورية. تؤكد ويندي شو أيضاً سبب نشأة علم الآثار والمتحف … كسلاح فعال في مقاومة الإمبريالية الإقليمية المتضمنة في المجموعة الأثرية الأوروبية في الأراضي العثمانية… والتي غالباً ما اختلط فيها خطاب أوروبي عن الماضي مندمجاً بمطالب إقليمية آنية(16). كانت هذه المقاربة أوروبية بالتأكيد، لكن الرسالة ركزت على إبراز الهوية العثمانية الحداثية والإسلامية الحميدية للسكان المحليين والعالم العثماني الأوسع في سبيل التنافس مع مطالب الأوروبيين بالأراضي العثمانية.

كانت المتاحف مسؤولية وزارة التربية والتعليم طوال هذه الفترة بأكملها. وشكّل أولئك الذين عملوا  كوزراء تعليم -وغالباً ما خدموا لفترات قصيرة متعددة-  دائرة حمدي بك وإبراهيم إدهم باشا، ولا سيما أحمد وفيق باشا في عهد عبد الحميد وصفوت باشا بما يبدو كأنهما فترتان متناوبتان من الخدمة(17).

الشكل 8: المأمونية مدرسة بنات اليوم. المصدر: B. St. Laurent, 2009

تنظيم جمع الآثار في الإمبراطورية

أصدر صفوت باشا في العام 1896 المرسوم الأول الذي ينظم جمع آثار الإمبراطورية، عبر القنوات الإدارية الحكومية العثمانية. وتم حثّ حكام المقاطعات على جمع “أي أعمال قديمة، أو ما يعرف بالآثار، بأي وسيلة ضرورية ممكنة، بما في ذلك الشراء المباشر”. وأشار صفوت باشا بضرورة قيام الشخص الذي سيقوم بإرسال أي مادة إلى العاصمة، بملاحظة حالتها وموقع اكتشافها والقيم المحلية، ومن ثم شرائها وتعبئتها بشكل صحيح وإرسالها إلى المتحف في إسطنبول(18). عيّن صفوت باشا إدوارد غولد، الإنكليزي الأصل, وربما يكون إيرلندياً، والذي كان يعمل بالأساس مدرساً في “ليسيه غلطة سراي”، مديراً للمتحف الإمبراطوري، فقام غولد، بصفته هذه، بتنظيم المجاميع الأثرية وفهرستها(19). ومع تعيين إدارة جديدة في العام 1871، عين الصدر الأعظم، مدحت باشا، أحمد وفيق أفندي (أحمد وفيق باشا) وزيراً جديداً للتعليم(20)، الذي قام، بدوره، بتعيين الألماني أنتون فيليب ديتهيير مديراً للمتحف، فاقترح هذا الأخير تعديل قانون العام 1869 للآثار، فظهر، في العام 1874 قانون الآثار الجديد Asar-i- Atika-Nizammamesi(21)، الذي تم توجيهه بصورة أكبر نحو المنقبين الأجانب بعكس قانون العام 1869 الذي كان موجهاً بشكل أساسي إلى مسؤولي المقاطعات العثمانيين. نشر القانون الجديد باللغتين التركية والفرنسية(22)، وهدفت مواده إلى السيطرة على عدد كبير من الآثار التي كانت بعثات التنقيب الأجنبية تعثر عليها في أرجاء الإمبراطورية. كما ساعد على التحكم في العدد الكبير من الآثار التي عثر عليها في  أراضي الإمبراطورية، لكنه أخفق في السيطرة على مواقع التنقيب (23). ومن جديد، قامت وزارة التربية والتعليم بمراجعة القانون، مما أدى إلى ظهور قانون العام 1884، والذي تم تعديله مرة أخرى في العام 1907(24). وسعى التشريع الجديد إلى السيطرة على مواقع التنقيب التي تعمل فيها البعثات الأجنبية، وحاول السيطرة على تدفق الآثار خارج الإمبراطورية. وبسبب المكائد السياسية، في ذلك الوقت، سواء بإيحاءات حميدية أو بدوافع مصالح حمدي باي على صعيد المتاحف أو على الصعيد السياسي، أخفق هذا القانون أيضاً في التحكم بتدفق الآثار إلى مجاميع المقتنيات الأوروبية(25).

الشكل 9: فرع بورصة من المتحف الإمبراطوري. المصدر Hüdavendigar Vilayet- i – Salnamesi

تحديث وتوسيع شمال شرق القدس

ظهرت عدة مقاربات سردية لكتابة التاريخ، في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، اعتمدت هذه السرديات  على السعي لوضع مجموعات معينة منها وتأويلها في سياق الصراع للسيطرة على القدس. وعلى هذا النحو، أشار عصام نصار بالتنافس المتواصل لسرديات تاريخ القدس(26). وقد كتب الكثير عن التطور اليهودي والإسرائيلي للمدينة، ولكن لم يكتب إلا القليل القليل عن التصورات الفلسطينية للمدينة، رغم تبدل ذلك في السنوات الأخيرة.  وفي الواقع، تجاهل معظم الباحثين إلى حد كبير فترة الحرب العالمية الأولى حتى العقد الماضي(27).

أولى سكان القدس متعددو الأعراق، الأوروبيون والعثمانيون، اهتماماً بالمدينة. كما ضغطت القوى الأوروبية، لا سيما فرنسا وألمانيا والنمسا وروسيا، للحصول على مزيد من المكاسب لصالح حقوق الحجيج لزيارة الأراضي المقدسة والسيطرة على آثارها وبناء مؤسساتهم الخاصة في المدينة. وينعكس هذا بشكل خاص في المنافسة للظفر بأعمال استبدال القبة المفتوحة القديمة لكنيسة القيامة بقبة مغلقة، وقد فاز الروس، في نهاية المطاف، بحصولهم على الإذن في العام 1810 لبناء قبة مغلقة جديدة فوق موقع قبة القبر المقدس Anastasis [القيامة باليونانية]، وهو إنجاز لم يحققه أحد منذ بناء قبة الصخرة، التي نافست قبة القبر المقدس باستثناء أنها كانت مغلقة. ولم يُسمح لأحد بتجاوز القانون وتغيير معمار كنيسة القيامة وموقع القبر المقدس  على مر القرون. كما شرعوا في حملات لبناء صروح جديدة داخل وخارج المدينة المحاطة بالأسوار، وظهرت مساكن حجيج جديدة في البلدة القديمة بالإضافة إلى المستشفيات ومكاتب البريد والمدارس، علاوة على الخدمات مثل توفير المياه لمؤسساتهم الخاصة.

الشكل 10: الصفحة الأولى من الدفتر العثماني. المصدر: Rockefeller Museum Library

حصل الروس، في أربعينيات القرن التاسع عشر، على إذن لبناء مجمع ضخم (شيد في الفترة بين1860-1864)، والذي تضمن كنيسة كبيرة ومبانٍ أخرى على التل شمال غرب المدينة(28). كما قام الفرنسيون أيضاً ببناء مشفى Notre Dame de France Hospice (شيد في الفترة 1884-1904) بالقرب من المدينة القديمة. ثم افتتحت البوابة الجديدة في سور المدينة الشمالية في العام 1889 من قبل [السلطان] عبد الحميد، وبالتالي ربط هذين المجمعين الرئيسيين بالحي المسيحي في المدينة القديمة. كما ازدهرت المصالح الألمانية في المدينة خلال القرن التاسع عشر.7

شكل 11. قلعة القدس، 1898-1914. المصدر: Library of Congress

تبع بناء كنيسة الفادي Church of the Redeemer، وإنشاء الحي الألماني German Colony جنوب غرب المدينة المسورة بحلول منتصف القرن التاسع عشر، وتبع ذلك زيارة القيصر الألماني إلى القدس في العام 1897 وما سبقها من تدابير واستعدادات كبيرة لهذه الزيارة. ودفع السلطان باتجاه تعزيز هذه العلاقة لحاجته إلى دعم مالي لبناء سكة حديد الحجاز من دمشق إلى مكة والمدينة لتسهيل نقل الحجيج الإسلامي. نتج عن ذلك تعديل كبير في بوابة يافا وإضافة التعديلات اللاحقة بحلول العام 1901 لتشمل بناء برج ساعة وسبيل أو نافورة إلى البوابة (29). ومن أجل أغراضه العثمانية، بشكل أكثر تحديداً، طور عبد الحميد الحي الشمالي الشرقي من المدينة، الحي الإسلامي، ولا سيما حي باب حطة داخل بوابة هيرودس [باب الساهرة]. وذهب جزء من عملية التطوير هذه نحو تحسين بوابة دمشق [باب العمود] وبوابة هيرودس [باب الساهرة]. وعندما انتقل كونراد شيك (1822-1901) إلى المدينة في العام 1846، وجد هذا الحي “مهجوراً” يشتمل على عدد قليل من المنازل الصغيرة والمتاجر  في الشارع الرئيسي والعديد من المناطق “المهجورة”(30). وكانت كنيسة ومجمع  القديسة حنّة St. Anne’s Church في حالة خراب كما كان عليه الحال في كنيسة ودير القديسة مريم المجدلية St. Mary Magdalene (الشكل 2). في ذلك الوقت، كانت عائلة مسلمة تستخدم الدير المدمر كمصنع للطوب. وذكر تشارلز ويلسون، في العام 1865، كيف كانت أنقاض الكنيسة مازالت بادية للعيان وبقايا الفخار المصنوع من غضار قرية الجيب، شمال القدس، متناثراً هنا وهناك(31).

الشكل 12: مخطط متحف القلعة، 1919. المصدر: American School of Archaeology

وفي العام 1896، عندما ذكر “شيك” الحي مرة أخرى، كانت المنطقة قد تغيرت تماماً. فظهرت طرق جديدة معبدة ونظام صرف صحي جديد (الشكل 3)، إلى جانب العديد من المنازل الجديدة التي بناها المسلمون، بعضها مغطى بأسقف من القرميد في الشارع الرئيسي، حيث ظهرت العديد من المحلات التجارية وأصبح الحي بأكمله يضم الآن عدداً كبيراً من السكان… تم إزالة النفايات والأماكن الفارغة، وتم تطويقها بجدران، وبنيت عليها منازل جديدة. وباتت الشوارع ممهدة ومعبدة ومجهزة بنظام صرف صحي.. والحي كله أصبح نظيفاً(32). وبعد العام 1856، تم تسليم الوصاية على كنيسة القديسة حنّة إلى الرهبان البيض الفرنسيين وبحلول العام 1878 بدأ العمل في ترميمها. رممت الكنيسة وأنشأت مبانٍ جديدة كبيرة لـ “الأخوة الجزائرية” وهي مدرسة كبيرة يرتادها المسلمون. وأزيلت أنقاض كنيسة القديسة مريم المجدلية بالكامل، وظهر مبنى جديد كبير سوف يعرف باسم المدرسة المأمونية التي افتتحت في العام 1891 (الأشكال 1 و 4 و 5) (34). ويتوافق هذا مع خطة عبد الحميد لتحديث المؤسسات في الإمبراطورية من خلال إضافة العديد من المعالم الجديدة والحديثة إلى المدن الهامة. واستمراراً لبرنامج إعادة تنظيم الإصلاح التربوي لعلمنة التعليم، أضيفت مدارس جديدة إلى المدينة مثل المدرسة المأمونية الثانوية المذكورة أعلاه، والمدرسة الرشدية الجديدة (المدرسة الابتدائية) أو الرشيدية والتي تقع خارج باب الساهرة(35). وهكذا ربط فعلياً تحسين وإصلاح البوابات وبناء مدرسة واحدة داخل باب الساهرة وأخرى خارجه، المدينة القديمة بالمنطقة خارج الأسوار. وكان هذا مشابهاً لافتتاح البوابة الجديدة والإضافات الروسية والفرنسية من العام 1840 إلى العام 1889، وكانت المدارس تقع على نفس المحيط الشمالي للمدينة(36). ولا تزال المدرسة الرشيدية، مدرسة للبنين اليوم وتقع في شارع السلطان سليمان بجوار متحف روكفلر / فلسطين خارج باب الساهرة (الشكلان 6 و 7). ولا تزال المدرسة المأمونية أو الثانوية، مدرسة للبنات اليوم [مدرسة القادسية للبنات] (الشكل 8)(37). واستخدم في بناء المدرستين ما يعرف بـ “الحجر الذهبي” المقدسي وبأسلوب مشابه للمباني المنتشرة في الإمبراطورية في ذلك الوقت، والذي يستخدم نموذجاً أولياً كلاسيكياً جديداً مستوحى من الطراز الأوروبي في التخطيط والديكور. وكان الهدف من ذلك فرض مؤسسات علمانية جديدة على نطاق هائل في المنطقة الحضرية للدلالة على حداثة الإمبراطورية وقوتها.

الشكل 13: متحف الآثار الفلسطيني، 1922: “المتحف القديم” في واي هاوس. المصدر: IAA Mandate Archives.

متاحف المقاطعات: المتحف العثماني 1901-1917

  تضمن جزء من مخطط تحديث عبد الحميد إضافة متاحف آثار إقليمية إلى إمبراطوريته. واحتل متحف القدس مكانة بارزة في هذا المسعى لتوضيح روابط العثمانيين بماضيهم القديم بطريقة حديثة.

