غير مرة كتبت عن القدس التي غالباً ما يكون الطريق إليها محفوفاً بالمصاعب والمشاكل.
الطريق إلى القدس صعب ولكنه يهون أمام الفلسطينيين، فهي كما يافا وحيفا وعكا، مهوى الأفئدة ومحط الرحال. ترنو إليها أنظارنا، فنحتمل لأجلها وعثاء السفر، ونكابد ونعاني و…
الطريق إلى القدس متعب وفيه مهانة، حيث تمعطنا المعاطات ونصعد الجسور وننزل من حافلة لنصعد أخرى، ولكن ما إن نجتاز المعبر حتى ننسى ما المعاناة، وحين سألني زياد خداش في زيارتنا، ونحن قرب باب الخليل، عما تعنيه لي القدس، أجبته:
– ما إن اجتزت اليوم المعبر ووصلت إلى باب العامود حتى شعرت أنني في الجنة.
ولم أبالغ، علما بأنني لم أدخل إلى الجنة، فصورتها تشكلت في ذهني من الأدبيات الإسلامية ومن زيارة أماكن جميلة، ما إن نراها، إلا ونقول:
– إنها قطعة من الجنة.
في آذار انتهت صلاحية البطاقة الممغنطة التي تسهل للفلسطينيين العبور، عبر معابر خاصة بهم، إلى القدس ومناطق ١٩٤٨، وكان علي أن أجددها، علما بأنني في هذا الشهر سأدخل في عامي السبعين حيث صارت حركتي بطيئة وسفري إلى خارج مدينة نابلس أمراً يجب أن أفكر فيه، بسبب السكري وآثاره، ولقد أردت قبل أن أجتاز المعبر، لشدة لهفتي للقدس، أن أختصر الطريق لأصل إلى المعاطة، فصعدت طلعة ما كان يمكن أن أنجح في إتمام صعودها لولا مساعدة شاب أمسك بيدي. وكان يمكن أن أقع فلا أصل إلى المدينة وأعود مكسوراً.
حين تجتاز آلة الفحص وتعطيك المجندة إشارة بالمرور، تتنفس الصعداء، فلقد أيقنت الآن أنه بإمكانك زيارة البلدة القديمة ومعالمها.
ما إن وصلت إلى باب العامود حتى دلفت إلى (جروزالم هوتيل) حيث أبلغني زياد وحسام أبو عيشة أن أحمد أبو سلعوم سيكون بانتظاري، فرأيته بعد انقطاع ٣٥ عاماً وأكثر، علماً بأنني تابعت في شهر رمضان الأخير، مسلسل “أم الياسمين” الذي كان فيه وحسام أبو عيشة نجمين من نجومه.
في ٨٠ القرن ٢٠ تعرفت إلى أحمد حين كنت محرراً في جريدة “الشعب” المقدسية وأتردد على مكتب مجلة “العودة”.
كما لو أننا لم نفترق هذه المدة، وسرنا معاً من باب العامود إلى البلدة القديمة حيث زياد وحسام ومعهما أمين السادن، وهو عراقي مقيم في كندا، ينتظروننا في مطعم أبو شكري الشهير للحمص والفلافل، وللمطعم قصص قصها على مسامعنا حسام ومنها أن حمص أبو شكري الأشهر في المدينة، فقد عرفه منذ كان طفلاً وشاباً يافعاً.
كان أبوه يرسله إلى المطعم ليشتري وكذلك، لاحقاً، صاحب العمل. تحدث عن جودة الحمص وبراعة أبو شكري في تقدير الكمية والمذاق، ولكن أهم من هذا هو بركة الكمية التي يضعها أبو شكري في الصحن.
حسام يؤمن بأن القدس مدينة كل ما فيها مبارك وحمص أبو شكري “فيه بركة”، فعندما كان يذهب ليحضر صحن حمص لـ ١٣ عاملاً، يتساءل إن كان الصحن يكفي، ولم يتأكد من ذلك إلا بعد أن ينتهي العمال من الطعام.
