XIV
جدل الناقد والروائي ثانية : تعدد اللهجات
في جدل الناقد والروائي يمكن أن يذهب المرء إلى أبعد مما ذهبت إليه من قبل وأنا أناقش علاقة الروائي بالمكان الذي يكتب عنه والزمان الذي لم يكن شاهداً عليه والشخصيات التي يكتب عنها، دون أن يعرفها جيداً ويتتبع حياتها أيضاً، وقد ألمح إلياس خوري وآدم دنون إلى أركان الرواية المذكورة، في المتن الروائي، وبدا لنا اعتراض الثاني على رواية الأول “باب الشمس” في غير مكان من “أولاد الغيتو” بأجزائها. كانت كتابة إلياس خوري في الموضوع الفلسطيني موضع استغراب آدم، ما جعل إلياس يتساءل إن كان لا يحق له أن يكتب رواية في الموضوع الفلسطيني دون أن يكون فلسطينياً، وكان تتبع آدم لشخصيات “باب الشمس” مكان انتقاد أيضاً، فهو يعرفها وهي في الواقع ويراها غيرها في الرواية. ما لم يبده آدم، إن لم تخني الذاكرة، هو رأيه بلهجة الشخصيات في “باب الشمس”، وهو ما سأكتب عنه في “أولاد الغيتو”، فاللهجة تعبر عن هوية ما، واللهجة ملتصقة التصاقاً كبيراً بالشخصية والمكان أيضاً؛ ولأن إلياس تنقل في روايته بين لبنان وفلسطين ومدنها، دون أن يزور مدن فلسطين، فقد أراد أن تكون للأمكنة وللشخصيات خصوصيتها، معتمداً على طعام المكان وزيه ولهجته أيضاً، فإلى أي حد استطاع تمثل هذه كلها؟
لو كنت مكان إلياس لسلكت طريقاً من اثنين؛ الأول ألّا أحدد المكان وأن أدخل لغة شخصياتي في مياه نهر (ليثي) -الذي كتب عنه (ميخائبل باختين) في دراسته لغة الشعر ولغة الرواية- فأنطقها بلغة واحدة عربية فصيحة مبسطة، أو، وهذا هو الثاني، أن أعطي مسودات روايتي، قبل طباعتها، لأشخاص يعرفون المكان وعادات أهله وطعامهم ولهجتهم معرفة دقيقة.
ربما يتذكر إلياس خوري الجدل الذي أثاره غالب هلسا ونقاد آخرون، بخصوص المكان واللغة، حول رواية عبد الرحمن منيف “شرق المتوسط”. لم يحدد منيف مكاناً معيناً تجري فيه أحداث روايته، ولم يستخدم العامية أيضاً، فازداد تحديد المكان غموضاً، ورأى غالب هلسا في ذلك ضرباً من عدم الشجاعة في مواجهة هذا النظام أو ذاك، فيمَ قال منيف إنه قصد ذلك لأنه أراد أن يكتب عن شرق المتوسط كله. هلسا اجتهد ومنيف أيضاً اجتهد، ويبدو أن خوري يميل إلى اجتهاد هلسا، فكتب عن فلسطين ومدنها وعادات سكانها وأمعن في إضفاء التفاصيل فوظف لهجاتها المتعددة المختلفة من مدينة إلى أخرى، بل وكتب عن تأثر فلسطينيي لبنان باللهجة اللبنانية فصارت اللهجتان؛ الفلسطينية الخاصة بمكان نشأة الشخصية واللبنانية، تجريان على لسانها، وهو ما لاحظناه في حوار آدم دنون مع خليل أيوب ابن الغابسية الذي عاش في لبنان: “شو هالجمال! شو هيدا، لا إله إلا الله”، صرخ خليل.
فجأةً، انقلبت لهجة الرجل، فأمال ألف لبنان كما يفعلون هناك، وكرجت المحكية اللبنانية على لسانه”.