لطالما أظهر العثمانيون، وغيرهم من الجماعات الرومانية واليهودية والمسيحية والإسلامية الحاكمة في المنطقة في مشاريعهم المعمارية الضخمة، اهتماماً بإظهار الماضي الإقليمي، وغالباً ما يتم إعادة تقديس موقع ينتمي لثقافة سابقة. كانت الآثار والوعي المصاحب للماضي ظاهرة في القدس قبل وقت طويل من ظهور العثمانيين على مسرح الأحداث في المنطقة. أدت إعادة استخدام الحجارة إلى وظائف عملية وجمالية ورمزية، فمن الأغراض العملية، سهولة استخدام الألواح والأحجار الرخامية المقطوعة في الموقع أو بالقرب منه، مما سهل البناء، وغالباً ما كانت المواد المعاد استخدامها مبهجة من الناحية الجمالية وموضوعة بشكل استراتيجي، أما من الناحية الرمزية، فقد عكس إعادة الاستخدام هيمنة القوى الغازية المتعاقبة على الثقافة والنظام السابقين، بالإضافة إلى إظهار الاحترام لذلك الماضي. وهكذا فسوف يدخل إرث الماضي في حوار مع المعطى المعاصر لنظام سياسي ودين مختلفين. ومن الأمثلة الأولى على هذه النواحي العملية والرمزية في القدس، نذكر إعادة استخدام قطعة من الرخام المزخرف على الطراز الروماني / البيزنطي كدليل لمحراب (640-660) مسجد معاوية في الحرم الشريف(38). وتظهر أمثلة أخرى من الحرم الشريف في قبة الصخرة (اكتملت في العام 691 م) في إعادة الاستخدام الواعية للبنى الكلاسيكية والبيزنطية وتوضعها في مكان بارز في المبنى، كما هو الحال في الأعمدة الكلاسيكية في الجزء الداخلي من قوس الممرات المحيطة. وتظهر أيضاً بعض التوليفات الرومانية / البيزنطية في الزخرفة الرخامية الخارجية للواجهة الشمالية الشرقية للمثمن المخروطي. ويوجد في المساحة الواقعة تحت المسجد الأقصى، التي تعود للقرن الثامن، عمود كبير من أصل روماني بيزنطي محفوظ في الجدار الجنوبي بالقرب من البوابة المزدوجة، والذي يعود بالتأكيد إلى إعادة البناء الأموية لهذه المنطقة من المجمع. وهكذا، نجد في أقدم الآثار الإسلامية الباقية في القدس، من العصر الأموي في القرن السابع، أقدم الأمثلة على إدراج وثائق مادية من الماضي تشير إلى وجود وعي بأهمية التاريخ والحفاظ عليه وعرضه الواضح في السنوات الأولى للإسلام.

الشكل 14: بوابة المتحف. المصدر: Kenyon Institute Library

منذ بدايات إنشاء أول متحف في إسطنبول، شجع صفوت باشا، تحديداً في العام 1869، جمع الآثار من المحافظات. ولكن لم تستجب المقاطعات لهذه الرسالة حتى سبعينيات القرن التاسع عشر حين بدأت بإرسال اللقى الآثارية بصورة نشطة إلى العاصمة(39). استغرق الأمر بعض الوقت كي تبدأ المقاطعات ومناطقها بإرسال مساهماتهم في جمع الآثار إلى المتحف. ويشير أحد أقدم المراجع التي عثر عليها حتى الآن إلى إرسال حاكم أو والي لقدس رؤوف باشا، في العام 1883 أو 1885 نقشاً يعود لزمن الخليفة الأموي عبد الملك إلى متحف اسطنبول. ومن الجدير ذكره أن القطعة التي اختارها  رؤوف باشا  كانت من الفترة الإسلامية المبكرة، وليس من العصور القديمة الكلاسيكية أو القديمة(40)، وهذا يشير بوضوح إلى بروز الإرث الإسلامي المبكر للمنطقة  لدى هذا المسؤول المحلي في اختياره.

وحتى هذه اللحظة، لم تكن قد بدأت بعد، المناقشات بشأن إنشاء متحف يضم الآثار في القدس.. الأمر الذي سوف يتحقق في العام 1891. وفي واقع الأمر، يعتبر متحف القدس، الأول من بين أربعة متاحف إقليمية إمبراطورية مقترحة(Müze Humayunler) خارج اسطنبول. أما الثلاثة الأخرى فهي متاحف بورصة وقونية وبرغاما في الأناضول(41). في الواقع، كانت هذه المتاحف الإقليمية المبكرة بلا شك النماذج الأولية التي حددت معايير المتاحف الإقليمية الأخرى. تم ربط كل من متحف القدس، الذي افتتح في العام 1901، ومتحف بورصة، عام 1904 ارتباطاً مباشراً بالمدارس العليا (الثانوية) المنشأة حديثاً. كان متحف بورصة في الواقع عبارة عن مبنى منفصل في فناء مدرسة بورصة العليا (الثانوية) idadiye (الشكل 9). وأحد أسباب اختيار هذه المدن الثلاث مثيرة للاهتمام. فقد كانت بورصة أول عاصمة للعثمانيين، وأعلنت “المدينة العثمانية النموذجية” في منتصف القرن التاسع عشر، وافتتح المتحف في ذكرى تولي عبد الحميد العرش(42)، أما قونية فكانت المدينة الأكثر تديناً في الأناضول، وتم اقتراحها من قبل عبد الحميد كعاصمة جديدة محتملة. وكان من الممكن أن تكون القدس مهمة في توليه لقب خليفة العالم الإسلامي المركزي ومحاولته “احتكار المقدسات”(43). وما يؤشر على أولوية احتكار الأماكن الإسلامية المقدسة، حقيقة أن متحف القدس كان أول متحف أنشأ في الأقاليم.

الشكل 15. متحف الآثار الفلسطيني، 2009. المصدر: B. St. Laurent, 2009

وثمة سبب آخر عند الحديث عن القدس يتمثل في الضغط الذي مارسه الباحثون الآثاريون الكتابيون الذين كانوا يولون اهتماماً كبيراً في الاستحواذ والاستيلاء على لقى الحفريات ونقل ملكيتها، كمسار نهائي، إلى مجاميع المقتنيات الأوروبية، الأمر الذي دفع العثمانيين إلى عقد مشاورات مع فريدريك. ج. بليس، ممثل صندوق استكشاف فلسطين PEF في القدس(44)، وفي ذلك الوقت نشط علماء الآثار في القدس وما حولها، ومعظمهم من البريطانيين ويعملون بشكل أساسي لحساب صندوق استكشاف فلسطين، وهو منظمة بريطانية عاملة في القدس تأسست في العام 1865، وقام الصندوق بنشر أول أعماله، أي أعمال مسح للقدس في ذلك العام وعملية مسح لفلسطين في العقد التالي، وكان بليس يقوم بأعمال تنقيب في المنطقة، بالإضافة إلى عمله كممثل للصندوق في القدس.

تم التخطيط للمتحف بين عامي 1891 و 1900 وافتتح للجمهور في العام 1901 باسم متحف محافظة القدس كما أطلق عليه بليس(45). أشار العثمانيون في الغالب إلى المتحف باسم المتحف الامبراطوري Müze -i-Hümayun وأحيانًا باسمMüzehane (46)[موزخانة]. ويمكن ذكر الشخصيات الرئيسية الثلاث التي شاركت في إنشاء المتحف، وهم: عثمان حمدي باي، وإسماعيل باي، وفريدريك. ج. بليس.

الشكل 16: الفناء والمدخل من الطابق الثاني لمتحف الآثار الفلسطيني، 1922. المصدر: IAA Mandate Archives.

كان عثمان حمدي بك مديراً للمتحف الأثري الإمبراطوري في إسطنبول، وبالتالي كان مسؤولاً عن الآثار في جميع أنحاء الإمبراطورية، ووضع قوانين لحمايتها وإنشاء مؤسسات تحتضنها. نظراً لأن الآثار والمتاحف كانت من مسؤولية وزارة التربية والتعليم في إسطنبول، وكان إسماعيل باي، بصفته مدير التعليم العام في القدس، الممثل المحلي لحمدي باي في إنشاء المتحف الجديد وعمل بشكل أساسي كمدير. وكان من المقرر، أيضاً، إقامة المتحف في المدرسة الثانوية الجديدة المعروفة آنذاك باسم المأمونية. وترافق هذا مع مشروع مبادرة أجنبية كبيرة، أدت إلى إثارة جو من المناقشات مع الإدارة العثمانية حول المتاحف في اسطنبول. حيث ركز الاهتمام الأجنبي بالمتحف، أي اهتمام علماء الآثار الأجانب وبعثات التنقيب في المنطقة، على اكتشافات الفترة الكتابية، ولا سيما أولئك الذين يعملون مع صندوق استكشاف فلسطين(47)، ومن بينهم فلندرز بيتري وهو أول من قام بتنقيبات أثرية لصالح الصندوق في موقع تل الحسي، وفي سهل شيفلة [سهل اللد] في العام 1890 ، وتبعه تلميذه فريدريك جونز بليس، وهو أمريكي ولد في لبنان. عمل بليس فيما بعد لصالح الصندوق بمساعدة ماكالستر(1870-1950) بين عامي 1890 و 1898، في أربعة مواقع مختلفة: تل الصافي، تل زكريا، تل الجديدة، تل صندحنّة (مريشا) وجميعها تقع في سفوح شفيلة. وأحد أسباب التنقيب في العديد من المواقع في وقت واحد يعود إلى قانون الآثار العثماني الذي يمنح تصاريح التنقيب تبعا لمساحة أربعة أميال مربعة وليس إلى الموقع بحد ذاته(48). لقد كان عمل هؤلاء الآثاريين، الذين يبحثون عن طرق لجمع وعرض وتصدير لقى حفرياتهم -لا سيما إلى مقر الصندوق في لندن- هو ما أثار الاهتمام الأجنبي الأولي، في تسعينيات القرن التاسع عشر، لجهة إنشاء متحف في القدس.

وُلد فريدريك جونز بليس (1859-1937) في بيروت، وكان والده دانيال ج. بليس من الإرسالية المشيخية، الذي أسس الكلية السورية البروتستانتية في بيروت في العام 1866، والتي عرفت فيما بعد باسم الجامعة الأمريكية في بيروت بعد العام 1920. كان بليس ينقب في المنطقة لصالح مؤسسة صندوق استكشاف فلسطين بين عامي 1891 و 1900، وساهم خلال هذه الفترة بتأسيس متحف القدس. وكانت أحد اهتماماته الرئيسية التأكد من تخزين وعرض نتائج الحفريات بأمان.

الشكل 17: الدهليز، متحف فلسطين، 1922. المصدر: IAA Mandate Archives

ونظراً لأن دائرة الآثار في الدولة العثمانية كانت مسؤولة عن جميع المواد المكتشفة أثناء التنقيب -بغض النظر عما إذا كانت تلك الحفريات برعاية القوى الأجنبية أم لا- فقد كان الصندوق والآثاريون التابعون له مسؤولين أمام عثمان حمدي باي عبر ممثله المحلي في القدس إسماعيل باي. وتشير مراسلات بليس مع الصندوق بوضوح إلى تركيز طاقته على إنشاء المتحف برعاية عثمانية وكان ملتزماً بالتشريعات العثمانية المتعلقة بالآثار. وهكذا، وضعت جميع اللقى في مبنى المدرسة المخصص لمقتنيات المتحف. وبحلول الفاتح من أيلول 1899، وضعت 465 قطعة في المتحف العثماني(49). وفيما يتعلق بالمسؤولين العثمانيين، كانت التزامات بليس الرئيسية تتمثل في التأكد من التسليم الآمن للمواد إلى اسطنبول وعرضها بشكل صحيح من قبل السلطات العثمانية في متحف القدس. أرسل بليس إلى متحف إسطنبول الأثري 382 من أهم القطع الأثرية التي عثر عليها خلال الحفريات التي أشرف عليها بين عامي 1891 و 1900. وبقيت القطع الصغرى في متحف القدس. كما كلَفه الصندوق أيضاً بتدبر تصدير نسخ القطع المكررة مرتين أو ثلاثة إلى مكتب الصندوق في إنكلترة(50). كما أعد بليس منشوراً موجزاً مكتوباً بخط اليد لمجموعة من 594 قطعة مشيراً إلى أنه قضى ثلاثة أيام في المتحف الجديد في تشرين الأول1900، يتفحصها ويفهرسها ويقسمها حسب أنواع اللقى وعدد العناصر. وأشارت الرسالة المرفقة مع التقرير إلى وضع هذه اللقى في صناديق، غير أنه لم يتوفر عدد كافٍ منها في ذلك الوقت. تضمن تقرير بليس إلى لندن في 5 تشرين الثاني 1900 نسخة من المنشور. ويشير بليس أيضاً إلى إيداعه نسخة من تقريره إلى إسماعيل باي، الذي أعرب عن نية طباعته باللغتين التركية والإنكليزية(51). ويوجد اليوم نسختين على الأقل منه، أحدهما في أرشيف صندوق استكشاف فلسطين والآخر في متحف روكفلر في القدس، مما يشير إلى أن النسخة الأخيرة بقيت مع إسماعيل باي في العام 1900 وأصبحت جزءً من المواد الأرشيفية التي ورثتها حكومة الانتداب البريطاني(52).

الشكل 18: مخطط صالة العرض الرئيسية لمتحف فلسطين. المصدر: Phythian-Adams, Guidebook of the Palestine Museum of  Antiquities

تشبث بليس بآرائه حتى عندما واجه معارضة من قبل الصندوق، مما أدى في النهاية إلى استقالته في 25 نيسان 1900 بناءً على اقتراح من اللجنة التنفيذية للصندوق(53). ويقول بخصوص منعه من مواصلة العمل مع إسماعيل باي: … من الأهمية بمكان الحفاظ على المواد في الصناديق.. ومن الأهمية بمكان الحفاظ على العلاقات الودية مع الأتراك وعدم القيام بما يزعزع ثقتهم. لقد استشرت القنصل، السيد ديكسون. وهو يشعر بالتزامي بوعدي بالمساعدة في ترتيب المواد، وبأنهم سوف يضعونها في الصناديق..(54). وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 1900، حل ماكاليستر محل بليس، الذي كان مساعداً له، كممثل للصندوق في القدس. وواصل بليس العمل مع إسماعيل باي ووضعت مجموعة اللقى في المتحف في تموز1901 مع وضع المواد في صناديق “في غرفة كبيرة ومُعتنى بها جيداً”(55).