القدس مدينة مباركة والمسيح كان يطعم السمكة لعشرات وكان رغيف الخبز يشبعهم. هل آمن أحمد أبو سلعوم بما يؤمن به حسام؟
ونحن نتناول الحمص انضم إلينا زياد طه ابن أبو شكري. كان زياد في٧٠ و٨٠ القرن ٢٠ يكتب الشعر وينشره في جريدة “الشعب” ومجلة “الشراع” وفي صحف أخرى، ولكنه لا يعد نفسه شاعراً محترفاً.
ذكرنا بتلك السنوات التي أسهمت في تكويننا الثقافي وكانت القدس المركز في الحياة الثقافية، فيم كانت رام الله ونابلس هوامش.
وأنا وأحمد نسير معاً سألته، لكي أتأكد، إن كان هناك، من قبل، مقهى في مدخل باب العامود. المقهى الآن صار محل بيع للملابس، وإن لم تخني الذاكرة فقد خص القاص محمود شقير مقاهي مدينة القدس بصفحات فيما كتبه عن المدينة.
ما إن غادرنا المطعم حتى سرنا إلى كنيسة القيامة التي يكثر المترددون إليها لرؤيتها كمعلَم ديني يبهر بناؤه الأنظار، أو لقناعة دينية، أو لإشعال شمعة، أو لمباركة بعض ممتلكاتهم من أساور أو قروط ذهب أو ملابس، أو لرؤية معالم المدينة ذات الديانات السماوية، أو لالتقاط صور، والكنيسة تحكي قصة اختلاف الطوائف المسيحية فيما بينها والتسامح الإسلامي المسيحي أيضاً، فمفاتيحها مع عائلتين مسلمتين، حلاً لإشكالية الطوائف التي تريد كل طائفة منها أن تكون المفاتيح بيدها.
عشرات بل مئات الزوار يؤمون الكنيسة، فتغص بهم ساحتها ويمتلئ بهم داخلها، ولم يترك حسام أبو عيشة لذكرياته أن تظل حبيسة. لقد أراد أن يشركنا فيها، ففي الكنيسة تعلم أول درس في السرقة وأبدى أول استعداد للتحول للمسيحية لينجو.
عندما كان طفلاً زار الكنيسة مع صديق مسيحي وشاهد الزوار يتبرعون لها بالدولارات يضعونها في صندوق زجاجي. أغرته، هو الفقير وزميله، الدولارات فقرر أن يحصل على بعضها. هكذا أحضر دبوساً وقطعة علكة ليخرج أوراق الدولارات من الصندوق، وما إن نجح حتى كانت يد تمسك به وبصديقه وتقرر معاقبته.
عاقب رجل الكنيسة الطفل المسيحي حسب الشريعة المسيحية، فعفا عنه، وقرر أن يأخذ حسام إلى الأقصى لتطبق عليه الشريعة الإسلامية – أي قطع اليد.
ولما خاف فقد أبدى استعداده لأن يصبح مسيحياً. حسام الفنان يقص الحكاية بطريقته المشوقة التي تفقدها الكتابة بعض جمالياتها.
قرب الكنيسة يكمن مسجد عمر بن الخطاب، وتجاور الكنيسة والجامع يعيد الزائر إلى التاريخ الإسلامي في القدس والعهدة العمرية، ولم أكن أعرف أن هناك عهدة صلاحية – نسبة إلى صلاح الدين الأيوبي – إلا حين زرت، لأول مرة، كنيسة الفادي التي لا تبعد عن كنيسة القيامة إلا بضع عشرات من الأمتار.
ما إن اقتربنا من كنيسة الفادي حتى دعانا حسام إلى زيارتها وشرب القهوة في باحتها الداخلية.
لا أعرف تاريخ الكنيسة هذه وقصتها، ولكن ما إن دخلت إليها حتى شعرت أنني أدخل إلى كنيسة في مدينة ألمانية مثل بون. سيان. الكنيسة لا زوار فيها، خلافاً لكنيسة القيامة التي تعج بالزائرين السواح. هبطنا إلى طابق أرضي نجلس في باحته حيث الطاولات والكراسي وأشعة شمس نهاية أيار.