إن ازدواجية المحكية / اللهجة على لسان خليل تبدو في الرواية مقنعة فنياً، فالرجل عاش في البيئتين. ومثلها يبدو مقنعاً ورود بعض العبارات بالعبرية على لسان دالية وآدم، ولكن ماذا لو طلبنا من مختص باللهجات الفلسطينية أن يفحص لنا لهجة بعض الشخصيات الروائية فحصاً دقيقاً؟. مثلاً لو أخذنا بعض الشخصيات النابلسية مثل الشهيد مازن بريك؟
مازن بريك نابلسي لا ترد على لسانه بعض المفردات التي تميز لهجة أهل نابلس. أحياناً نجده يتكلم باللهجة الحيفاوية، وقد أشرت إلى هذا في الكتابة عن المكان الروائي:
“ابتسم الطبوق بسخرية.
“معلوماتي أكيدة” قال خليل.
“أشك، بس إسا مش وقتها” قال ماجد.
ويمكن اقتباس الفقرة الآتية على طولها لتبيان أن بعض المفردات فيها لا تنطق باللهجة النابلسية كما وردت: “اسمعني منيح” قال ماجد “فيييش أمنعك تبقى، بس لازم تعرف هون أنا القائد مش أنت. وأمري الأول إنك لازم تتذكر دايما إحنا منقاتل حتى ندافع عن الحياة مش حتى نموت، يعني ممنوع تموت. وأمري الثاني هو إنك رح تكون معي بمجموعة جامع النصر، بكرا الصبح بيجي شاب ومعاه السلاح والثياب، وبيوصلك على الجامع وأنا بكون ناطرك هناك. موافق؟”.
إحنا منقاتل وأنا وبيوصلك وناطرك، لا يلفظها النابلسيون هكذا. هل يقول النابلسيون إحنا أم يقولون إحني؟ ومنقاتل أم بنأآتل ؟ و بيوصلك أم بوصلك؟ وناطرك أم بستناك أو منتزرك – منتظرك.
كانت لهجة إلياس خوري اللبنانية تتسلل أحياناً إلى لسان بعض شخصياته الفلسطينية التي لم تعش في لبنان، ولعل الفصل في اجتهاده واجتهادي هو أن يكتب متخصص في اللهجات الفلسطينية دراسة مطولة عن الشخصيات ولسانها في الرواية.
برر إلياس لخليل أيوب ازدواجية لهجته، وتبرر الرواية لآدم ودالية التفوه ببعض المفردات العبرية، ولكنها لم تقنع فنياً في استخدام شخصيات أخرى لهجات مدن لم تقم فيها، ولعلني مخطئ.
إن ما كنت أمعن النظر فيه وأنا أقرأ الرواية هو مدى إقناع كاتبها لنا في الكتابة عن أماكن لم يقم فيها وفي تناوله زمنا لم يكن شاهداً عليه وفي انطاق شخصيات هذه الأماكن وذلك الزمن بلهجتهم التي تعد معيارا من معايير تحديد هويتهم. مرت فترة في الحرب الأهلية في لبنان كان الذبح يتم فيها، كما كتب آمين معلوف في “هويات قاتلة”، على تحديد هوية الإنسان من لهجته. بندورة أم بنادورة ؟ وهلم جرا. ما ينبغي أن يشار إليه أن روايات إلياس خوري تترجم إلى لغات أخرى، وأغلب الظن أن ميزة إنطاق الشخصية بلهجتها الخاص تنتفي تلقائياً ويبدو جدل الناقد والروائي، للقارئ باللغة المترجمة، في هذا الجانب، عديم الأهمية.
XV
الروائي قارئاً ومثقفاً: إلياس خوري نموذجاً
لم يغب عن أذهان دارسي فن الرواية، في فترة نشأتها، نظرة الناس إلى كتابها. وقد أتى نجيب محفوظ في حوار مع جمال الغيطاني، في كتاب «نجيب محفوظ يتذكر»، على نظرة بعض أدباء مصر الجادين، مثل عباس محمود العقاد، إليها يوم كتبها محمد حسين هيكل، ويوم بدأ هو كتابتها. لقد عزف هؤلاء عنها، والتفتوا إلى الشعر «وكان المفكرون هم الذين يحظون بالاحترام في هذه الفترة طه حسين، العقاد وغيرهما، أما الأدب فقد اعتبرته هواية جانبية. كان الاحترام للفكر، للمقالات، للنقد، للعرض، وليس للقصة»(26).