يصف بليس المتحف على النحو التالي: يحتوي الصندوق رقم 1 على 101 نموذجاً من اللقى الفخارية ما قبل الإسرءيلية، بما في ذلك عينات من تل الحسي. وكان من دواعي سرورنا أن نجد كيف احتفظت السلطات بهذه المواد لأكثر من عشر سنوات. في الصندوق رقم2 لدينا 116 نموذجاً من الفخار اليهودي، بما في ذلك سلسلة من مقابض الجرار المختومة. يحتوي الصندوق رقم 3 على 184 عينة من الفخار السلوقي. ويمكن العثور في الرف السفلي من كل صندوق على النسخ المكررة (غير المرقمة)، وهي كثيرة جداً بالنسبة للقى العصر السلوقي. يحمل الصندوق رقم 4  علامة “متنوع”، بالإضافة إلى أمثلة للتماثيل الفخارية، البشرية منها والحيوانية، يحتوي على مواد مختلفة من البرونز والحديد والعظام والحجر. في الصناديق 5 و 6 يتم عرض الجعران والأحجار الكريمة والأقراص والعملات المعدنية والموضوعات الزجاجية. تم وضع غالبية القطع النقدية، بالإضافة إلى النسبة الأكبر من القطع الموجودة في المجموعة الزجاجية الجميلة، في المتحف من قبل إسماعيل باي.. الطابع الفريد للمتحف الصغير واضح. يحتوي على المجموعة الكاملة الوحيدة التي يمكن من خلالها دراسة تاريخ الفخار الفلسطيني من عصر ما قبل إسرءيل إلى العصر الروماني. ويأمل إسماعيل باي أن يحصل قريباً على سلطة تعيين حارس وطباعة كتالوغ، وفتح المتحف مقابل رسوم دخول رمزية. سيكون الموقع مناسباً للرحالة والمسافرين، حيث يمكن زيارة المتحف بعد جولة في كنيسة القديسة حنّة وبركة بيتصيدا عن طريق التفاف صغير من الطريق الرئيسي المتجه شمالًا من بوابة سانت ستيفان [باب الأسباط](56). ويقول، عند الإشارة إلى محافظة العثمانيين على القطع الأثرية القديمة، فهو يعني بلا شك أن هذه المواد  كانت مخزنة في مبنى المدرسة المأمونية. لم يذكر بليس في تعليقاته بخصوص على دوره في ترتيب وتوضيب مواد المتحف، لكنه بلا شك لعب دوراً مهماً في هذا الشأن. ومن الواضح أن إسماعيل باي أشرف بنفسه على ترتيب وتوضيب اللقى في صناديق بمساعدة الموظفين العاملين  في المتحف، وقام بترتيب جزء من المجموعة بنفسه. كان إسماعيل باي على علم أيضاً بنقص خبرته ورأى الحاجة إلى تعيين خبير في هذا المجال. ورأى بليس أهمية استغلال المشروع السياحي ليشمل زيارة المتحف، مع الدخول إلى المدينة القديمة عبر باب الأسباط من الجهة الشرقية. وكما ذكرنا سابقاً، قام العثمانيون بتحديث حي باب حطة بالكامل وقام الفرنسيون بترميم كنيسة القديسة حنّة الصليبية وطوّروا السياحة في الموقع ليصبح أحد المحطات الأولى على طريق الحجاج في طريق الآلام Via Dolorosa والتوقف عند محطة درب الصليب Via Crucis. كان المتحف، بهذا المعنى، عبارة عن تحويلة قصيرة لجهة الشمال في طريقهم عبر درب الآلام وعلى طول درب الصليب.

الشكل 19: متحف الآثار الفلسطيني، القاعة السفلية”، المتحف القديم”. المصدر: IAA Mandate Archives.

كان دور بليس، بالنسبة لصندوق استكشاف فلسطين، يتمثل في الحصول على نسخ من القطع الأثرية، التي يمكن شحنها من القدس إلى اسطنبول وبيروت ثم إلى لندن. وفي رسالة مؤرخة في تشرين الأول1900، أشار إلى طلبه 66 قطعة أثرية من مجموع 465 قطعة من حمدي باي لإرسالها إلى لندن(57). كما أفاد أن طريقة تصدير هذه الآثار خارج القدس كانت تتم عبر التفاوض مع إسماعيل باي، الذي سيشير بأن هذه القطع مستوردة من مكان آخر وبالتالي قابلة للتصدير، مما يوفر طريقة للتهرب من قانون الآثار(58). ومن الواضح عدم نجاحه في شحن النسخ الأصلية لأن معظم القطع التي عثر عليها من عمليات التنقيب ذات الصلة الموجودة في مجموعة الصندوق هي قوالب من النسخ الأصلية التي قام بعملها بليس وماكاليستر ومساعد محلي يدعى يوسف. أرسلت النسخ الأصلية إلى اسطنبول بينما بقيت النسخ المكررة في متحف القدس(59). ” ثمة هناك 38 حزمة من قوالب ونماذج الصب (64 في المجموع) عثر عليها في الحفريات.. لدى السيد ماكاليستر 80 ورقة من الرسومات”(60). وهذا يشير إلى دراية المسؤولين العثمانيين في موقع عملهم بالاهتمام الأجنبي لنقل الآثار من الإمبراطورية إلى المجموعات الأوروبية وقد استطاعوا عرقلة خطط بليس وزملائه في محاولة التهرب من لوائح الآثار العثمانية.

الشكل 20: متحف الآثار الفلسطيني، القاعة السفلية، 1922. المصدر: IAA Mandate Archives

بينما عمل العثمانيون، بدعم ومساعدة من بليس، على إنشاء المتحف داخل باب الساهرة، بين عامي 1895 و 1899، حوّل صندوق استكشاف فلسطين اهتمامه وتركيزه نحو إنشاء متحف يركز على الكتاب المقدس بشكل خاص. لم يدعم الصندوق مشاركة بليس في مشروع إنشاء المتحف العثماني، وتحت الضغط على ما يبدو، استقال من الصندوق في العام 1900. وواصل العمل على تأسيس المتحف العثماني وتولى حركة نقل اللقى من المواقع التي يرعاها الصندوق إلى المتحف. ويمكن بالتأكيد النظر إلى هذا المسعى من الصندوق في سياق الهدف الأوروبي المتمثل في إنشاء مؤسسات تنافسية في القدس تكون مستقلة عن الدولة العثمانية، وهي عملية بدأها الفرنسيون والروس في وقت سابق من القرن. وفي الواقع، عمل صندوق استكشاف فلسطين على إنشاء مؤسسة تتصدى لمؤسسة أنشأها بالفعل العثمانيون الذين يحكمون المنطقة حينه.

الشكل 21: متحف الآثار الفلسطيني، “المتحف القديم”، القاعة السفلية ، الصناديق المركزية ، 1922. المصدر: IAA Mandate Archives

أما بالنسبة لمتحف صندوق استكشاف فلسطين، فقد كان لديه بالفعل غرفة متعددة الأغراض متوفرة في مكاتب الصندوق في القدس مقابل “قلعة داوود” أو قلعة القدس حيث يعرض التحف والخرائط المعارة من الأفراد وبيع الكتب. وفي تشرين الأول 1899، اقترح الصندوق بناء متحف جديد لكنه أشار إلى عدم تمويله. وبحلول العام 1902، نقلت المجموعة إلى إحدى غرف الأساقفة في كلية القديس جورج، وكانت المجموعة مفتوحة للجمهور حتى العام 1915(61). وبحلول العام 1902، كان ماكاليستر يشتكي بشدة من إدارة المتحف العثماني ومن صعوبة الوصول إلى المجموعات، وأن المنشورات لم تُطبع، وأن التجار في المدينة كانوا يبيعون أجزاء من المجموعة(62). ومن الواضح عدم اتفاق ماكاليستر مع وجهة نظر بليس حول المشروع، ولم يوافق على آرائه تجاه العثمانيين. فقد كان واضحاً اتباعه وجهة نظر تعبر عن تفوق الخبرة البريطانية على الخبرة العثمانية.

لا توجد الكثير من الإشارة تذكر متحف الحكومة مابين 1902 و 1909. واصل بليس، بعد العام 1900، دعم قيمة قانون الآثار العثماني، مشيراً إلى رغبة الأجانب في العمل دون مساءلة أمام السلطات العثمانية في المنطقة. ووفقاً لكتاباته التي تعود للعام 1903، لم يكن لدى الأجانب فهم يذكر للقوانين أو العادات أو شعوب المنطقة التي قاموا بالتنقيب فيها. كما قام، من ناحية أخرى، بتقويم نقدي لعجز الإدارة العثمانية عن تنفيذ القوانين بشكل فعال في الوقت المناسب. ورأى دوره متمثلاً في الالتزام بالمساعدة في ترتيب القطع الموجودة في المتحف(63). وفي العام 1909، خلال فترة حركة تركيا الفتاة، قال ماكاليستر، الذي كان يحتفظ بآراء شديدة السلبية عن المنطقة والمتحف، ما يلي: ذهبت مؤخراً مع سرايا أفندي Surraya Effendi إلى المتحف الحكومي وألقيت عليه نظرة. سوف تتذكر أنني اشتكيت من قبل بسبب إهدار الوقت في تسليم الآثار إلى الأفندية الجاهلين الذين يديرون هذا المتحف، وكيف يقومون بطريقة مثيرة للضجر بتعداد كل شيء مرات ومرات، وكيف  يتعين علي أن ألقي عليهم محاضرة عن كل شيء(64). كما يشير، مرة أخرى، إلى بيع التجار للآثار في المدينة، ويشير إلى عدم وجود حيز في الصناديق لتخزين المواد الجديدة الحالية، وأن العديد من صناديق التعبئة من حفريات المواسم السابقة  ر لم يتم فتحها في المتحف، ويقترح بدلاً من ذلك، نقل صناديق حفريات  موقع “جزر” إلى إسطنبول مباشرة كي تعرض هناك في المتحف الإمبراطوري يشكل مناسب(65). يشير كل هذا إلى اعتقاد ماكاليستر بقدرة البريطانيين على التعامل مع اللقى بشكل أفضل من العثمانيين. وعلى عكس تقويم ماكاليستر السلبي الذي قدمه لصندوق استكشاف فلسطين عن المشاركة العثمانية في  المتحف، لم يكن مسؤولو المتحف العثماني خاملين خلال الفترة العثمانية المتأخرة -فترة عبد الحميد الثاني وبعد العام 1908، فترة حركة تركيا الفتاة. فقد نمت المجموعة بشكل كبير لتشمل أكثر من ستة آلاف قطعة بحلول العام1910 (66). ويبدو واضحاً أن حجم المجموعة زاد على مساحة الغرفة الفردية في المدرسة الثانوية المأمونية التي تم تعيينها كمتحف.

الشكل 22: متحف الآثار الفلسطيني، مخزن، 1922. المصدر: IAA Mandate Archives

دعم نمو مجموعات المتحف بيان صدر في العام 1909 عن رضا علي، مدير مكتب التعليم في المحافظة أو سنجق القدس والمكلف بمسؤولية المتحف. فقد أرسل رضا علي في 12  نيسان 1909 (26 مايس 1325)، مذكرة إلى وزير التربية والتعليم في اسطنبول تشير إلى مسؤولية مدير المدرسة الثانوية المأمونية عن المتحف والحفاظ على الآثار (asar-i atika)، وهو منصب فخري (بدون أجر)، ويبين في المذكرة تردد مدير المدرسة في تحمل المسؤولية، حيث لا توجد سجلات محفوظة للقطع الأثرية، مما سيؤدي إلى فقدانها. وهكذا تم مؤخراً تعيين ضابط متحف (مأمور)، ولجنة خاصة باسم لجنة المتحف (bir komisyon i mahsus) للإشراف على مسؤول المتحف يستطيع تحمل مسؤولية العناية بالآثار(67). وتبع ذلك في 19 حزيران1909 (6 حزيران 1325)، مذكرة أخرى تطلب إحالة القضية إلى مكتب عثمان حمدي باي، المدير العام لمتحف إسطنبول للآثار(68). وفي وقت لاحق ( في 19 حزيران) أصدر عثمان حمدي في اسطنبول أمراً إلى مسؤول التعليم في القدس طاهر بك بتشكيل اللجنة وإنشاء سجل “دفتر” في نسختين لتدوين موجودات المتحف على هيئة قوائم، على أن ترسل نسخة واحدة إلى اسطنبول، وتبقى  النسخة الثانية مع المجموعة  بحوزة إبراهيم أفندي مدير المتحف(69).

أعدت تلك القائمة المكتوبة “الدفتر” بخط اليد في العام 1910 وهي القائمة المشار إليها باسم الفهرس “الكتالوغ” العثماني Ottoman Catalogue بحلول التاسع من كانون الثاني 1911 ( 27 كانون أول 1326) وبقيت موجودة في مكتبة متحف روكفلر ويطلق عليها  كتالوغ متحف فلسطين الأثري لفترة ما قبل الحربPre-War catalogue of the Palestine Archaeological Museum (الشكل 10)(70) على غرار قائمة العام 1900 التي وضعها بليس، حيث تتكون الصفحات الثلاثة عشر الأولى من إدخالات مرقمة مقسمة إلى فئات، مع إدخالات أخرى عديدة تتكون من عناصر أو قطع متعددة. وتتكون المجموعة من 667 إدخالاً بما في ذلك 4،402 عنصراً مع عشرة إدخالات إضافية تذكر قائمة من 17 عنصراً على الأقل. ونجد في الصفحات 13-16 الإشارة الوحيدة للمواقع: تل الجندر (المواد 500-505 و506-665 في دولاب أو خزانة)، جبل الخليل (البنود 566-577 و 578- 582 في الخزانة)، بئر السبع (659 وتشتمل على 160 قطعة)، أريحا (660-667 في خزانتين) تم استلامها في 9  تموز 1910 (26 حزيران 1326)، وأن المحافظ (القائمقام) أرسل من يافا تمثالاً نحاسياً برقم 170 إلى مسؤول التربية في القدس. ولا بأس من ذكر تفاصيل إدخال عينة واحدة فقط من موقع مذكور في الصفحة 16 من الفهرس، والذي سيوضح تنسيق باقي مدخلات الكتالوغ:

الشكل 23: منظر جوي لمتحف الآثار الفلسطيني، 1931. المصدر: Library of Congress

((“العنصر المرقم 659 مكونة من 160 قطعة، أرسلها مكتب محافظ ( قائمقامKaimakamlik) بئر السبع في السابع من آذار1910 (22 شباط 1325)”، مصحوبة بمذكرة تفيد بأن العنصر المكون من 160 قطعة عبارة عن عملات معدنية محفوظة في حقيبة “شنطة torbaا” مع 48 قطعة مكسورة. والباقي سليم)). لذلك، لا تعكس المدخلات المرقمة موضوعاً واحداً. ويمكن أن نتعرف على تدوين مسؤول المتحف مصطفى خلوصي كما يلي: “تلقيتُ هذه القطع النقدية من مسؤول المتحف شوكت أفندي”. وتشير الصفحات الأخيرة (15 و 16) من القائمة لأعضاء لجنة المتاحف وإلى أن القطع المرقمة من 1 إلى 667  وإلى تكليف الهيئة إلى إبراهيم أفندي وأن تظل في صناديق مغلقة (sanduk) حتى موعد ترتيبها وتصنيفها من قبل خبير متخصص (Mütehassis) وتوضع في علب زجاجية أو واجهات عرض زجاجية (camekan). كما يشير الكتالوغ إلى تسجيل الآثار (asar) في الصناديق العشر ومنحها أرقام خاصة. كما ذكر مدير التربية والتعليم في القدس (Kuds-i Şerif Maarif Müdürü) في 7 أيلول 1910 (10 شعبان 1326): أن “محتوى هذا المحرر هو نفسه الموجود بحوزة مأمور أو ضابط المتحف “Müze Memuru”.