احتسينا القهوة التي أحضرها لنا حسام وتجاذبنا أطراف الحديث ما يقارب الساعة، وواصلنا سيرنا متجهين إلى حارة النصارى.
في حارة النصارى تتذكر الروائي نبيل خوري صاحب ثلاثية فلسطين (١٩٧٤) وعنوان إحداها “حارة النصارى”. نبيل كتب عن القدس بألم وحسرة. ضاعت القدس في ١٩٦٧ برمشة عين ليظل مقيماً في المنفى يعمل في الصحافة ويحن إلى مدينته ووطنه عله يسهم في تحريره، ولكن أنى… !!
مثل نبيل عيسى بلاطة الذي لم يفقد الأمل بالعودة إلى القدس فكتب روايته “عائد إلى القدس” (١٩٩٨) ثم واصل تدريسه في الجامعات الكندية حتى توفي ولم يعد. شوارع يطيب المشي فيها والحارة تقود إلى الحارة.
أمام مبنى القشلة توقفنا. هنا كان الأتراك العثمانيون يقيمون أيام حكمهم ليسيروا حياة المدينة. هنا إحدى قلعتي القدس والقلعة الثانية في برج اللقلق.
المدينة طروس، والتعبير للعراقي علي بدر الذي كتب روايته عن القدس قبل أن يراها؛ روايته “مصابيح أورشليم: رواية عن إدوارد سعيد” (٢٠٠٦) أتى فيها على القدس تاريخياً وشبه طبقاتها، في توالي ثنائية البناء والهدم، فالبناء فوق الهدم، فالهدم فالبناء، بالطروس. طرس فوق طرس. مدينة تشيد على أنقاض مدينة. حين قلت على مسمع حسام وأحمد وزياد وأمين إن المدينة هدمت وبنيت تسع عشرة مرة صححني حسام:
– بل إحدى وعشرون مرة.
هنا حكم العثمانيون بعد المماليك والأيوبيين فالاحتلال الصليبي، وهنا فتح في السور، لغليوم الثاني الألماني الذي زار المدينة في القرن ١٩، باب سمي الباب الجديد، ونعته الناس “باب الهوى”، وعنه كتبت ليلى الأطرش في روايتها “ترانيم الغواية” (٢٠١٥) ووصفت القدس بأنها مدينة لها حياتان؛ حياة الباطن وحياة الظاهر، حياة الليل وحياة النهار، ومن باب الهوى خرج في الليل أبناء القدس، ممن يحب الانبساط والهوى، ليتردد على الأحياء الجديدة حيث الملاهي وبيوت الغناء، وقليلون من أبناء القدس، في هذه الأيام، من يعرفون هذا الاسم – أي باب الهوى.
في نهاية حارة النصارى نجد أنفسنا نواصل المشي في حارة الأرمن، وأطرف ما سمعته من حسام هو أن السيد المسيح تتشكل صورته وتتلون، إذ كل طائفة تسبغ عليه شيئاً من فهمها الخاص للمسيحية. سأطلب من زياد الذي يزور القدس باستمرار أن يكتب رواية يوظف فيها أسلوب وجهات النظر يأتي فيها على الصور المختلفة للمسيح. كما لو الطوائف في رواياتها قوس قزح. (غالباً ما يبدو المسيح شبيهاً بالجنس البشري الذي يقدسه. يبدو أبيض أوروبياً عند الأوروبيين وحنطي البشرة عند حنطيي البشرة وأقرب إلى الهنود الحمر عند الهنود الحمر وهلمجرا).
عندما وصلنا إلى بوابة داوود التي روى لي حسام قصتها في بداية حرب حزيران ١٩٦٧ تأملت في رواية الحكاية. كل يروي حكايته بطريقته. البوابة هي بوابة داوود الدجاني والأراضي التي حولها تعود لعائلته، وقد أدت العائلة خدمة كبيرة للقدس إذ حافظت على ممتلكاتها بعد أن استبسل أبناؤها مع جنود الجيش الأردني في الحرب في الدفاع عنها. استشهد أربعة من عائلة الدجاني وثلاثة من مقاتلي الجيش الأردني وهم يصدون الإسرائيليين لمنعهم من اقتحام البوابة.