ومع أن زمننا صار زمن الرواية، إلا أن قسماً من القراء ما زال يتبنى الموقف نفسه الذي تبناه نقاد فترة البدايات، وهو ما قرأته في الفترة الأخيرة على صفحات التواصل الاجتماعي. فالروايات تفسد لغة المرء وتضعفها و… و….
وأنا أقرأ رواية إلياس خوري الأخيرة «رجل يشبهني»، لفت نظري حوار جرى بين شخصيتين من شخصياتها هما آدم دنون وخليل أيوب، وهما قارئا روايات سحرهما غسان كنفاني وجبرا إبراهيم جبرا، وآدم يتلاعب باللغة تلاعب إميل حبيبي بها في روايته «المتشائل»، وأظن أن آدم في هذا الجانب قناع للكاتب نفسه، فاللغة التي تسحره في مواطن عديدة من الرواية هي التي تسحر إلياس خوري. يقول آدم لخليل: «أنا أكتب حين أقرأ»، فيرد عليه خليل «هذه هي الكلمة التي كنت أبحث عنها»، ويضيف: «أنا أكتب حين أقرأ جبرا».
ولا شك أن عبارة آدم وعبارة خليل هما في نهاية المطاف عبارتا الكاتب نفسه، وأعتقد أن ثلاثية «أولاد الغيتو» ما كان لها أن تكون على ما هي عليه لولا قراءات إلياس خوري على مدار ستين عاماً. إنها رواية تحفل بالاقتباسات والتضمينات والإحالات وخلاصة القراءات للآداب العالمية والعربية قديمها وحديثها. وبخصوص قراءات إلياس للرواية، فيمكن اقتباس الفقرة الآتية التي ترد على لسان آدم في الرواية: «بين رفوف الكتب المستعملة، تصادقت مع الكاتب الأرجنتيني بورخيس، ودخلت في سحر الرمل الذي تحول بين يديه إلى كلمات، وتعرفت إلى جوزيف كونراد الذي أخذني إلى قلب ظلام الأدب، وقرأت بول أوستر وسوزان سونتاغ، وبهرتني لغة الكاتب الجنوب أفريقي كويتزي برشاقتها وإيجازها البلاغي الجميل. المكتبة كانت موعدي الدائم مع برابرة كافافي الغائبين، ومع «استشراق» إدوارد سعيد المبهر».
ويمكن أيضاً أن تقتبس فقرات اقتبسها الروائي من كتب التراث العربي القديم، وهي اقتباسات قد تكون عموماً موضع جدل من القراء المتعددين المختلفين الذين أشرت إليهم في مقال الأحد الماضي.
إن إنجاز قائمة بأسماء الكتاب والشعراء والدارسين والمؤرخين الذين وردت أسماؤهم في الثلاثية لهو أمر مجز، وهو ما يعزز المقولة المقتبسة: «أنا أكتب حين أقرأ».
ما سبق ربما يكون رداً على عبارة ينطقها كثيرون ممن لا يقرؤون الرواية ولا ينظرون إليها نظرة احترام، منذ نشأتها وإلى اليوم. «كلام روايات» أو «قارئ روايات» يردد بعض القراء، وينسون أن الرواية تثقف وتستبطن النفس الإنسانية وتمد المرء بتجارب قد تفيده في مواطن كثيرة، والجدل حول هذا يطول، علماً أنه لا يغيب عن ذهن قسم من المهتمين بالصراع العربي – الإسرائيلي أن المستشرقين الإسرائيليين المرتبطين بالمؤسسة العسكرية الإسرائيلية درسوا، قبل حرب حزيران ٦٧، أعمال توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف إدريس؛ ليفهموا من خلالها العقلية المصرية والمجتمع المصري، وفي هذا الجانب درس غسان كنفاني الأدب الصهيوني رافعاً شعار «اعرف عدوك».