وهكذا، في ذلك الوقت، كانت هناك نسختان من كتالوغ أو دفتر في القدس. وتشكلت اللجنة من الأعضاء: إبراهيم خليل (مأمور متحف سابق) ومصطفى خلوصي (مسؤول متحف)، عبد الله رشدي (عضو)، موسى البديري (عضو ومعلم مدرسة إعدادية من القدس)، محمد كميل (عضو)، علي (عضو)، حسين أفني (عضو ومدير مدرسة ثانوية المأمون في القدس). ويظهر تاريخ نيسان 1910 بعد قائمة أعضاء اللجنة. وفي مكان آخر من نفس الوثيقة إشارة إلى وضع اللقى في عشرة صناديق مغلقة(71). ويجب أن تكون الآثار المشار إليها هي العناصر التي ذكر ماكاليستر بأنها لم تعرض أو تخزن في صناديق، ومن الواضح أنها ليست المجموعة بأكملها. وهكذا، قام العثمانيون بسرعة وكفاءة (لفترة من الوقت) بشكل مباشر بمعالجة القضايا والمشاكل التي طرحها ماكاليستر.

ويمكن العثور على أدلة تشير إلى استمرار المشاكل مع إدارة المتحف من خلال النظر في الاتصالات بين مكتب التربية في القدس ما بين 1910 و 1911. ويمكن أن نذكر الالتماس الذي قدمه حسن محسن المدير السايق للمتحف بخصوص إبراهيم باي لجهة عدم تأديته وظيفته على أكمل وجه، ولا ينبغي، بالتالي، تعيينه، لأنه كان مدرساً في مدرسة ابتدائية ولا يمتلك الخبرة اللازمة لوظيفته، وينهي حسن محسن التماسه بوجوب أن يظل هو مديراً للمتحف لأنه لديه خبرة عمرها 25 عاماً في المتحف. وهناك شوكت الخالدي، مقدم شكوى يشرح فيها كيف عزل من منصبه كمشرف (مفوض أو قوميسارkomiser) تنقيب أو مدير ومأمور متحف واستبدل بآخر مفضّل لمدير مكتب التعليم. في هذه الحالة، من الصعب معرفة ما إذا كانت المشكلة ناتجة عن عدم مواكبته للوظيفة، أو التراجع لصالح عائلة الخالدي التي تعتبر من أعيان القدس في نظر إدارة حركة تركيا الفتاة في اسطنبول ورجالهم في القدس(72). وقد رد خليل أدهم، المدير العام للمتاحف في اسطنبول، المعين بعد وفاة شقيقه عثمان حمدي باي، مباشرة على جميع الاستفسارات(73).

أدرك العثمانيون أنفسهم حاجتهم إلى التوسع خارج حدود المتحف الحكومي، الذي كان قائماً في غرفة مدرسة المأمونية الثانوية. إذ لم يعد المرفق قادراً على احتواء المجموعات التي توسعت بشكل كبير مع مواسم الحفريات المستمرة والمتعددة في المنطقة. وكان من بينها بعثات صندوق استكشاف فلسطين في تل جزر وعين شمس؛ والمواقع الأخرى التي تم التنقيب فيها هي تل تعنّك وتل المتسّليم (مجدّو) وتل السلطان (أريحا) والسامرة، وبطبيعة الحال المواقع الأخرى المذكورة أعلاه في فهرس المتحف(74).

في 19 آب و11 أيلول 1911، أشار خليل أدهم، المدير العام للمتاحف في إسطنبول، إلى تخصيص مبلغ 50 ألف قرش، من ميزانية العام 1911 لمديرية المتاحف العثمانية الإمبراطورية، لإنشاء متحف جديد في قلعة القدس. وكانت الأموال مشروطة بقدرة الجيش على إخلاء القلعة(75). وفي 3 تشرين الأول 1911، أبلغت وزارة الحرب أنه لا يمكنها نقل مواقع الاستخدام العسكري للمساحة المخصصة لبضع سنوات،  وقامت المديرية بتحويل الأموال إلى جانب 10 آلاف قرش أخرى  للقيام بإصلاحات وتحسينات في متحف بورصة ولإضافة صالات عرض إلى أكاديمية الفنون الجميلة (Sanayi-i Nefise Maktebi) في اسطنبول، التي أسسها حمدي باي في وقت سابق. وتناقش الوثائق المؤرخة من آب إلى تشرين الأول 1911 مصير الأموال المخصصة في وقت سابق(76).

بدأت السنة المالية 1327 في آذار1911، مما يعني أن الميزانية، بما في ذلك خطط المتحف الجديد، لابد أنها وضعت في خريف العام السابق (1910)، وهو ذات العام الذي تم فيه إعداد الكتالوغ(77). وتشير الخطة التي أعدها العثمانيون والتي يرجع تاريخها إلى ما قبل العام 1898 بوضوح إلى اهتمام العثمانيين بقلعة القدس في ذلك الوقت وتشير الخطة إليها باسم  ميدان إدارة الثكنات الإمبراطورية kisla  Hümayun -i dahiliye meydani (الشكل 11). وتذكر ويندي شو أن الحكومة العثمانية، وبدافع من التغييرات في قانون الآثار العثماني للعام 1907، صاغت، لأول مرة، خطة متحف القدس وكان هذا جزءً من مخطط أكبر بعد العام 1908 لإنشاء ثلاثة متاحف إقليمية أخرى في الأناضول(79)، ولكن الأمر ليس كذلك. في الواقع، كانت خطة العام 1911 تتضمن نقل المتحف إلى القلعة، والتي يمكن أن تستوعب بشكل أفضل المجموعة التي تتوسع سريعاً يوم إثر يوم. واقترح تيودور ماكريدي المعروف باسم ماكريدي بك المولود والمتوفي في اسطنبول (1872 – 1940)، بصفته مفوضاً للمجلس العثماني للآثار (ولاحقاً مؤسس ومدير متحف بيناكي Benaki في أثينا ما بين1931-1940) تحويل القلعة كمتحف لقربها من الأماكن السياحية ومسار الحجاج إلى المدينة. واقترح كذلك تجديد الأبراج الثلاثة للمتحف لتتوافق مع الطابع الأصلي للهيكل الأقدم. وكان على الإدارة المحلية في القدس تحمل المسؤولية القضائية  لرقابة المتحف مع توقع الحصول على  تمويل من السياحة(80). وبحلول الوقت الذي كان على الجيش إخلاء المساحة في القلعة، كانت الخطط العثمانية لإنشاء متحف جديد قد تجاوزها اندلاع الحرب العالمية في العام 1914. ولا توجد بين أيدينا، حتى الآن، وثائق عن حالة المتحف الحكومي وصناديقه لفترة لحرب (1914-1918)، أي السنوات الأخيرة من الحكم العثماني في القدس. وبحلول العام 1917، كان قد تراكم المزيد من الآثار من الحفريات بين عامي 1910 و 1917 ولا شك في أنها كانت معبأة في صناديق للتخزين.

وتعود الوثائق للظهور خلال السنوات الأولى من السيطرة البريطانية على المدينة، وفترة الإدارة العسكرية للانتداب البريطاني (1918-1920)، ومن ثم إلى الإدارة المدنية للانتداب البريطاني (1920-1948). في 10 تشرين الثاني 1918. وأشار رونالد ستورز، الحاكم العسكري للقدس، إلى نيته “تخصيص غرف معينة في القلعة لأغراض المتحف وحراسة الآثار؛ وأدعو لجنة مساحة فلسطين إلى وضع مجموعاتها الحالية، المعبأة الآن في صناديق، ومعرضة لخطر الضياع في هذا المتحف”(81) وأن هناك 120 صندوق مليء بالآثار التي “ظلت مخبأة في المدينة أثناء الحرب” التي استعادها ستورز بحلول العام 1919(82). وهكذا، قام العثمانيون بتعبئة جميع الآثار من المتحف العثماني، أو المتحف الحكومي، كما أطلق عليه البريطانيون أيضاً، وقاموا بتخزينها في أماكن مختلفة في أنحاء المدينة، وكان هذا بلا شك للحفاظ عليها في زمن الحرب. وليس من الواضح ما إذا كانت النية هي شحنها إلى اسطنبول أو وضعها في المتحف العثماني المخطط له حديثاً في القلعة(83).

متحف الآثار الفلسطيني 1919-1930

صار العقيد رونالد ستورز حاكماً عسكرياً للقدس في 8 نيسان 1918(84)، الذي اعتبر دوره هناك جزء من المهمة الحضارية الأكبر لإعادة الأرض المقدسة إلى حكم المسيحيين بعد سيطرة البريطانيين الآن بشكل مباشر على جنوب فلسطين بالكامل: “المنطقة التي تتوافق تماماً، على ما أعتقد، مع التي كان يحكمها بونتيوس بيلاطس”(85). والدليل الملموس على ذلك يكمن في الأسماء التي أطلقها على الشوارع في” المدينة الجديدة “خارج الأسوار، والتي يشير بعضها إلى رؤية صليبية مباشرة، على سبيل المثال شارع “قلب الأسد Coeur de Lion” (الذي سمي فيما بعد طريق المتحف)(86). وكان من بين الدول الداعمة للبعثة البريطانية أميركيون لهم مصالح في القدس والمنطقة. ففي 27 تشرين الثاني 1918، علق جيمس مونتغمري، رئيس اللجنة الإدارية للمدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية، على استيلاء أللنبي على القدس على النحو التالي: “الأرض الطيبة.. أرض الخير، بكل ما في البشرية من بصيرة، باتت حرة تماماً من الحكم التركي السيئ، وها هي الآن تدخل تحت جناح الحضارة التي ستجددها سياسياً واقتصادياً، والتي يجب أن يكون لها اهتمام متعاطف بآمال وخطط العمليات الآثارية. لقد جعلت الأحداث الرائعة التي وقعت في العام الماضي من فلسطين أقرب إلى أذهان الغرب بأقرب مما كانت عليه منذ الحروب الصليبية (87).

وهكذا، كان يُنظر إلى الوجود البريطاني والأجنبي كإنقاذ للقدس والأراضي المقدسة من الدمار الهمجي الذي تسبب فيه الأتراك.  وأنشأ ستورز، خلال فترة الإدارة العسكرية، جمعية حماية القدس The Pro-Jerusalem Society التي كانت  مسؤولة عن إعادة إحياء آثار المدينة، وإنشاء متحف(88)، والاهتمام والحفاظ على الآثار. اقترح إنشاء متحف جديد في القلعة، وسوف يكون على ما يبدو جهداً تعاونياً مع الأمريكيين. كان ثمة خطط لتحويل القلعة بأكملها إلى متحف(88). وقدّم جورج م. ألين، أستاذ الهندسة المعمارية في جامعة كولومبيا في نيويورك، في رسالة بتاريخ 22 نيسان 1919، مخططاً لمتحف في قلعة القدس ليتم تسليمها أولاً للبروفيسور إيغبرت من جامعة كولومبيا الذي كان رئيساً، بحكم المنصب، للمعهد الأثري الأمريكي لتسليمه إلى البروفيسور إدوارد أ. ويتشر من مدرسة سان فرنسيسكو اللاهوتية (الشكل 12). وكان ويتشر، في ذلك الوقت، من سكان القدس ويعمل لصالح جمعية الشبان المسيحيين YMCA ومسؤولاً عن ممتلكات المدرسة الأمريكية، التي أغلقت أثناء الحرب وتم تسليمها للصليب الأحمر(89).

شرع ستورز في حملة تطهير القلعة والثكنات العثمانية السابقة من الأنقاض، والتي أعاقت إنشاء متحف عثماني جديد في الموقع، “بدأت أعمال التطهير والإزالة أساساً على يد جمال باشا”(90). ويقول ستورز عن عملية تطهير القلعة وإعادة بناء الأسوار: “يبدو أن مزامير داود وسحابة من الشهود غير المرئيين كانت مصدر إلهام لعملنا. 18 أَحْسِنْ بِرِضَاكَ إِلَى صِهْيَوْنَ. ابْنِ أَسْوَارَ أُورُشَلِيمَ.[مزمور 51- المترجم] .. لكي يمكن أن نقول: “12 طُوفُوا بِصِهْيَوْنَ، وَدُورُوا حَوْلَهَا. عُدُّوا أَبْرَاجَهَا.13 ضَعُوا قُلُوبَكُمْ عَلَى مَتَارِسِهَا. تَأَمَّلُوا قُصُورَهَا لِكَيْ تُحَدِّثُوا بِهَا جِيلًا آخَرَ.” [مزمور 48- المترجم](91). قامت جمعية حماية القدس في البداية بترميم برج قلعة القدس Hippicus Tower فقط. تم الحفاظ على البرج، الذي كان مستشفى للحمى المبقعة [Spotted fever نوع من الحمى البكتيرية تنتقل للإنسان عن طريق العث والقراد- المترجم]، وتحويل الجزء الداخلي إلى غرفتين كبيرتين للعرض(92). وتم الإعلان عن مشروع المتحف في العام 1921 وخصص له مبلغ 100 جنيه.

إسترليني، وبحلول العام 1924 تم تخصيص 500 جنيه إسترليني لهذا العرض(93). وواضح من خلال هذا السياق عدم التزام البريطانيين بالخطة العثمانية بنقل المتحف الحكومي إلى الثكنات الواقعة جنوب المبنى الرئيسي للقلعة. وفي الواقع، بدأ البريطانيون على الفور في تطهير الثكنات التركية ومن ثم هدمها(94). وهكذا، تم التخلي عن الخطة الأولية برمتها لإنشاء متحف في القلعة.