كانت وفود الزوار زرافات ووحداناً، مواطنين بلباس مدني وأفراد من العسكر الإسرائيلي. يأتون إلى البوابة ليرووا روايتهم زاعمين أن البوابة بوابة نبيهم.
هل كنت من قبل أعرف القدس؟
لم أعرف الكثير عن مقابر المدينة. مرة قبل ٢٠ عاماً شاركت في جنازة فداست قدماي تراب إحدى المقابر بمحاذاة السور، وبعدها قرأت رواية ميرفت جمعة “ماميلا” عن مقبرة مأمن الله، فتشكلت لدي فكرة عن محاولات الصهيونية إثبات أحقيتها بالمكان من خلال عظام من دفنوا، وهو ما عبر عنه محمود درويش إثر حرب حزيران ١٩٦٧:
“عالم الآثار مشغول بتحليل الحجارة”.
نعم إنهم مهووسون بالآثار لإثبات ملكيتهم الأرض. وعندما قرأت قصيدة تميم البرغوثي “القدس” قرأت عن التراب الذي يضم رفات من جاء المدينة غازياً وأقام فيها ومات على أرضها. شواهد القبور شاهدة على تعاقب الغزاة. كلهم جاؤوا وكلهم زالوا ولم يبقَ منهم إلا رفات موتاهم.
ونحن نمر بمقبرة صهيون تذكر زياد وحسام وأحمد شيرين أبو عاقلة وحكايات الأخيرين معها وهي كثيرة ليس أقلها أن حسام أجرى مقابلة معها وصورها قبل قتلها، وأن أحمد استعان بها لتغطية نشاط فني أحياه في باب العامود، واختلف فيه مع الشرطة التي حضرت بالعشرات، فما كان من أحمد إلا أن رفض تقديم العرض حتى ينسحبوا وقد حقق ذلك وصار يكرر إنه أول من أجبر الإسرائيليين على الانسحاب الجزئي من القدس.
سأل زياد حارس مقبرة صهيون إن كان بإمكاننا الدخول لزيارة قبر شيرين فلم يمانع. ترقد شيرين الآن في المقبرة حيث خلودها الأبدي في تراب مدينتها؛ شيرين التي قتلها قناص إسرائيلي في أيار ٢٠٢٢ وهي تغطي أحداث اقتحام مدينة جنين ومخيمها.
لقد صار قبرها محجاً لمحبيها وللصحافيين الأحرار في هذا العالم الذي لم يرحم الفلسطينيين.
حين تركنا المقبرة سرنا باتجاه السور من الخارج ليقلنا نضال أحمد أبو سلعوم إلى السواحرة الغربية – جبل المكبر – حيث ينتظرنا الأديبان جميل السلحوت ومحمود شقير في بيت الأول. كنا نطل على المنطقة التي عرفت بين ١٩٤٨ و١٩٦٧ بالمنطقة الحرام وعلى قرب منها مبانٍ استيطانية صهيونية أنشئت مع بدايات القرن ٢٠ لتشجيع اليهود على الاستيطان في القدس.
ثري صهيوني أقامها ليأتي إليها اليهود ليكثر عددهم. (في بداية ٧٠ القرن ٢٠ كنت أمر من هذا الطريق إلى بيت لحم، فلم يكن ممنوعاً على أبناء الضفة الغربية وكنت أرى باب الخليل من الخارج وأظن أنني يومها زرته ورأيت المكان).
هل يمكن أن يغيب جبرا إبراهيم جبرا عن أذهاننا نحن الكتاب ونحن في القدس؟
اسم المنطقة المشار إليها هو “جورة العناب” وسميت كذلك، كما قال أحمد، لأنها كلها كانت تزرع بالدوالي حيث تعطي العنب.
في الصيف يكون منظرها أخضر، وقد كتب عنها جبرا في سيرته “البئر الأولى” (١٩٨٦) حين تحدث عن أماكن إقامته بعد ترك عائلته مدينة بيت لحم.
هنا أقام جبرا ذات يوم وكانت المنطقة فقيرة يقطنها الفقراء، ولكنها ذات مناظر طبيعية خلابة.