في «رجل يشبهني»، نقرأ عن عودة الرنتيسي وتهجيره من مدينته اللد في عام النكبة وعن حياته في رام الله، ونقرأ صفحات عديدة من الكتاب الذي ألفه، ونقرأ قصة حياة الشاعر الفلسطيني راشد حسين المأساوية كما لم نقرأها في كتب كثيرة أنجزت عنه، ونقرأ أيضاً اجتهادات وتأويلات لبعض أسطر محمود درويش الشعرية، ولبعض روايات غسان كنفاني وجبرا إبراهيم جبرا، كما نقرأ عمّا ألم بقريتي عيلبون وأبو شوشة وعن ثياب أهلهما. إن الصفحات التي حملت عنوان «فستان الحكاية» تمدنا بمعلومات كثيرة عن الثوب الفلسطيني بما يحتويه من تطريز خاص بكل قرية هو علامة الهوية «الهوية التي يجب ألا يتخلى عنها الفلسطينيون». عدا ما سبق نقرأ عن جان جينيه صديق الفلسطينيين وكتابه «أربع ساعات في شاتيلا» عن مجزرة صبرا وشاتيلا.
«إنني أقرأ كي أكتب»، عبارة تنطبق على كتاب كثيرين وأنا منهم، فمقالاتي تحفل بالاقتباسات والتناصات، وهذا النوع من أنواع المقالة عرفه جنس الرواية في الأدب العالمي.
XVI
“الأدب الإسرائيلي وحضوره في الرواية”
كنت عندما كتبت عن الجزء الأول “اسمي آدم” توقفت مطولاً أمام التناص مع الرواية الإسرائيلية متوقفاً عند أسماء لافتة مثل بنيامين تموز ويورام كانيوك وعاموس عوز، والكاتب العربي أنطون شماس الذي كتب روايته الوحيدة بالعبرية. (أنظر كتابي “أسئلة الرواية العربية: الياس خوري في روايته “أولاد الغيتو: اسمي آدم” نموذجاً، دار الآداب، 2018 ) .
وعندما كتبت عن الجزء الثاني “نجمة البحر” أنجزت مقالاً عنوانه “إلياس خوري و (ا. ب. يهوشع): “أولاد الغيتو” و “العاشق” ” (أنظر جريدة الأيام الفلسطينية 10/2/2019)، عدا ما كتبته في صفحة الفيس بوك عن قصة عاموس عوز “الأفعى والرحل” وبعض الإشارات إلى الكتاب اليهود العرب. حضور الأدب الإسرائيلي في الجزأين السابقين كان يجري على لسان آدم الذي درس الأدب المقارن في جامعة حيفا. ويتواصل حضور نماذج من هذا الأدب في الجزء الثالث، منه ما يعود إلى اليهود العرب، وقليله إلى الشاعر اليهودي (بياليك) الذي ترجمه راشد حسين إلى العربية.
الكاتب اليهودي العراقي العربي الذي يذكر هنا هو سامي ميخائيل، ويرد ذكره حين يروي آدم عن علاقته بجوليانو مير خميس الذي وردت الكتابة عنه سابقاً. يروي آدم عن قراءته رواية سامي ميخائيل: ” لا أدري، هل دله أحد على مكاني في مقهى لانتيرنا، أم جاء من طريق المصادفة؟. كنت أجلس وحيداً في البار الجديد في الطابق السفلي من المقهى. فيلم “أولاد آرنا” لجوليانو مير خميس قادني ليلة أمس إلى إعادة قراءة رواية سامي ميخائيل. لم أنم طوال الليل، وأنا أتنقل بين صفحات الرواية وبين مشاهد الفيلم. قلت في نفسي إن هذا الروائي الإسرائيلي أضاع في روايته شخصية كبرى تستحق أن يكتب لأجلها رواية كاملة تتغلغل في ثنايا حكايتها وتحمل دلالات إنسانية وتراجيدية، هي شخصية آرنا مير.
وسامي ميخائيل هو اليهودي القادم من العراق، وكان اسمه هناك “كمال صلاح وصار سمير مارد وقت كان يكتب باللغة العربية بجريدة “الاتحاد” بحيفا، ورجع وغيّر اسمه لمّا قرر يصير إسرائيلي، بعد سنوات من الهجرة إلى إسرائيل”.