أقيم المتحف، في نهاية المطاف، في مبنى”Way House واي-هاوس”، على طريق “قلب الأسد Coeur de Lion”، طريق المتحف، المتفرع من طريق نابلس شمال المدرسة الفرنسية للدراسات الآثارية والكتابية Ecole Biblique ضمن ممتلكات الكلية الإنكليزية، حيث يوجد الآن فندق جمعية الشبان المسيحيين YMCA/Legacy Hotel في القدس الشرقية. وسبق إنشاء المتحف، في تموز1920، تأسيس مجلس استشاري آثاري برئاسة البروفيسور ج. غارستانغ، مدير المدرسة الآثارية البريطانية في القدس وأستاذ الآثار في جامعة ليفربول، بمساعدة دبليو. جيه. فيثيان آدامز المدير المساعد بمدرسة الآثار… تم إصدار تصاريح التنقيب في المواقع ذات الأهمية للعديد من الجهات المختصة، وإصدار مرسوم شامل لحماية الآثار(95). وبحلول تشرين الأول 1921، كان مقر المدرسة البريطانية للآثار في الطابق الأرضي في “واي هاوس”.

وبالعودة إلى نشاط ستورز، نجده يصرح يوم 10 تشرين الثاني 1918 بعزمه التواصل مع المدرسة الأثرية الأمريكية لإنشاء مكتبة آثارية مشتركة(96). كان المبنى عبارة عن منزل حجري من ثلاثة طوابق يعود للفترة العثمانية، تملكه عائلة “قطينة” المقدسية، اشتراه البريطانيون أو استولوا عليه(97)، ويمتاز ببوابة رائعة مازالت قائمة حتى الآن (الأشكال 13-15). تم تثبيت لافتة في الجزء العلوي من البوابة تشير إلى أنه كان فيما مضى مقر دائرة الآثار؛ وإلى اليسار لافتة أخرى تشير إلى الوجود السابق للمدرسة البريطانية للآثار وإلى اليمين لافتة تعلن عن مكتبة المدرسة الأمريكية للبحوث الأثرية. على يسار البوابة كانت نافورة، ويحيط بالمبنى سياج حجري منخفض، مازال معظمه قائماً حتى يومنا هذا. كان الوصول إلى مدخل المتحف الذي يقع في الطابق الثاني من خلال درج حجري متصل به من خارج المبنى (شكل 16). واستُخدم المبنى في العام 1948 كموقع عسكري أردني، لتقوم الهاغاناه اليهودية بتدميره مع أساساته حسبما يشير أحد المصادر(98). ويوجد قرب المكان نصب تذكاري يشير إلى حيث سقط قتلى من الجنود الإسرائيليين في حرب 1967 بجوار القنصلية الأمريكية السابقة، والمركز الثقافي الأمريكي الحالي في القدس الشرقية. كما تعرضت ورش الفخار الفلسطينية الواقعة على طريق نابلس لأضرار جسيمة في حرب 1967، ويتذكر أمين المكتبة في معهد كينيون (CBRL) أن المبنى تعرض للقصف آنذاك. لذلك، أود أن أقترح تاريخاً بديلاً لتدمير هيكل المتحف في 1967. لم يبق من الموقع سوى البوابة والمبنى الخارجي الواقع إلى الجنوب من موقع المتحف.

بحلول تشرين الأول1921، تم تخصيص غرفة واحدة في “واي هاوسWay House” لتكون مكتبة المدرسة الأمريكية للآثار(99). ويقول ستورز يوم 10 تشرين الثاني 1918، كيف: “كان يدعو لجنة مسح فلسطين لوضع مجموعاتها الحالية، والمعبأة الآن في صناديق” في غرف القلعة التي تم تخصيصها “لأغراض المتحف”. وأشار مقتطف من أعمال السنة (تموز 1920 – تموز 1921) إلى ما يلي: تضمن الحفاظ على جميع الآثار المنقولة في البلد إنشاء متحف مركزي يضم 120 صندوق أثري كانت مخبأة في المدينة خلال هذه فترة الحرب استعيدت في العام الماضي. (بفضل ستورز) شكّل العديد من هذه الصناديق نواة المجموعة المحلية في وقت لاحق، بينما يبدو البعض الآخر ثمرة حفريات ما قبل الحرب وكانت معبأة وجاهزة للنقل إلى القسطنطينية. لم يكن هناك كتالوغ، وكان لابد من تحديد مصدر كل شيء بدقة بالرجوع إلى المنشورات وأساليب المقارنة. وفي الشتاء الماضي، تم فهرسة أكثر من 6000 قطعة وإعداد جرد مناسب(100). وبحلول خريف العام 1921، أصبح فيثيان آدمز أول أمين للمتحف (عين في منصبه في شباط 1919). وكانت مهمته الأولى تفريغ صناديق الآثار التي كانت مخزنة في أماكن مختلفة في أنحاء القدس(101). وهي الصناديق التي قام المسؤولون العثمانيون في المتحف الحكومي بتعبئتها بحلول العام 1917 وتخزينها في المدينة. ويتوافق عدد الأعمال بدقة مع الرقم المدرج في الكتالوغ التركي العثماني للعام 1910 مع إضافات لاحقة من الحفريات بين عامي 1911 و 1917. وهكذا شكلت مجموعة المتحف العثماني المجموعة الأساسية لمتحف الآثار الفلسطيني الجديد برعاية بريطانية(102).

عندما قام فيثيان آدمز بتفريغ الصناديق، أشار إلى أنه “لم يكن هناك كتالوغ، ويجب تحديد مصدر كل عنصر بدقة من خلال الرجوع إلى المنشورات وطرق المقارنة”(103). من المؤسف أن فيثيان آدمز لم يكن على علم بالكتالوغ العثماني عندما فتح الصناديق وشرع في مشروعه الضخم لتصنيف كل شيء. في الواقع، ونظراً لأن الكتالوغ كان موجوداً في أرشيفات روكفلر، فمن المحتمل أنه كان موجوداً في قسم الآثار وقت مشروع فيثيان آدمز. وبعد الانتهاء من التصنيف، رتب آدمز الموضوعات في علب زجاجية في غرف المتحف.

ويمكننا الاستشهاد بالتقرير الرسمي في الأرشيف عند الحديث عن الافتتاح الرسمي للمتحف في 31 تشرين الأول1921: “افتتح متحف الآثار الفلسطيني رسمياً من قبل سعادة المندوب السامي، برفقة السيدة صموئيل في 31  تشرين الأول، في الساعة الرابعة مساءً… وأشار، في معرض حديثه عن تاريخ المتحف، إلى مدى اختلاف سياستنا عن سياسة الأتراك. ولولا يقظة وتدخل السيد ستورز لإنقاذ 120 صندوقاً من الآثار، كانت معبأة وجاهزة للنقل إلى تركيا أو ألمانيا، لكنا ربما فقدناها أو حتى تعرضت للتدمير.. كان المتحف في القدس ضرورياً بالنسبة لنا. هنا، كما في أثينا وروما، نتنفس [كذا] جواً من التاريخ. وبالنسبة لنا، كما بالنسبة لهم، مثل هذه المجموعة لا غنى عنها تماماً… وقد أشار معاليه إلى ما يمكن أن يقال عن المتحف كأداة لتعليم التاريخ عبر الأمثلة. تستمد القدس الإرشاد والإلهام والإنذار من إنجازات وأخطاء من سبقوها وهي دراسة الآثار، وهي أفضل وسيلة لإرساء أسس معرفتنا التاريخية”(104).

أشار خطاب المفوض السامي اللورد هربرت صموئيل في الافتتاح إلى تفوق الأساليب البريطانية على الأساليب التركية. كانت هذه “مهمة خلاص الماضي” من خلال الحفاظ على الآثار. تجاوزت البعثة البريطانية مهامها أيضاً من مجرد إنشاء مؤسسة بريطانية جديدة أخرى في القدس، بل كانت تهدف إلى منافسة مجموعات أثينا وروما. وفيما يتعلق بالمتحف، ذكر فيثيان آدمز كيف “سيتم تجميع المواد ذات الطابع المعماري والمنحوتات الأكبر حجماً، إن أمكن، داخل القلعة، حيث الغرف المجهزة في برج القلعة Hippicus Tower من قبل قسم المعارض”(105). وهكذا كان هناك مبنيين مخصصين لاحتواء الآثار في القدس، “واي هاوس” وبرج قلعة القدس، وتم ترميم غرفة واحدة من قبل ستورز في وقت سابق. وعلى الرغم من التأكيد بنقل المتحف بالفعل إلى القلعة، فمن الواضح أن هذا لم يحصل(106).

ويشير تقرير رسمي صادر عن الإدارة المدنية بتاريخ 1 تموز 1920 و 30 حزيران1921 إلى أن المتحف “يضم سلسلة من القدور مرتبة حسب فتراتها من عام 2000 ق.م إلى 300 ميلادي، ولقى أخرى من البرونز والجعران والمجوهرات الذهبية والخرز القديم والزجاج، ومجموعة رائعة من أكثر من 400 قطعة نقدية”(107). وعرض في “حديقة الدخول” وفي الرواق أو الباحة تم تثبيت حجارة بها نقوش يونانية ورومانية وحجر واحد بالعبرية من كنيس يهودي في أوفيل [تل الظهور]. وفي منطقة العرض الداخلية الرئيسية ثمة حافظات جدارية تحتوي على فخار مرتبة زمنياً: فعلى الجدار الأيسر، كانت صناديق تحتوي فخار من عصور أقدم عثر عليها في فلسطين إلى آخر صندوق ينتمي إلى الفخار البيزنطي؛ وعلى الجدار الأيمن كان يعرض الفخار القبرصي والفلسطيني لأغراض المقارنة؛ وفسيفساء من عين ديوك  Ain Duk عليها حروف عبرية. وصندوق مركزي كبير يحتوي لقى ومجوهرات فضية وبرونزية أكثر قيمة (الأشكال 18-21)(108). وفي العام 1924، قدم فيثيان آدمز وصفاً تفصيلياً لتنظيم المجموعة: الفهرس الحولي Yard Book Catalogue: يتم تسجيل جميع المواد التي حصلنا عليها على الفور في فهرس الكتاب السنوي، والذي يتكون حالياً من تسعة كتب عسكرية تحمل الرقم. 124- الأحرف الأولية التالية قيد الاستخدام:

  1. B. للأوعية والصحون ولأي وعاء ذو فتحة أكبر من ارتفاعها
  2. G. لجميع الأشياء الزجاجية ما لم يتم وصفها بشكل مناسب على أنها مجوهرات وفقاً للحرفين J.H. لجميع الأشياء المصنوعة من العاج والعظام القرنية
  3. L. مصابيح.
  4. M. جميع الأشياء المعدنية التي لا تندرج تحت الحرفJ
  5. P. جميع قطع الفخار والأواني الفخارية لاتي لا يمكن وضعها تحت الحرف V

S جميع المواد الحجرية.

  1. V. المزهريات التي ليست قدور أو أوعية أو صحون.

كان القصد من ذلك تحديد موقع كل قطعة أثرية في الكتاب السنوي ومكانها الحالي: في غرفة الانتظار (مكتب أمين المتحف)، أو في غرفة البيع (المزادات)، أو صالة العرض (المتحف ذاته).

فهرس دليل المتحف (صالة العرض):

يتضمن هذا الكتالوغ أرقام كل قطعة موجودة في صالات العرض مع موقعها فيه، على سبيل المثال. في الفناء، أو الدهليز، أو القاعة، أما بالنسبة للصناديق فيمكن يمكن العثور عليها مع رقم ملصق عليها، وهذه الأرقام هي نفسها المستخدمة في دليل المتحف. وكان القصد وجود هذا الفهرس إنتاج كتالوج بطاقات مما سيعني سهولة في البحث والعمل وإتقان أكثر مما هو عليه الحال في كتالوج الكتاب السنوي الذي تم إنتاجه على عجل. وسيبدأ فهرس دليل المتحف بالمواد المعروضة فعلاً ويحتضن أخيراً جميع الآثار المخزنة في المبنى. والميزة الرئيسية لهذا النظام تكمن في إمكانية استخدام البطاقة في حال غياب أو اختفاء المادة عند رفعها من الصندوق لأغراض الإصلاح مثلاً، نظراً لأن لكل عنصر بطاقة خاصة به. وهذه مسألة هامة على وجه الخصوص في حال كان المتحف يعتمد على عامل صيانة من خارج المتحف(109). كما كان هناك مكتب للمتحف وغرفة فهرسة وغرفة عرض من المستوى الثاني وممرات تخزين(110).

نشر فيثيان آدمز وغارستانغ، في العام 1924، كتالوغ المجموعة يتضمن مخططاً لقاعة العرض الرئيسية (الشكل 18)(111). يعرف فيثيان آدامز المنطقة الجغرافية أولاً بأنها “حلقة الوصل بين مصر وشمال سوريا” مع شمال فلسطين الممتد “من جبل الكرمل إلى جبل. جلبوع “. وتعد حضارة فلسطين المبكرة، وفقاً له، مزيج من الثقافات الأصلية الكنعانية والمصرية والشمالية السورية، بما في ذلك الثقافات البابلية والحثية والآشورية. اقتصرت عروض المتحف على الأشياء التي توضح السمات الثقافية المذكورة أعلاه وعرضها في صناديق حسب الفئات المؤرخة التالية:

الصندوقA) قبل العام 2000 ق.م، العصر البرونزي المبكر

الصندوق B) الفترة 2000-1200 ق.م، العصرين البرونزي الوسيط والمتأخر (الشكل 19)

الصندوقC) الفترة 1200-600 ق.م، العصر الحديدي المبكر

الصندوق D) الفترة600 ق.م-600 م، العصرين اليوناني الروماني (الشكل 20)

الصندوق E) أختام وجواهر

الصندوق F) زجاج ومعدن وأشياء صغيرة من الطين

الصناديقG & H، العملات المعدنية اليهودية والرومانية (الشكل 21).

