انتهيت للتو من قراءة كتاب ( دقيقة واحدة من اليقظة ) 240 صفحة للكاتب دونالد ألتمان وترجمة الصديقة وفاء وسوف . وأحب أن أعطي رأيي بكل مصداقية ونزاهة . بداية كثيرة هي الكتب التي قرأتها والتي كانت غايتها بيع السعادة والأمان والإحساس بالثقة بالنفس والنجاح . وكلها كانت كتباً تجارية تبيع الناس أوهاماً وتقدم لهم معلومات طبية خاطئة . ما يميز كتاب دقيقة واحدة من اليقظة أنه كتاب واقعي بسيط وعميق جداً . وشيق ( لأن التشويق مهم جداً برأيي في القراءة ) وهو كتاب يمكن للمراهقين قراءته أيضاً وفهم الكثير من المعلومات القيمة التي يقدمها . لذا كان مُحقاً صديقي مازن طبولي حين كتب لي : هذا الكتاب يجب أن يقرأه الجميع . أهمية هذا الكتاب أنه يحترم الإنسان ويفهم روحه وسبب وجوده وغاية حياته ، ومن العبارة الأولى في الكتاب أي المقدمة : عش الستين ثانية القادمة كما لو كانت حياتك كلها تعتمد عليها . نجد أن كل فصل في الكتاب ينطلق من هذه العبارة وينتهي عندها . ثمة أفكار رائعة تبدو بسيطة وسهلة لكننا نعيش غافلين عنها مثل علاقتنا بأجسادنا وعاداتنا وطريقة تفكيرنا وعلاقتنا بالآخر . في فصل ( أطلق العنان للإبداع ) الذي أحببته جداً ثمة سؤال يفجر الإبداع هو : ماذا لو !! ليتنا لا نيأس ونظل نسأل ماذا لو ! عندها سيجد عقلنا طرقاً مبتكرة وجديدة للإبداع . وثمة فصل رائع هو ( الهروب من فخ الكمال ) ففكرة الكمال تعذب الكثيرين . وتعذب المراهقين والأطفال الذين يجدون أنفسهم ضحايا رغبات أهلهم أن يكونوا كاملين . يقول الكاتب : الكمال لا يرحم . كم كنت أحتاج لتأمل ذلك الفصل من الكتاب الذي يقول : ليكن الصبر والثقة هما أفضل أصدقاؤك . فأنا ( صدقاً ) أفتقد الصبر . وعن فعل الخير يؤكد الكاتب بأن فعل الخير يحرر القلب ويُفجر بداخلنا منابع السعادة . وحين تواجهك مشكلة أترك المشكلة التي تحاول حلها واسمح لأفكارك بالتدفق كما تريد . لا يُمكنني الإحاطة بكل فصول الكتاب القيم ( كتاب الإنسان ) أتمنى صدقاً أن يقرأه الجميع وأن يكون مُقرراً في المناهج المدرسية . ومن المهم أن ألفت الانتباه إلى المعلومات الفيزيولوجية والتشريحية الدقيقة والصحيحة والهامة جداً التي وردت في الكتاب والتي أسعدتني جداً كوني طبيبة وكيف نجح الكاتب والمُترجمة في نقل واستخدام تلك المعلومات الطبية المعقدة وتقديمها بطريقة مفهومة وبسيطة . أخيراً وبكل صدق ثمة جمال لافت في الأسلوب . فبعض الصفحات والمقاطع أشبه بلوحة أدبية إبداعية . وأظن هذا عائد لبراعة المُترجمة وأختم بالوصف عالي الإبداع الذي فتنني : الصباح جامح ، راقب أنفاسك وافسح الها المجال لتصبح سلسة . إن أنفاسك هي القبلة الحميمة في هذه اللحظة . صدقاً لم أقرأ أجمل من وصف للأنفاس كهذا الوصف . كل الشكر لك الصديقة الغالية المبدعة وفاء وسوف على إختياراتك وعلى تقديم هذا الكتاب الرائع الذي يحترم الإنسان وينير روحه ويساعده لعيش إنسانيته بسلام ورضا . وكما في أول صفحة في الكتاب : هذا الكتاب مخصص للسلام ولكل من يبحث عن السلام داخلاً وخارجاً . وسأكتب عنه أيضاً مقالاً . كل المحبة . أغنيتي يومي . وعلمتني الصبر .
شاهد أيضاً
موضوع السجن في الأدب الفلسطيني قبل العام 1948
في التاسع والعاشر من الشهر الجاري، قدمت ورقة في مؤتمر الرواية في جامعة اليرموك الذي …