في القدس لا يمكن أن تنسى جبرا، فهذا الكاتب الذي أقام في بيت لحم والقدس وإنكلترا والعراق وسافر إلى بلدان كثيرة ظلت القدس مدينته المنشودة الساحرة فكتب عنها في “صيادون في شارع ضيق” (١٩٦٠) و “السفينة” (١٩٧٠) و”البحث عن وليد مسعود” (١٩٧٨).
ثمة شيء ساحر في القدس؛ شيء واضح غامض لشدة وضوحه. ثمة رائحة تاريخ دفعت زياد لأن يسألنا السؤال الآتي:
– ما الرائحة التي تشمها في القدس؟ ما رائحة القدس؟
عندما استقبلنا جميل ومحمود وأحسنا استقبالنا قدم لنا جميل طعام المنسف؛ الوجبة التي يقدمها أبناء السواحرة لضيوفهم.
محمود وجميل كتبا عن القدس الكثير. إنها مدينة الأول الأولى التي فضل بعد عودته من إبعاد قسري دام ١٨ عاماً الإقامة فيها.
كتب عن القدس غير كتاب وكتب جميل عنها وعن العادات والتقاليد في المجتمع الريفي المحيط بها روايات عديدة عالج فيها موضوعات اجتماعية كثيرة مثل الزواج والطلاق والليلة الأولى واليتم والترمل والعنوسة واللجوء.
ما هي رائحة القدس؟
يصر زياد على سؤاله، وهو سؤال يبدو محيراً. هل للمدن روائح؟ هل للنساء روائح؟ ولطالما ربط الشعراء بين المرأة والمدينة.
– للقدس رائحة الياسمين. هكذا أجبته، فالمدن العربية القديمة كانت تزرع في أصص الزريعة الورد والياسمين، وهكذا رأى نزار قباني رائحة دمشق.
فكر محمود ملياً ثم أجاب:
– ليس ثمة رائحة معينه للقدس، فكل حارة من حاراتها، كل سوق من أسواقها له رائحته الخاصة به تبعاً لما اشتهر به اقتصادياً. رائحة التوابل ورائحة الملابس ورائحة الزعتر والبيض قرب الأفران و… و… و.
في الرابعة عصراً كان علي وعلى زياد العودة، والعودة من القدس إلى رام الله لم تكن قبل عقود تستغرق أكثر من ٢٠ دقيقة. الآن في الرابعة عصراً قد تستغرق ساعتين للاكتظاظ المروري، وربما هذا هو السبب الذي يجعلني لا أزور القدس في فصل الشتاء، فالنهار قصير والشوارع بائسة و… و….
منذ أشهر وزياد يسألني:
– متى نزور القدس؟
وأنا أعتذر، وسبب اعتذاري هو المعاناة في الذهاب والإياب حيث تمر بنا الساعات في الطريق إلى القدس طويلة، لا بسبب طول الطريق وإنما لاكتظاظه بالسيارات، لدرجة أنك تكرر مع المتنبي:
“نحن أدرى، وقد سألنا بنجد،
أطويل طريقنا أم يطول”.
موضوع واحد ألح علي وأنا أسير بصحبة الفنانين أحمد وحسام وهو كتابة ذكرياتهما عن المسرح في القدس وتجربتهما فيه. حقاً لماذا لم يكتبا مذكراتهما عن تجربتهما الغنية حيث قدما مئات العروض المسرحية؟
*****
عندما اقتربنا من معبر قلنديا لاحظنا قواعد إسمنتية تنشأ فشرح لنا أحد الركاب السبب:
– إنها لإقامة نفق يمر منه الإسرائيليون، ليكون لهم طرقهم الخاصة، فلا يروننا. إنهم لا يحبون رؤيتنا أو الاختلاط بنا.
ولا حاجة للسؤال، قياساً على ما سأله محمود درويش: أيهما أجمل: البيت أم الطريق إلى البيت؟
فالقدس، بلا تردد، أجمل مليون مرة من الطريق إلى القدس.
المصدر والصورة
https://www.al-ayyam.ps/ar_page.php?id=160d883fy369985599Y160d883f
تم النشر بإذن من الكاتب