كان المقصود لاحقاً تحديد موقع كل قطعة أثرية في الكتاب السنوي وأماكن تواجدها في الغرفة الأمامية (مكتب مأمور المتحف) أو غرفة البيع (المزادات) أو قاعة العرض (المتحف بحد ذاته)

 هناك مزيد من المناقشة التفصيلية للمواد الواردة في الحالات المشار إليها من قبل الموقع. كانت توجد خريطة للموقع في مدخل المعرض (غير موضحة في الصورة) عند مدخل القاعة السفلى(112). وهكذا فقد امتلأ المتحف بسرعة، وفي النهاية بني مخزن لاحتواء الفائض (الشكل 22)(113). وبعد فترة وجيزة من افتتاحه، بدأت المناقشات حول نقله إلى موقع جديد. وكان أول موقع مقترح هو القلعة، وقام مكتب المهندس المعماري أوستن سانت باربي هاريسون، مدير دائرة الأشغال العامة في القدس، بوضع خطة تضمنت الخطة المساحة الكاملة للقلعة بما في ذلك قلعة داود وقلعة القدس، والقاعات المتصلة والمسجد، واستثنيت الثكنات العثمانية القديمة التي لا يزال يتطلب معظمها ترميماً كبيراً. كان هناك العديد من المشاكل المشار إليها بخصوص استخدام الموقع كمتحف، حيث أكد البعض عدم صوابية تحويل القلعة إلى متحف(114). وأعرب مدير الآثار، جون غارستانغ، في رسالة إلى اللورد صموئيل في 20 تموز 1923، عن مخاوفه الكثيرة “من وجهة نظر فنية وإدارية”؛ كان لديه تحفظات في رؤيته “نواة المتحف الدائم” بهدف “التوسع المستقبلي”(115). وأدى هذا إلى التفكير إلى النظر في شراء قطعة أرض خارج بوابة هيرود [باب الساهرة]، بجوار المدرسة الرشيدية التي تعود للعهد العثماني، وهي الأرض التي يقع عليها قصر الشيخ الخليلي من القرن الثامن عشر، والتي لا تزال قائمة كجزء من المتحف “الجديد” (الذي يضم الآن مكاتب المتحف)(116). [شيد قصر الخليلي في العام 1711، على تلة تعرف باسم “كرم الشيخ الخليلي” مفتي القدس، وتطل التلة على البلدة القديمة وجبل الزيتون في نهاية شارع السلطان سليمان القانوني مقابل الزاوية لشمالية الشرقية للسور “برج اللقلق” ويلاصق القصر المدرسة الرشيدية من جهة الشرق. وقصر الشيخ الخليلي من أوائل المباني التي شيدت خارج سور البلدة القديمة-المترجم]. أعيد تسمية المتحف باسم متحف الآثار الفلسطيني، المعروف اليوم أيضاً باسم متحف روكفلر. وتظهر المناقشات المتعلقة بشراء الموقع في مراسلات بدأت في العام 1925، وتم التخطيط من قبل المهندس المعماري هاريسون المذكور أعلاه. وبدأ البناء في العام 1930 بتمويل كبير من مليوني دولار تبرع بها جون دي روكفلر، مما أدى في النهاية إلى نقل المجموعات وافتتاح المتحف في العام 1938 (الشكل 23)(117).

القلعة والمتحف الإسلامي ومتحف بتسلئيل [بصلئيل]

يشير بيان اللورد صموئيل الافتتاحي في العام 1921 إلى أن المتحف الحالي، متحف الآثار الفلسطيني، كان مخصصاً فقط للقى الصغيرة وأن الغرف [التي لم يتم ترميمها بعد] كانت مخصصة في القلعة للفن العربي واليهودي. كما كان هناك مشاريع متاحف جديدة من المتوقع أن تكون في عكا وعتليت وعسقلان وقيسارية، سوف تكونن بعد الإنجاز، تحت إشراف أمين المتاحف، فيثيان آدمز(118). وخلال العامين 1921 و 1922، أقامت جمعية حماية القدس ثلاثة معارض في غرفة واحدة ببرج القلعة الذي تم ترميمه. ركّز معرض العام 1921 جزئياً على تخطيط المدن والاحتفال بإحياء الحرف المحلية من قبل الجمعية. تناول معرضا العام 1922، على التوالي، الصناعات الحرفية المحلية في فلسطين، تلاهما معرض آخر ركز على الحرف المحلية من حيث علاقتها بالزراعة(119).  وعلى حد علمي، لم تكن هناك معارض للفن العربي أو اليهودي في ذلك الوقت. في الواقع، أنجز القليل من تنظيف الموقع بحلول العام 1923(120). وفي رسالة إلى أحد المانحين في نيسان1922، كتب فيثيان آدامز يشرح عدم وجود متحف للفن اليهودي في القدس، ولكن هناك أمل في تأسيس قسم مستقبلي من المتحف لهذا الغرض(121). وثمة رسالة أخرى من الفترة ذاتها، من فيثيان آدمز إلى إليعازر بن يهودا (1858-1922) يعرب فيها عن مخاوفه من أن تحضير القلعة سوف يستغرق وقتاً طويلاً، كما أبدى شكوكاً حول مدى ملاءمتها لتكون متحفاً، ونصح بإرسال المجموعات من طبريا إلى متحف “بتسلئيل” في القدس(122).

كما تم إنشاء لجنة للدائرة اليهودية في القلعة في أوائل العشرينات من القرن الماضي. كان الأعضاء أليعازر بن يهودا، د. بيك من اللجنة الصهيونية، البروفيسور سلوش كمحافظ، والسيد يلين(123). وكانت مجاميع الفن اليهودي موجودة مؤقتاً في متحف أكاديمية بتسلئيل للفنون بنيّة فتح متحف للفن اليهودي مخصص للقلعة، والذي افتتح كمتحف في العام 1935. وتم إيجاد حل آخر لعرض “الفن العربي” أو الفن الإسلامي. وفي كانون الأول /ديسمبر1921، أنشأ اللورد صموئيل المجلس الإسلامي الأعلى، الذي يضم أعضاء يمثلون القدس ونابلس وعكا، من العائلات البارزة، وبلغت ميزانيته 50 ألف جنيه إسترليني. وفي 9  كانون الثاني 1922 انتخب أعضاء المجلس: الحاج أمين الحسيني، محمد أفندي مراد، عبد اللطيف بك صلاح، سعيد الشوا، عبد اللطيف الدجاني. عمل المجلس على تأسيس المتحف الإسلامي في العام 1922، الذي كان من المقرر أن يضم مجموعة الفن الإسلامي في القدس، وكان مقره، أولًا، في رباط المنصوري، بالقرب من مدخل باب النذير (باب المجلس اليوم) للحرم الشريف وانتقل، في العام 1929، إلى موقعه الحالي في الركن الجنوبي الغربي للحرم الشريف(126).- عين المجلس عادل جبر مديراً للمكتبة والمتحف. وعندما نُقل المتحف في العام 1929، كان الشيخ يعقوب البخاري يشرف على كليهما لبعض الوقت(127).

خاتمة

تشوه سردية تاريخ إنشاء المتحف العثماني، إلى حد كبير، الدور الذي لعبه العثمانيون. حيث يتم بصورة أساسية، تجاهل المساهمة المحلية من الوجهاء الفلسطينيين في القدس، وتشير الدراسات السابقة إلى استمرارية ضئيلة للمتحف العثماني ومجموعاته بالمقارنة مع متحف الآثار الفلسطيني البريطاني ومجموعته. ويقوم هدف هذا المقال على تقديم رواية بديلة لتلك التي طرحها باحثون بريطانيون وأجانب وفلسطينيون وإسرائيليون يرون أن التجسيدات المتعددة لمتحف الآثار قد تم إنشاؤها بشكل مستقل. وكان يُنظر إلى المتحف كأحد الأصول التي تجمع سرديات متعددة تركز على الاعتبارات الإمبراطورية والقومية والكتابية ومطالب الحيازة والملكية. وتعتمد الروايات المكتوبة حتى الآن على موارد أرشيف صندوق استكشاف فلسطين ومصادر ثانوية باللغة الإنكليزية. وسوف تظهر لنا وجهات نظر مختلفة تماماً عندما نتفحص المزيد من الأدلة من وجهات نظر متعددة. إن مجرد خدش سطح المصادر المكتوبة باللغتين العثمانية والتركية الحديثة، و “التنقيب” قليلاً في أرشيفات فترة الانتداب في القدس، وتوغل بسيط في المصادر العربية في أرشيف أبو ديس، سوف يؤدي إلى ظهور رواية مختلفة تماماً. علاوة على ذلك، يوفر دمج الأدلة من الروايات المتعددة المكتوبة بالفعل رؤية أكثر شمولية لمجموعة الآثار في المنطقة وتوضعها  في متحف في القدس.

تشير هذه الرواية، في رؤيتها من خلال منظور شديد التركيز، إلى سلسلة متصلة من المتحف العثماني (1901-1917) في القدس ومجموعاته، إلى متحف الآثار الفلسطيني البريطاني (1921-1930) ووصولاً إلى متحف الآثار الفلسطيني (1930 -1935) حتى افتتاحه في العام 1938. وعلى الرغم من تركيز البريطانيين على لقى المواقع الكتابية في فلسطين في متاحفهم الجديدة، فقد حرصوا على إنشاء المتحف الإسلامي (1922) في الحرم لوضع مجموعة القدس الإسلامية. كما شاركوا في عملية إنشاء متحف لمجموعة الفن اليهودي.

إن السعي لمزيد من البحث في أرشيفات إضافية، مثل أرشيف مكتب السجلات العامة البريطاني (PRO) في بريطانيا، والأرشيف الوطني التركي Başbakanlık Arşivi ، ومكتبة مركز أبحاث التاريخ والفنون الإسلامية IRICA في قصر يلدز في اسطنبول، ومصادر بالعبرية (لم أفحصها)، كما يمكن لأرشيف أبوديس أن يثري ويغني السرد الحالي فيما يتعلق بجميع متاحف القدس التي تركز على مجموعة الآثار. وسوف تعزز سردية هذه الدراسة استمرارية هذه المتاحف بدلاً من تفردها الداعم للهوية الإمبراطورية أو القومية.

….

ملاحظات

العنوان الأصلي:

 The Imperial Museum of Antiquities in Jerusalem, 1890-1930: An Alternate Narrative

المؤلف: Beatrice St. Laurent, Himmet Taskömür

الناشر: Jerusalem Quarterly 55 . https://vc.bridgew.edu/art_fac/7

*بياتريس سانت لوران حاصلة على درجة الدكتوراه في الفن الإسلامي والعمارة من جامعة هارفارد وتعمل أستاذة لمادة تاريخ الفن في قسم الفنون في جامعة بريدجووتر ستيت/ ماساتشوستس. ركزت، منذ العام 1990، وتركز أبحاثها على قبة الصخرة واثار الحرم الشريف

*همّت تاشكومور أستاذ مادة اللغة التركية العثمانية والحديثة في قسم لغات وحضارات الشرق الأدنى في جامعة هارفارد.

…..

هوامش

1.قامت بياتريس سانت لوران بإعداد هذه المادة وجمعها بورقة بحثية بعنوان “المؤسسات الثقافية والسياسة: متحف الآثار الفلسطيني 1890-1920″، للمشاركة في المؤتمر الدولي للتاريخ الاجتماعي والاقتصادي للإمبراطورية العثمانية وتركيا، الذي عقد في أكس إن بروفانس Aix-en-Provence، (1-4 تموز1992). وتتوسع المقالة الحالية في مادتها لتشمل التاريخ اللاحق للمتحف بين عامي 1920 و 1935. وعمل همّت تاشكومور على ترجمة أجزاء من الكتالوغ العثماني للعام 1910 وحصل على بعض الوثائق وترجمتها من الأرشيف الوطني التركي [Başbakanlık Osmanli Arşivi] في إسطنبول.

2- أشعر بالامتنان للمساعدة التي قدمها كل من: روبرت تشابمان الثالث، مدير صندوق استكشاف فلسطين وشمعون جيبسون، مسؤول التصوير الفوتوغرافي في الصندوق في أوائل التسعينيات عندما بدأت البحث في هذا الموضوع، كما أشكر باروخ براندل، مدير مكتبة وأرشيف متحف روكفلر / سلطة الآثار الإسرائيلية لتزويدي بالكتالوغ العثماني للعام 1010، ولا أنسى مساهمة سيلفيا كرابيوكو، من قسم المحفوظات وحفظ الخرائط، في مساعدتي في بحثي عن المواد الأرشيفية، وآرييه رحمن هالبيرن مساعد مدير المحفوظات، وجيمي لوفيل، المدير السابق، وكلوي ماسي، متدربة سابقة، وأبو هاني، أمين مكتبة كينون؛ CBRL للتنسيب الرسمي لمشاريعي في معهد كينون. وخضر سلامة المدير السابق لمكتبة الأقصى والمتحف الإسلامي للدخول في الفترة 1993-1994 إلى دفاتر قاضي السجلات، التي تم حفظها بعد ذلك في المكتبة وتقع الآن في أبو ديس. وبخصوص السجلات انظر، “Jerusalem’s Islamic Archives: Sources for the Waqf in the Ottoman Period,” Jerusalem Quarterly 22-23 (Fall & Winter 2005): 80-85.

3.لمزيد عن تاريخ الدولة العثمانية خلال فترة التنظيمات، وعبد الحميد الثاني وفترة حركة تركيا الفتاة انظر من بين العديد: Bernard Lewis, The Emergence of Modern Turkey  3rd Ed. (Oxford: Oxford University Press, 2002), Stanford J. Shaw and Ezel K. Shaw, The History of the Ottoman Empire and Modern Turkey, 2 vols. (Cambridge: Cambridge University Press, 1977), Justin McCarthy, The Ottoman Turks (London: Longman1997), Şükrü Hanioğlu A Brief History of the Late Ottoman Empire (Princeton: Princeton University Press, 2008) Rodrik   H. Davison, Nineteenth Century Ottoman Reforms and Diplomacy (Istanbul: Isis Press, 1999).

4.انظر،Selim Deringil, “The Invention of Tradition as Public Image in the Late Ottoman Empire, 1808-1908,” Comparative Studies in Society and History XXXV, 1 (January 1993): 28 and n. 94. See also his The Well-Protected Domains: Ideology and the Legitimation of Power in the Ottoman Empire 1876-1909 (London: I. B. Tauris Ltd., 1998) and for education reform, see Bayram Kodaman, Abdülhamit Dönemi Eğitim sistemi (Istanbul: n.p, 1983.)

  1. قمت بفحص هذه الألبومات للمرة الأولى وكانت موجودة في مكتبة جامعة إسطنبول، ونقل عدد كبير منها، فيما بعد، إلى جامعة يلدز في اسطنبول، كما أرسلت مجموعات إضافية منها كهدايا لمكتبة الكونغرس (54 ألبوم) والمكتبة البريطانية في العام 1894 ومازالت حتى اليوم في تلك المكتبات، ألبومات الكونغرس متاحة الآن للجمهور رقمياً.

6 تناولت هذا الموضوع لأول مرة في Beatrice St. Laurent, Ottomanization and Modernization The Architecture and Urban Development of Bursa and Genesis of Tradition 1839-1914 (Doctoral dissertation, Harvard University, 1989) ، الذي يستكشف المفاهيم المزدوجة للعثمنة الجديدة والتحديث في العمارة والخطة العمرانية لمدينة بورصة في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، في فترة التنظيمات، وعهد عبد الحميد الثاني وحركة تركيا الفتاة.