أطلق سامي ميخائيل على آرنا في روايته “حوسوت / ملجأ” اسم “شوشانا”، ولم يلجأ إلى ما يلجأ الكتاب إليه في العادة وهو محو أثر الشخصيات الحقيقية التي يستلهمونها في رواياتهم، فجاءت روايته أشبه بالفضيحة، لأنها تحيل إلى شخصيات عامة ومعروفة في الوسطين السياسي والثقافي ” فتحي هو سميح القاسم ، وإميل هو إميل توما، وإميليا هي خايا زوجته، وفخري هو محمود درويش، وفؤاد هو صليبا خميس، وشوشانا هي آرنا، وإلى آخره”..
يرى آدم أن القصد من الرواية كما لو أنه عملية تصفية حساب مع الحزب الشيوعي الإسرائيلي “يقوم بها مردوخ العراقي المهاجر مكرهاً إلى إسرائيل، وهو هنا يجسد كاتب الرواية” -أي سامي ميخائيل.
يبدي آدم في رواية ميخائيل آراء نقدية إذ يتساءل:
“لماذا أطلق ميخائيل على “حسوت” أي “الملجأ” صفة رواية؟ ألم يكن من الأفضل أن يكتبها بشكل واضح كمذكرات؟. والطربف هو أن الرأي النقدي الذي يتبناه آدم بشأن رواية ميخائيل لا يتبناه في تجنيس ما يكتبه هو، فغالباً ما يتساءل عن الجنس الأدبي الذي يمكن أن يدرج تحته دفاتره التي يكتبها؛ الدفاتر التي صنفها إلياس خوري على غلاف كتابه “رجل يشبهني” رواية.
يواصل آدم إخبارنا عن موقفه من رواية ميخائيل وكيف تلقاها: “عندما قرأت هذه الرواية للمرة الأولى أحسست بالسأم، وشعرت بأن لغة الكاتب في اللجوء إلى تغطية شخصيات حقيقية ومعروفة بحكاية استدعائه كاحتياطي في الجيش في حرب تشرين 1973 ليست موفقة، ولا تجعل من عمله رواية أو حتى شهادة على زمنه. إنها مجرد تعبير عن السخط على تجربته في الحزب الشيوعي الإسرائيلي، ومحاولة انخراط متأخرة وغير كاملة في المشروع الصهيوني، مع أن الكاتب بقي داعية سلام ورافضاً للاحتلال الإسرائيلي للضفة والقطاع”.
صورة آرنا في الرواية تختلف عن الصورة التي قدمها لها ابنها جوليانو في فيلمه “أولاد آرنا”، وهذا الاختلاف في الصورة يقود إلى حوار بين آدم وجوليانو. هنا نصغي إلى تقييم جوليانو للرواية: “هذه رواية منسية، اعتقد أن كاتبها نفسه قرر أن ينساها بعدما فعلت آرنا ما فعلته”. وكانت آرنا بعد أن قرأت الرواية كتبت نعياً لسامي ميخائيل وعلقته على باب بيته. “وفي الصباح عندما قرأ الكاتب إعلانه ميتاً على باب منزله، غطى خوفه بالغضب، وذهب إلى إميل حبيبي يشكو له الشيوعيين وهو يحمل الورقة بيده”.
ويستمر إبداء الرأي في الرواية، وتذكر رواية أخرى للكاتب هي “فكتوريا”. يلخص جوليانو رأيه في رواية “حوسوت” بالآتي: “هذا الكتاب هو محاولة لتحطيم صورة العرب الفلسطينيين. كان يريد تهشيم صورة صليبا وآرنا اللذين عاشا المأساة في حياتهما اليومية، فقام بتحويل المأساة إلى مسخرة”.
في أثناء الكتابة عن الشاعر راشد حسين يؤتى على ناحمان بياليك.
يوجّه، في الرواية، السؤال الآتي إلى راشد الذي ترجم أشعار الشاعر العبري: “هل أنت حاييم ناحمان بياليك الفلسطيني؟ قل لي بربك لماذا ترجمت الشاعر القومي الإسرائيلي إلى العربية؟”. فيجيب: “بياليك كان إنسانا مات في غير أوانه”.
ولعل حضور راشد حسين في الرواية يستحق مقالاً خاصاً.