7 للحصول على ملخص موجز عن المتاحف في الإمبراطورية العثمانية، Wendy Shaw, Possessors and Possessed: Museums, Archaeology, and the Visualization of History in the Late Ottoman Empire (Berkeley: University of California Press, 2003). انظر أيضاً،Scramble for the Past, Zainab Bahrani, Zeynep Çelik and Edhem Eldem, eds. (Istanbul: SALT/Garanti kültür.

8 ناقشت بياتريس سانت لوران الأعمدة البيزنطية في ورقة ندوة غير منشورة، Harvard University, 1980. كان تشييد المعالم الأثرية على أنقاض المواقع القديمة ممارسة شائعة في الإمبراطورية البيزنطية. على سبيل المثال، شيدت الكنيسة البيزنطية على أنقاض معبد ساردس.

9.انظر،Shaw, Possessors, 46.

10.انظر،Shaw, Possessors, 91-94.

11.انظر،Shaw, Possessors, 96

12.انظر، Shaw, Possessors, 96. أناقش هذا الأمر أيضاً في: Beatrice St. Laurent, “Ottoman Architectural Theory and Historicism. The Genesis of Tradition 1860-1914,” College Art Association, Annual Meeting, 21-23 February 1990, Washington, DC، ورقة غير منشورة.

13.انظر،Shaw, Possessors, 96-7 تشير “ويندي شو” إلى اقتراح مصطفى سيزر، كاتب سيرة عثمان حمدي بأن الاختيار كان على أساس السياسة الإسلامية الحميدية. وبناء على بحثي السابق أتفق مع رأيه في أن الاختيار استند على دافع السيطرة على الإرث الثقافي العثماني.

14.انظر،Shaw, Possessors, 107, 149-56. للحصول على تاريخ كوجز عن  خليل أدهم إلديم، انظر. L. A. Mayer, “In Memoriam: Halil Edhem Eldem (1861-1938),” Ars Islamica Vol. 6, No. 2 (1939): 198-201؛ تسرد هذه المقالة أيضاً سجل النشر المهم. وبخصوص تأسيسه متحفين جديدين عام 1914، انظر: “Halil Edhem on the Museum of Pious Foundations,” in Bahrani et al., Scramble for the Past, 418-21.

15.انظر، Shaw, Possessors 156-63, 208-212

16.انظر،Wendy Shaw, “From Mausoleum to Museum,” in Scramble for the Past, respectively pp. 427 and 425.

17.انظر،Shaw, Possessors, 24. نوقشت هذه المسألة في أطروحتي الدكتوراه، Ottomanization and Modernization.

18.انظر،Shaw, Possessors, 85-86. Edhem Eldem, “From Blissful Indifference to Anguished Concern: Ottoman Perceptions of Antiquities, 1799-1869” in Scramble for the Past, 281-283. يفترض هذا المرسوم على أنه “القانون الضائع”. ومن غير الواضح لماذا يقول عنه هكذا، لأن الآخرين، بما في ذلك ويندي شو الذين ناقشوا محتويات المرسوم، أشاروا إلى أنه يشير إلى نشر القانون مترجما.

19 للتهجئة البديلة لاسم Goold، انظر Ferruhart Turac and Vefa Sandikcioğlu، Galatasaray Lisesi (Mekteb-I Sultani) 1868-1968 (S 1.sn Gün Matbaasi ) 66. انظر أيضاً Sibla Sahin Marketing Strategies for the State Museums od Turkey: The Case of the Museum of Turkish and Islamic Art (Istanbul Master´s Thesis Yditepe University, 2010).

20.بخصوص أحمد وفيق باشا، انظر. Beatrice St. Laurent, “Un Amateur de théatre: Ahmed Vefik Pasha et le remodelage de Bursa dans le dernier tiers du XIXe siècle,” in Villes ottomanes à la fin de l’Empire, (Paris: Harmattan, 1992), 95-113; St. Laurent” Bir Tiyatro aşığı: Ahmet Vefik Paşa Ve XIX yüzyıl Sonlarinda Bursa ´nun Yeniden Biçimlendirilişi” in Bir Masaldi Bursa, ed. Engin Yenal, (Istanbul, Yapi ve Kredi Yayinlari 1996) 105-117

21.انظر،Shaw, Possessors, 89.

22.انظر، Athar-i – Atika Nizamnamesi (Istanbul: Asir Matbaasi 1322/1874).

23.انظر،Shaw, Possessors, 90.

  1. تتكون وثيقةAthar-i – Atika Nizamnamesi (Istanbul: Asir Matbaasi 1301/1884) من تسع صفحات توضح اللوائح الجديدة للآثار. نشرت نسخة فرنسية في العام 1324 (كتبت 1322). Règlement sur les Antiquités (Istanbul Imprimerie 1324/1907).

25.انظر،Shaw, Possessors, 110-130

26.انظر،Issam Nassar, “Jerusalem in the Late Ottoman Period; Historical Writing and the Native Voice,” in Jerusalem Idea and Reality ed. T. Mayer and S. Ali Mourad (London: Routledge, 2008). راجع أيضاً كتابه السابق: “Reflections on Writing the History of Palestinian Identity” Palestine-Israel Journal, Vol. 8 No 4, 2001 and Vol. 9 No 1, 2002, pp. 1-10. http:// www.pij.org/details.php?id=791. Accessed 3 October 2013.

27 مصادر أواخر التاسع عشر وأوائل القرن العشرين عن تطور القدس كثيرة جداً بحيث لا يمكن الاستشهاد بها جميعاً وسوف نقتصر على عدد محدود جداً من المنشورات الهامة ذات الصلة بهذا المقال: Yehoshua Ben-Arieh, Jerusalem in the Nineteenth Century, 2 vols. (New York: St. Martin’s Press, 1984), Ruth Kark and Michal Oren-Nordheim, Jerusalem, and its Environs: Quarters, Neighborhoods, Villages 1800- 1948 (Jerusalem: The Hebrew University Magnes Press, 2001). ولفترة الحرب العالمية الأولى، انظر: Salim Tamari, “The Great War and the Erasure of Palestine’s Ottoman Past,” in Transformed Landscape: Essays on Palestine and the Middle East in Honor of Walid Khalidi, ed. C. Mansour and L. Fawwaz (Cairo: The American University Press, 2009). وكتابه الأخير Year of the Locust: A Soldier’s Diary and the Erasure of Palestine’s Ottoman Identity (Berkeley: University of California press, 2011) . ومقال يلخص بشكل جيد هذه القضايا: Roberto Mazza, “Missing Voices in Rediscovering Late Ottoman and Early British Jerusalem,” Jerusalem Quarterly 53 (Spring 2013): 61-71؛ انظر أيضاً: Jerusalem: From the Ottomans to the British (London and New York: L. B. Tauris Publishers, 2009). للحصول على مقالة أقدم تتناول هذه القضية، انظر: Beshara B. Doumani, “Rediscovering Ottoman Palestine: Writing Palestinians into History,” Journal of Palestine Studies 21, No. 2 (Winter 1992): 5-28. ولاحقاً مقالته: Rediscovering Palestine (London: University of California Press,1995): وعن تاريخ بلاد الشام لحسن كيالي Arabs and Young Turks: Ottomanism, Arabism, ans Islamism in the Ottoman Empire, 1908-1918 (Berkeley: University of California Press, 1997).

28 يُعرف الموقع اليوم باسم  المجمع الروسي.

29 يعكس خط السكة الحديد جانباً آخراً من برنامج عبد الحميد الإمبراطوري لتحديث الإمبراطورية .

30.انظر،Conrad Schick, “Reports from Herr Baurath von Schick, “Palestine Exploration Fund Quarterly (1896): 128.

31.انظر،Charles Wilson, Ordnance Survey of Jerusalem, (London: Lords Commissioners of Her Majesty’s Treasury, 1865). في ذلك الوقت، كانت الأنقاض المتبقية من الطرف الشرقي للكنيسة مدعمة بأقبية مع جزء من المدخل الغربي الرئيسي. كما أشار إلى أن كنيستي القديسة حنّ والقديسة مريم المجدلية كانتا في وادٍ ضحل ينحدر من جهة الشمال الغربي (ص 30).

32.انظر،Schick, “Reports,” 128.

33.انظر،Schick, “Reports,” 128. “بنيت المدرسة المحمدية الجديدة منذ عدة سنوات في موقع المدرسة المأمونية أو دير مريم المجدلية -أزيلت آثارها وشيد المبنى الجديد بالكامل دون أي بقايا قديمة.”. In PEF Schick 126/4: letter 15 March 1897; Barnabas Meistermann, Guide to the Holy Land (London: Burns Oates & Washbourne, 1923), footnote, 294.

  1. يتضمن غلاف مجلةOttoman Journal Servet-i Fünūn vol. 3, No. 142, vol. III (1309/1894) صورة حفل التدشين وافتتاح المدرسة.
  2. طرحت أول خطة للتعليم الحكومي بعد العام 1846، حيث تم توفير مدارس التعليم الأساسي والمدارس الثانوية التابعة لوزارة التربية. وتمثلت المحاولات الأولية، في أواخر القرن الثامن عشر، في إضافة نمط التدريب العسكري الغربي إلى النظام العثماني التقليدي المتبع لتدريب الجيش، وسوف يظهر لاحقاً تغلغله في النظام التعليمي بأكمله بحلول العام 1869، من خلال توفير التعليم الابتدائي المجاني للجميع. وبحلول العام 1914، كان هناك 36000 مدرسة عثمانية في الإمبراطورية. تناقش ويندي شو مسار لائحة التعليم. Wendy Shaw (Possessors, 24)
  3. سبقت خطة تطوير الحي هذه عدة تغييرات بسبب زيارة القيصر، وانبثقت من دوافع أخرى غير تجميل المنطقة لكبار الشخصيات الأجنبية. بالنسبة لزيارة القيصر، بوشر العمل بطريق جديدة أدخلت عليها التحسينات محل الطريق السابقة. وقد يشير هذا إلى أن “تحسينات” الزيارة هذه ربما كانت جزءً من خطة قديمة لتطوير الجزء الشمالي من المدينة.
  4. تعرضت المدرسة لأضرار خلال أحداث العام 1948 ودمر سقفها المائل.

38.انظر،Beatrice St. Laurent and Isam Awad, “The Marwani Musalla: New Findings,” Jerusalem Quarterly 54 (Summer 2013): 12-13.

39.انظر،Shaw, Possessors, 86. تسرد “شو” في الصفحة 87 أقدم المساهمات من المقاطعات المدرجة في كتالوج 1871 للمجموعة. تم إدراج المساهمات حسب الجهة المانحة وليس حسب المصدر. ويناقش Ilber Ortayli Osman Hmidi´nin Onundeki Gelenek,” in 1. Osman Hamdi Bey Kongresi Bidirileri (Istanbul, 1990): 129 طلب إرسال الآثار إلى اسطنبول من المحافظات.

  1. في رسالة تعود إلى أيلول/ سبتمبر 1892 إلى عثمان حمدي بك مدير المتحف في اسطنبول في ذلك الوقت، يطلب شارل كليرمون غانّو Charles Clermont- Ganneau معلومات بخصوص النقش المرسل من قبل حاكم فلسطين، بالإضافة إلى تزويده بتاريخ انتقال المواد. انظر عن شارل كليرمون غانّو في Henri Metzger, La correspondance passive d’Osman Hamdi Bey (Paris: Imprimerie Bontemps, 1990), 65.

41.انظر،Shaw, Possessors, 169.

  1. Shaw, Possessors, 169-70. تناقش “شو” دور المسؤول الإقليمي المحلي في الافتتاح الناجح للمتحف في العام 1904. للمزيد عن تاريخ متحف بورصة، انظر،Hüdavendigar Vilayet i Salnamesi (Bursa: Vilayet Matbaasi 1324/1906) 120-121.. التاريخ مُدرج في التسمية التوضيحية الموجودة أسفل الصورة.

43.انظر،Deringil, “Inventing Tradition,” 21 بخصوص بورصة كمدينة عثمانية نموذجية، انظر،St. Laurent, Ottomanization and Modernization.

  1. يمكن الرجوع لما نشر عن معرض حديث في اسطنبول حول موضوع تاريخ الآثار العثمانية، ضمن عدة مقالات، جمعت في كناب واحد، تستكشف موضوع الضغوط الأجنبية المفروضة على الإمبراطورية من دول أوروبية مختلفة للتنقيب عن الآثار وتصديرها. راجع المقالات المختلفة التي تتناول الموضوع في Scramble for the Past.
  2. هكذا دعاها بليس في PEF / BLISS 93 / 3-134 في رسالة بتاريخ 5 تشرين الثاني 1900. وأنا ممتنة لروبرت تشابمان الثالث، مدير صندوق استكشاف فلسطين، وشمعون جيبسون، مسؤول التصوير الفوتوغرافي في الصندوق، على مساعدتهم لي والاطلاع على وثائق الصندوق والصور أثناء بحثي هناك من العام 1990 إلى العام 1992. وتزعم ويندي شو أن متحف بورصة كان الأول من بين المتاحف الإقليمية وكان من المقرر أن تتبع القدس جميع المتاحف الأخرى بشكل كبير في وقت لاحق (Possessors، 170).
  3. Pre-War Turkish Catalogue of the Palestine Archaeological Museum (1910). يسرد هذا الكتالوج المكتوب بخط اليد باللغة التركية العثمانية جميع مقتنيات المتحف منذ العام 1910. ونظراً لعدم وجود عنوان له في اللغة التركية، فقد ارتأينا استخدام العنوان الموجود في مكتبة متحف الآثار الفلسطيني.
  4. Charles Wilson, Ordnance Survey of Jerusalem; Claude Reignier Condor, Horatio Herbert Kitchener, Edward Henry Palmer, and Sir Walter Besant, The Survey of Western Palestine: Memoirs of the topography, orography, hydrography, and archaeology. (London: The Committee of the Palestine Exploration Fund, 1881-83). بدأ المسح في العام 1871 ونُشرت نتائجه بين عامي 1881 و 1883
  5. للحصول على معلومات عامة عن التاريخ المبكر للمؤسسات الأثرية الأجنبية في المنطقة، انظر، Abraham Negev and Shimon Gibson, Archaeological Encyclopedia of the Holy Land (2005), 47-48. للحصول على معلومات عن السيرة الذاتية لبليس، انظر، Philip J. King, American Archaeology in the Middle East. A History of the American Schools of Oriental Research, (Philadelphia, 1983), 21-23, and Jeff Blakely, “Frederick Jones Bliss: Father of Palestinian Archaeology,” Biblical Archaeologist 56 (1993): 110-115.

49 . PEF Bliss 85A, letter dated 1 September 1899, pp. 3-4

  1. Mustafa Cezar, Sanatta Bati‎‎`ya açılış ve Osman Hamdi (Istanbul, n.p., 1971), 240.

51 PEF / BLISS132B.

52 نسخة الصندوق هيPEF / DA / BLISS / 133 ورقم كتالوج روكفلر هو ENJPAM / XYG

53 PEF / MAC / 5 Letter to Bliss؛ انظر أيضاً ملاحظة Felicity J. Cobbing and Jonathan Tubb, “Before the Rockefeller: The First Palestine Jerusalem Quarterly 55 Museum in Jerusalem,” Mediterraneum (2007): 86.

54 PEF/DA/BLISS/85 Communiqué from Bliss in Jerusalem to G. Armstrong dated September 1, 1899.

  1. لمعرفة تاريخ التثبيت، انظر،Cobbing and Tubb, “Before the Rockefeller,” 85. For Bliss’s comments, see PEF/BLISS 93/3-134, p. 1.

56 “Notes and News,” Palestine Exploration Fund Quarterly Statement, vol. 1921, pp. 115-116, cited by Cobbing and Tubb, “Before the Rockefeller,” 89.

  1. PEF/BLISS 93/131A, pp. 3-4.

58 PEF/BLISS 93/131A, p.3.

59 Cobbing and Tubb, “Before the Rockefeller,” 83.

60 PEF/BLISS/85B pp.1-8. تمت مناقشة صنع القوالب وجودتها، ويشار إلى أن جميع المواد قدمت إلى متحف الحكومة. بدأ ماكاليستر العمل مع بليس في العام 1898.

61 Cobbing and Tubb, “Before the Rockefeller,” 83. لا تزال هناك مجموعة موجودة في سانت جورج . لكني لا أعلم ما إذا كانت المواد المذكورة كجزء من مجموعة الصندوق المعارة هي جزء منها..

62 PEF DA/MAC 76B 3 June 1902 وذكر هذا أيضاً في Cobbing and Tubb, “Before the Rockefeller,” 85-86.

63 Frederick Jones Bliss, The Development of Palestine Exploration being The Ely Lectures for 1903 (New York: C. Scribner’s Sons, 1906), 306-307; Cobbing and Tubb, “Before the Rockefeller,” 86، يناقش أيضاً بيانات بليس عن تلك الفترة.

64 PEF/MAC 295a 1 January 1909

65 PEF/MAC 295a 1 January 1909.

66 Pre-War Turkish Catalogue of the Palestine Archaeological Museum (1910).. لا يوجد له عنوان باللغة التركية.

67 Başbakanlık Osmanli Arşivi BOA (The Ottoman section of the Prime Minister’s Archives, Istanbul, Ottoman State Archives, BOA MF MKT 1131/6 Number, 22.

68 BOA MF MKT 1131/6 (لم يُذكر الرقم).

69 MF MKT 1131/6 (الرقم لم يذكر) تفاصيل إنشاء القائمة أو الكتالوج؛ كما يشير Pre-War Turkish Catalogue, 16، إلى وجوب بقاء هذا الفهرس مع إبراهيم أفندي. ربما لا تزال النسخة المرسلة إلى اسطنبول موجودة إما في المتحف أو الأرشيفات في اسطنبول.

70 مقتبس في الصفحة 16 من الكتالوغ، وأدين بالشكر إلى باروخ براندل، مدير مكتبة وأرشيف متحف روكفلر لتزويدي بنسخة منه.

71 Pre-War Turkish Catalogue, 16.

72 لتغير ولاءات عائلات الأعيان في القدس، انظر Roberto Mazza, Jerusalem: From the Ottomans to the British (London and New York: Tauris, 2009), 30-45.

73 سلسلة الوثائق التسع في اسطنبول هي في مجلدين BOA MF MKT 1167/1..

74 Cobbing and Tubb, “Before the Rockefeller,” 87

75 BOA MFKT 1175/6 4054/ 595 and 4132/673..

76 BOA 68/4208 /748 October 3, 1911, cited by Cezar, Sanatta Bati’ya, 569.

77 Cezar, Sanatta Bati’ya, 559-60.

78 Mahmoud Hawari, “Capturing the Castle: Archaeology, Architectural History and Political Bias at the Citadel of Jerusalem,” Jerusalem Quarterly 55 (Summer 2013): 46-67.

79 Shaw, Possessors, 170.

80 Shaw, Possessors, 171.

81 Israel Antiquities Authority: Scientific Archive 1919-1948, in Folder: The Museum at Jerusalem, Document # 2274A “From Ronald Storrs, Military Governor” dated 11/10/1918, stamped 11/11/18.

82 Israel Antiquities Authority: Scientific Archive 1919-1948, in Folder: The Museum at Jerusalem, no number, “extract from ‘The Year’s Work,’” July 1920-July 1921.

83 Shimon Gibson, “British Archaeological Institutions in Mandatory Palestine 1917-1948,” Palestine Exploration Quarterly (1999): 132.- يشير جيبسون إلى وضعهم في صناديق في العام 1917 بقصد شحنهم إلى اسطنبول.

84 Jerusalem 1918-1920: Being the Records of the Pro-Jerusalem Council during the First Two Years of the Civil Administration (London: John Murray, 1921), v.

85 Ronald Storrs, Orientations (London: Ivor Nicholson & Watson, 1937), 464.

86 Storrs, Orientations, 369.

87  AIA (American Institute of Archaeology) Archives: ASOR in Jerusalem: General 1910-1919: Archaeological Institute of America, Extract from the Bulletin of the Institute: Seventeenth Annual Report of the Managing Committee of the American School of Oriental Research, pp. 3-4

88 يقول أرشيف المدرسة الأمريكية للبحوث الشرقية،ASOR: General, AIA box 32، كيف أصبح ضرورياً إغلاق المدرسة عندما دخلت تركيا الحرب. وعندما أعلنت الولايات المتحدة الحرب في العام 1917، تم تقديم مبنى المدرسة المستأجر إلى الصليب الأحمر الذي بقي فيها خلال ما تبقى من فترة النزاع”.. Bulletin of the American School of Oriental Research No. 1 (December 1919), p. 3 says: “When, in 1914, [44] The Imperial Museum of Antiquities in Jerusalem, 1890-1930: An Alternate Narrative Turkey ،

89 “Notes of Other Societies,” Journal of the American Oriental Society (1918), 208-209,، ويشير هذا التقرير  إلى وضع اللجنة التنفيذية للمدرسة الأمريكية للدراسات الشرقية ممتلكاتها تحت تصرف الصليب الأحمر بالاتفاق مع ويتشر، وهو طالب سابق في المدرسة، “من جمعية الشبان المسيحيين Y. M. C. A” المسؤول عن الممتلكات.

90 C. R. Ashbee and K. A. C. Creswell, eds., Jerusalem 1920-1922: being the records of the Pro-Jerusalem council during the first two years of the civil administration (London: J. Murray for the Council of the Pro-Jerusalem Society, 1924), 30.

91 Storrs, Orientations, 366.

92 بخصوص إنشاء المتاحف في القدس، انظر، Ashbee, Jerusalem 1918-20, 3, 30 . بخصوص صيانة وترميم قلعة القدس انظر، Ashbee, Jerusalem 1920-1922, 5-1. الهدف الأولي من إنشاء المتاحف في القدس تتكرر في الصفحة v . بالنسبة لاقتراح تأسيس المتحف في برج قلعة القدس، انظر PEFQS, “Notes and News,” (July 1921): 115-116, quoting from the “Times,” of 1 June 1921 (also cited by Cobbing and Tubb, “Before the Rockefeller,” 88).

93 Jerusalem 1918-1920, 41, 75 يشير إلى حاجة الجمعية إلى 500 جنيه إسترليني لبدء المتحف مجموعاته. Jerusalem 1920-1922, v, and viii.

94 بخصوص إزالة الأنقاض من القلعة، انظر، Jerusalem 1918-1920, 1، وبشأن الهدم، انظر، Ashby, Jerusalem 1920-1922, vi. ويشير إلى أن الثكنات التركية الموجودة هي قيد الإزالة حيث تم بالفعل إزالة حوالي 6000 متر مكعب من المباني والحجارة.

95 Government of Palestine Report: Report on Palestine Administration July 1920 – December 1921 (London: His Majesty’s Stationery Office, 1922), 129.

96 IAA Archives: “Museum at Jerusalem” folder 2274A. Ronald Storrs Military Governor 10 November 1918.

97 بخصوص ملكية العقار أنا مدينة بالشكر إلى حسين غيث (أبو هاني) أمين مكتبة معهد كينيون (CBRL) في القدس وللوقت الذي بذله بكرم لتأكيد الملكية.

98 Gibson, “British Archaeological Institutions,” 131 يستشهد جيبسون بعالم الآثار الإسرائيلي أفراهام بيران كمصدر لهذه المعلومات.

99 Gibson, “British Archaeological Institutions,” 118.

100 IAA Archives: “Extract from ‘The Year’s Work’”  ضمن مجلد بعنوان “Museum at Jerusalem.”

101 IAA Archives: “Extract… مقتطف.. من مقالة جيبسون مصدر التأريخ في شتاء 1921 غير واضح وغير دقيق ص. 131.

102 -تم تغيير اسم المتحف رسمياً إلى متحف الآثار الفلسطيني في الثلاثينيات بعد إنشاء المتحف الجديد خارج بابا الساهرة

103 استشهد بها Cobbing and Tubb, “Before the Rockefeller,” 118, from Palestine Exploration Fund Quarterly Statement, “Notes and News” (July 1921): 115-116..

104 IAA Archives: في المجلد “Museum at Jerusalem: ‘The Official Opening of the Palestine Museum: October 31, 1921,’ مختوم رسمياً في 1 تشرين الثاني 1921. انظر تقرير حكومة فلسطين: Report on Palestine Administration July 1920 – December 1921 (London: His Majesty’s Stationery Office, 1922), 129.

105 مقتطف من هذا يتوافق مع ترميم ستورز للبرج.

106 Cobbing and Tubb, “Before the Rockefeller,” 79..

107 تقرير حكومة فلسطين: Report on Palestine Administration July 1920 – December 1921 (London: His Majesty’s Stationery Office, 1922), 129.

108  IAA Archives: ‘Palestine Museum of Antiquities, Notes for Guides,’ 1922.

109  IAA Archives: “Note on the Catalogue of the Museum, Keeper of the Museum Phythian- Adams,” April 9, 1924.

110 توجد صور لهذه المناطق في أرشيفات فترة الانتداب الصادرة عن سلطة الآثار الإسرائيلية في روكفلر..

111 William John Phythian-Adams and John Garstang, of Antiquities (Jerusalem: Department of Antiquities by the Greek Convent Press, 1924).. شكرا لفيليسيتي كوبينغ، الأمين التنفيذي للصندوق، لتزويدي بصورة مسح ضوئي لهذا الكتالوج.

112 لا تظهر خريطة الموقع في الشكل 21 التي توضح الصناديق المركزية. تم التقاط الصور في العام 1922 ويعود تاريخ مخطط الدليل إلى العام 1924. وفي العام 1922 تم وضع مخطط الموقع المرتفع على جدار غرفة الكتالوج من المتحف. Jerusalem Quarterly 55

113 Gibson, “British Archaeological Institutions,” 132

114 IAA Archives: “Memorandum on the possible use of the Citadel as a Government Museum,” 17 July 1923 ، تسرد المذكرة المشكلات المتعددة لمثل هذا المشروع؛ No.4735/ATQ/1185 dated July 20, 1923 (received July 21, 1923): تضمنت هذه الوثيقة صورة لخطة القسم.

115 IAA Archives: “Letter to Herbert Samuel from John Garstang,” July 20, 1923.

116 لا تزال معصرة زيت الزيتون القديمة في المبنى السفلي.

117 توجد وثائق موسعة لمتحف الآثار الفلسطيني في أرشيفات سلطة الآثار  الإسرائيلية الموجودة في روكفلر.

118 IAA Archives: “Museum at Jerusalem: ‘The Official Opening.’”

119 Ashbee, Jerusalem 1920-1922, 9, 30.

120  IAA Archives: “Museum at Jerusalem” 4735/ATQ/1185, Memo from P. W. D. of the Department of Public Works.

121  IAA Archives: “Museum at Jerusalem,” 1914/ ATQ/1183, Letter dated April20, 1922.

122 IAA Archives: “Museum at Jerusalem,” 1673/ ATQ/1185.

123 IAA Archives: “Committee for the Jewish Department in the Citadel,”. بدون تاريخ.

124 IAA Archives: New Museum Correspondence, 5348.

125 Uri M. Kupferschmidt, The Supreme Muslim Council: Islam Under the British Mandate for Palestine (Leiden: Brill Academic Publishers,1987), 66-67.

126  Khader Salameh, The Qur’an Manuscripts in the Haram al-Sharif Islamic Museum, Jerusalem (Reading, UK and Paris: Garnet Publishers/UNESCO Publishing, 2001), 3 and fn. 3 انظر أيضاً، Marwan Abu Khalaf, Islamic Art Through the Ages: Masterpieces of the Islamic Museum of the Haram-al-Sharif in Jerusalem (Jerusalem: Emerezian Graphic and Printing, 1998.) يذكر أبو خلف أن المتحف الإسلامي يسبق تاريخ روكفلر لكنه أخفق في ملاحظة حول مجموعات روكفلر بإرجاعها إلى إنشاء المتحف العثماني في العام 1901

127.Kamil Jamil Asali”Ma`ahid al`ilm fi bayt almaqdes(Amman ,n.p. 1981)، ويشير العسلي أيضاً  أن المجلس افتتح مكتبة ومتحفاً في العام 1922. جزيل الشكر لعصام عواد على تزويدي بهذا المصدر.

 

عن محمود الصباغ

كاتب ومترجم من فلسطين

شاهد أيضاً

علم الآثار الكتابي في إسرائيل: حين يغمّس “إسرائيل فنكلشتين” خارج الصحن

يقال على سبيل العِظة؛ لا مكان، في هذا العالم المتغير، للأفكار الثابتة والمفاهيم الجامدة؛ أو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *