إميل حبيبي (IV)

9-قراءة في قصة إميل حبيبي (حين سعد مسعود بابن عمه )

“حين سعد مسعود بابن عمه” واحدة من قصص ستة كتبها إميل حبيبي ما بين نيسان 1968 وتشرين الأول من العام نفسه، ونشرها ابتداءً في مجلة “الجديد” التي أصدرها الحزب الشيوعي الإسرائيلي، لتنشر، فيما بعد، في مجلة “الطريق” التي يصدرها الحزب الشيوعي اللبناني أولا، وفي كتاب في روايات الهلال في مصر، في مطلع العام 1969، مع رواية (فيركور): “صمت البحر”، وهي رواية من الأدب المقاوم، لاقت ذيوعاً وانتشارا واسعين في العالم العربي، وتناولها بالدرس د. طه حسين وآخرون، وتركت بصماتها في أدبنا العربي.
ولم يكن إميل حبيبي، حين كتب السداسية، يحترف الأدب، فلم يكن كتب ما بين العام 1948 والعام 1967، سوى قصص قصيرة قليلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، بالإضافة إلى تمثيلية قصيرة. كتب إميل “لا حيدة عن جهنم”، وكتب “بوابة مندلباوم” و”النورية” و”قدر الدنيا”. ولم يلتفت إليه أديبا. وحين قدم لكتاب “سداسية الأيام الستة” يوم صدرت في حيفا، بعد أن ذاع صيته في العالم العربي، بسبب السداسية، أشار إلى أنه يحترف السياسة ويتذوق الأدب، فيسند بذلك الواحد بالآخر، وأشار إلى انه يكتب القصة في أوقات متباعدة، يكتبها حين يضيق صدره عن آهة لا يقوى صدره على حبسها.
والتفت إميل في المقدمة إلى ما كان يشغله دائما: الفرقة وتخيلات اللقاء، “وهما في الواقع موضوع جميع القصص التي جمعتها في هذا الكتاب”. وإذا كانت “بوابة مندلباوم” التي كتبها في آذار من العام 1954 تأتي على الفراق، حيث تترك المرأة مدينة الناصرة التي كانت تقيم فيها، لتقيم في القدس العربية، مفترقة بذلك عن عائلتها، فإن قصة “حين سعد مسعود بابن عمه” تأتي على اللقاء بين أبناء العائلة الواحدة، ولكن إثر هزيمة العام 1967.
وربما ما يجدر الإشارة إليه، قبل تناول القصة، الالتفات إلى نهايات إميل حبيبي السياسية والأدبية. لقد عرف إميل كاتبا سياسيا، وسياسيا بالدرجة الأولى، ولم يكن يعرف أديبا، وقد أقر هو بهذا، وهذا ما لاحظناه قبل أسطر، حين اقتبسنا عبارته التي صدر بها السداسية، ولكنه انتهي أديبا، وإن ظل يكتب المقالة السياسية، غير أنه ظل يكتبها دون أن يكون يعبر عن وجهة نظر حزب، بخاصة بعد أن ترك الحزب الشيوعي الإسرائيلي. وفي هذه الأثناء- أي بعد تركه الحزب- أخذ يقول غير ما كان يقوله، وهو في الحزب، عن العلاقة بين الأدب والسياسة. كان، وهو في الحزب، يجمع بين بطيختين في يد واحدة، وحين مال إلى الأدب قال: إنه غير قادر على حمل بطيختين في يد واحدة، بطيخة الأدب وبطيخة السياسة، فاحتفظ بالأولى، وترك الثانية. ولا أدري إن كان يعبر بذلك عما قاله في مقدمة السداسية: ويعود الأدب يسند السياسة الصحيحة.
وربما يتساءل المرء: هل حقق الأدب لإميل حبيبي من الشهرة أكثر مما حققته له السياسة؟ بخاصة في العالم العربي والعالم، لا في فلسطين المحتلة في العام 1948، ففيها كان إميل معروفا جيدا، حتى قبل أن يغدو أديبا، بل إنه عرف أديبا في فلسطين، بعد أن اعترف به أديبا في العالم العربي، بعد هزيمة حزيران، فهو حين نشر السداسية في الجديد، وحين نشر قبلها بعض قصصه في الجديد أيضا، لم يلتفت إليه النقاد في فلسطين، ولم يعترفوا به أديبا إلا بعد أن اعترف به في العالم العربي، يكتب إميل:
” فأخذ عدد من دور الإذاعة العربية، ومنها القاهرة، في اقتباس قصص “السداسية” تمثيليات إذاعية أثارت اهتمام الناس هنا في إسرائيل، الذين كان كثيرون منهم قد مروا عليها في “الجديد” دون انتباه. هذه هي الطبيعة الإنسانية، عموما، فكيف لا نفهمها في فرع يحن إلى جذعه!”.
ولقد أعاد العالم العربي نشر أعماله الأدبية مرارا، وأنجزت عنها دراسات ورسائل ماجستير ودكتوراة، لم يكن إميل ليحظى بها لو ظل سياسيا، دون أن يكتب الأدب، وترجمت اعماله إلى العديد من اللغات: الإنجليزية والفرنسية والألمانية والعبرية أيضا، واحتفل بها وبه، احتفالا كبيرا. ترى ألهذا حمل إميل، في النهاية، بطيخة الأدب؟ ربما يستحق الأمر دراسة مفصلة، فثمة أسباب أخرى أيضا، لا شك في ذلك.
العنوان والتصدير:
يقول لنا العنوان إن مسعودا سعد بابن عمه، وهذه السعادة لم تكن عادية، ذلك أنها جاءت بعد شعور مسعود بغربة داخل وطنه، سببتها نكبة العام 1948، وقد لاحظنا ونحن نقرأ قصة نجوى قعوار فرح “أمر الخيارين” وقصة توفيق فياض “الحارس” المأساة التي ترتبت على الحرب: تشرد العائلة الفلسطينية وتشتتها، وحين تم اللقاء، في قصة قعوار، انتهت القصة بالموت، موت أبي إبراهيم، لأنه التقى بأبنائه، ولكنه فارق وطنه وأشجار زيتونه ومنزله.
وأما الحارس في قصة فياض فما عاد يلتقي بابنته وحفيدته، ولا ندري إن كان التقى بهما، بعد هزيمة 1967، هذا إذا ظل على قيد الحياة.
لقد ظل مسعود، في الناصرة، تسعة عشر عاما كأنه مقطوع من شجرة، فلا أقارب له، لا أعمام ولا أبناء عمومة، فهؤلاء كلهم في جنين أو في المنفى، ولا إمكانية للقاء. صحيح أنه بين أهله الفلسطينيين في الناصرة، ولكن أهله هؤلاء ليسوا أقاربه، وإذا كان المثل قال: أنا وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب، فمن سيقف إلى جانب مسعود حين يختلف مع رفاقه الأطفال، وهكذا سيظل مسعود مقطوع الأصل والفصل، يكنى بكنى غريبة، مع أنه يحبها إلا أنه يحب أن يكون له، كغيره، أعمام وأخوال.
ولهذا، ما إن يزور سامح وأهله مسعوداً وأهله، حتى تختلف مشاعر مسعود، بل وحتى تختلف معاملة أصدقائه له، “فلأول مرة سمع الأولاد يقولون له، دون سبب معقول: مرحبا، وظلوا يمرحبونه من عتبة البيت حتى دكان أبي إبراهيم…”
وهكذا اختلفت معاملة الآخرين له. حين سعد مسعود بابن عمه، اختلف سلوكه، واختلفت تصرفاته، بل واختلف سلوك الآخرين وتصرفاتهم نحوه، بل إن معاملة أمه له أيضا اختلفت فقد وجدها لأول مرة تفهمه ولا تعانده:
“قامت مع الفجر وفتحت صندوق الثياب وألبسته بزة العيد ببنطلونها الطويل. ولأول مرة لم يعاند والدته، فغسل وجهه دون جر ودون لكمات. وتظاهر بالأدب في حضرة ابن عمه، سامح، الذي في مثل سنه، والذي يلفظ القاف قافا ويفخمها. ولأول مرة أفطر دون أن يشرشر على قميصه. ولأول مرة وجد أخاه الكبير، مسعدا، يدس في جيبه، وفي جيب سامح، قروشاً”.
هذا، وغيره، ما حدث حين سعد مسعود بابن عمه. حين التقى به بعد أن كان الآخرون يظنون أنه مقطوع الأصل والفصل. ولقد تبين له أنه ليس كذلك، وأنه ليس غريبا في هذه الدنيا. كأن لسان حال مسعود، قبل أن يلتقي بابن عمه لسان حال فيروز وهي تغني:
لماذا نحن يا أبت
لماذا نحن أغراب
أليس لنا بهذا الكون
أصحاب وأحباب؟؟
وسيزول هذا الشعور، وهذا التساؤل، حين يلتقي مسعود بابن عمه، ولن يحيا، طالما ظل سامح بصحبة مسعود، بمشاعر مثل هذه، ولن يتساءل مثل هذا التساؤل. ولكن النهار يوشك أن يغرب، ولا بد من أن يعود سامح إلى المكان الذي جاء منه، وهذا ما سيقلق مسعودا، ولذلك نجده في نهاية القصة لا يجرؤ على أن يسأل أخته الفيلسوفة، السؤال التالي، خوفا من لطمة كف:
“هل، حين ينسحبون، سأعود كما كنت… بدون ابن عم؟”
وحين ينام ينام وهو يحلم بسامح وبأخيه الذي في الكويت، الذي زار القاهرة، وحضر غناء عبد الحليم حافظ بشخصه.
ونحن، الآن، ونحن نقرأ هذه القصة بعد أربعين عاما من كتابتها، ندرك أنه- أي مسعود- ما عاد بابن عم. لقد غدا بدون ابن عم، بل ولقد غدا بدونه منذ سنوات سابقة تعود إلى الفترة التي غدا الوصول فيها إلى الناصرة وبقية مدن فلسطين غير ممكن إلا بتصريح إسرائيلي يصعب الحصول عليه ،ولقد ازداد الطين بلة منذ العام 2000 ، وتحديداً منذ 28/9/2000 ، بداية تفجر الانتفاضة الثانية .
لقد غدت حسرة مسعود، وحسرتنا، مضاعفة، فإذا كانت الحسرة سببها عدم المعرفة،إن كان لنا أبناء عم،أو إن لم يكن،فقد غدا السبب أننا نعرف أنهم موجودون ،وأننا غير قادرين على الوصول إليهم . لقد عادت الأسرة الفلسطينية تعاني ،من جديد،من التشتت والغربة ،ولقد عادت ،من جديد ،غير قادرة على التواصل إذا ما أرادته ، لا لسبب ذاتي فردي ،بل لسبب يعود إلى الاحتلال ،وهذا ما كان قبل العام 1967 ،وهذا ما أبرزته قصص “بوابة مندلباوم” لإميل حبيبي ، و”عام آخر” لسميرة عزام، و”متسللون” لحنا إبراهيم .
وسيكون موضوع الفرقة فاللقاء فالفرقة حاضراً حضوراً لافتا في رواية إميل حبيبي ” الوقائع الغربية في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل” (1974). إنه موضوع له حضوره الكبير في أدب الداخل الفلسطيني، وأدب الخارج- أي أدب المنفى، وهذا ما لحظناه أيضا في رواية غسان كنفاني “عائد إلى حيفا” (1969). ترك سعيد. س ابنه خلدون، وهو رضيع، في المنزل، في غمرة فوضى الحرب في العام 1948، وظل الأب والأم تسعة عشر عاما محرومين من رؤيته، فربي تربية يهودية، وغدا يهوديا بالتربية، وحين زاراه في العام 1967، بعد الهزيمة، تنكر لهما. وهكذا انتهى اللقاء بالافتراق، كما انتهى لقاء مسعود بابن عمه سامح بالافتراق أيضا. ولئن كان الفلسطيني في قصة سميرة عزام “فلسطيني” يشعر بغربة بين إخوته العرب، فإن مسعود يشعر بغربة بين أخوته الفلسطينيين أيضا.
أدب الهزيمة، هزيمة حزيران:
انعكست هزيمة حزيران في نصوص أدبية كثيرة، وتعد هذه واحدة منها. ولقد لفت الأمر أنظار الدارسين فأنجزوا غير دراسة وغير كتاب في هذا الجانب، ولعل أبرز هذه الكتب كتاب: انعكاس هزيمة حزيران في الرواية العربية. ولعل صاحب الكتاب أتى على “سداسية الأيام الستة” ودرسها، كما درسها كثيرون.
في هذه القصة نلحظ انعكاس الهزيمة على المجتمع الفلسطيني، وهو انعكاس يبدو، للوهلة الأولى، إيجابيا، فبعد أن كانت العائلة مشتتة، لا يعرف أفرادها بعضهم بعضا، اجتمعت العائلة وسعد أفرادها، وهكذا ولدت الهزيمة السرور، على الأقل سرور مسعود بابن عمه، ومثله كثيرون. ولكن هذا اللقاء الذي تم بعد افتراق نجم عن الهزيمة نقيضه، فقد افترقت عائلات كثيرة من جديد، ولم تعد ترى بعضها إلا عند الضرورة القصوى. لم يعد كثيرون من الفلسطينيين، من أهل الضفة والقطاع، ممن لهم أقارب في الشام أو في لبنان، قادرين على لقائهم، إلا بعد مشقة، وهكذا افترق الفلسطينيون من جديد، وازداد الأمر تعقيدا. والهزيمة التي وحدت الفلسطينيين، تحت الاحتلال، وجمعت الأسرة، في قصة حبيبي، وفي الواقع أيضا، وإن جزئيا، عادت لتباعد بين أسر أخرى. كان لي عم مقيم في الشام، كان يزورنا قبل العام 1967، وما عاد إخوته، بعد الهزيمة، يرونه، ومات دون أن يحضروا جنازته.
ولئن كان إميل حبيبي في قصته يصور لقاء العائلة، ولا يقص عن تجربة ذاتية، ولا يصور أثر الهزيمة عليه شخصيا، فإن قارئ الأدب العربي، والفلسطيني منه، يلحظ تأثير الهزيمة عليه بوضوح- أي الأدب. وربما تذكر المرء هنا الشاعر نزار قباني والشاعر مظفر النواب والروائي عبد الرحمن منيف، ولربما تذكر أيضا الشعراء محمود درويش وتوفيق زياد وفدوى طوقان.
بدت النزعة المازوخية في أشعار قباني ومظفر وفي رواية منيف “حين تركنا الجسر” أوضح ما تكون. لقد انعكست الهزيمة عليهم سلبا ،وتلذذ الشاعران في تعذيب الذات وشتمها وجلدها ،فيم عد الدارسون ، ومنهم جورج طرابيشي، رواية منيف أبرز رواية عربية عانى بطلها، بسبب الهزيمة، من المازوخية .
وعلى النقيض من الأدباء العرب بدا شعراء المقاومة في الداخل ،رأى زياد في الهزيمة للخلف خطوة من اجل عشر للأمام،ورأى فيها كبوة ،وكم يحدث أن يكبو الهمام ،وازداد ، إصرارا على التحدي والمواجهة،وظل وفيا لأرائه حتى وفاته . وذهب درويش إلى انه في لحم بلاده، وهي فيه ،وانه لا يكتب أشعارا وإنما يقاتل،وان حبه لبلده لم يتفتت بين السلاسل ،وحين زارته فدوى طوقان في حيفا تعلمت منه ومن رفاقه الكثير، وهي إذا كانت قبل الهزيمة تبكي، منطوية على نفسها، معبرة عن تجاربها الذاتية المحبطة،حيث الوحدة والعزلة والغربة، فإنها تعلمت من الهزيمة،ومن رفاقها الشعراء ،ووعدتهم ألا تبكي بعد اليوم،وغدت شاعرة تكتب الشعر القاوم .
لم يكن، إميل حبيبي،وهو يكتب قصصه يعبر عن تجربة ذاتية،ومثله عبد الرحمن منيف الذي صور انعكاس الهزيمة على نفسية المثقفين العرب في الخارج . كانا يكتبان عما فعلته الهزيمة،وعن تأثيرها في الأفراد،لا فيهما . وخلافا لهما كان الشعراء الذي انقسموا مابين جالد للذات ومصر على المقاومة.
أسلوب الحكاية:
راوي الحكاية هو من حارة مسعود،ويرويها بضمير الغائب (الضمير الثالث ) ويبدأها بالتالي: “ما تجعس مسعود كما تجعس في صباح ذلك اليوم التموزي القائظ حين نزل إلى الشارع يعلن بالدليل الحسي القاطع أن له،هو أيضا ,أعماما وأبناء أعمام”.
ويفصح لنا الراوي عن كونه واحدا من أبناء حارة مسعود، ويفصح لنا أيضا أن مسعوداً له نشاط سياسي، ومع انه لم يزد عن العاشرة إلا أنه ليس طفلا. ويواصل الراوي القص بالضمير الثالث ،ولكن الانعطافة بالأسلوب تبدو أوضح ما تكون منذ السطر الثالث عشر إذ يفاجئنا بالأسطر الأربعة التالية .
“وهاكم، يا شطار، قصة ذلك الصباح التموزي القائظ،الذي تجعس فيه مسعود،الفجلة،كما لم يتجعس في حياته من قبل .لقد بلغني من فم العصفورة التي كثيرا ما تدهش الأطفال بما تنقله من أسرارهم إلى كبارهم ، فإنهم لا يدركون أن هؤلاء الكبار إنما هم صغار كبروا :،،
وفي الأسطر الأربعة هذه ما يزيل اللبس الذي قد ينشأ حين يقرأ المرء الأسطر الأولى، فيظن للوهلة الأولى أن الراوي من جيل مسعود، وانه يعرفه ؟ أن هذه الأسطر تقول لنا أن الراوي كبير في السن، وان ما بلغه من أخبار عن مسعود وزيارة ابن عمه له،إنما تم من خلال فم العصفورة، وهذا ما يبرز أوضح ما يكون في الحكاية، ويبدو إميل متأثر بأسلوبها. وكتابة القصة القصيرة المتأثر صاحبها بأسلوب الحكاية الشعبية بدا واضحا ليس في القصة الفلسطينية القصيرة، بل وفي القصة القصيرة العربية، بل أن رواد هذه في العالم العربي أفادوا من أسلوب المقامات ،الأسلوب الذي أفاد منه إميل بوضوح، على غير مستوى، في روايته” المتشائل” (1974) .
ولم يبرز تأثر إميل بأسلوب الحكاية على أسلوب قصّه وحسب، بل انعكس على لغتها التي كانت قريبة جدا من لغة الحكاية،مع فارق أنها ليست عامية إلا في بعض المواطن، وهذا ما لفت نظر د.محمود غنايم في كتابه :”المدار الصعب: رحلة القصة الفلسطينية في إسرائيل” “حيث توقف أمام مفردات عامية في القصة أبرزها مفردة تجعس. وما من شك في أن لغة إميل في القصة تختلف عن لغته في المتشائل،وفي الأخيرة تبدو أكثر اقترابا من الفصيحة،بل هي فصيحة لدرجة تذكرنا بلغة الجاحظ وكبار الكتاب العرب الذين كتبوا بالفصيحة :أن لغته في “المتشائل” خارجة من رحم نصوص الكتاب المذكورين،ولغة كتاب المقامات .وليس الأمر كذلك في قصة”حين سعد مسعود بابن عمه”.
كلمة أخيرة:
في تقديمه يكتب إميل عن أسلوب الشتم:”ونحن،رجال السياسة،ندرك أن التنهد،مثله مثل الشتيمة،لا يقدم ولا يؤخر،فعلينا أن نصدر عن الواقع،مهما يكون مؤلما، للسير به إلى الأمام،لا إلى خلف، نحو التغيير السوي الممكن ،لا المغامر،غير الممكن ،ولكن على الرغم من كل واقعيتنا، هل نستطيع أن نمنع الإنسان عن التنهد ،والمظلوم عن الشتم؟”ولا تخلو القصة من مظاهر الشتم، الشتم الذي سيكون أوضح ما يكون في أشعار الشاعر العراقي مظفر النواب،الشعر الذي كتبه أيضا إثر الهزيمة 1967 .

عن د.عادل الاسطه

شاهد أيضاً

موضوع السجن في الأدب الفلسطيني قبل العام 1948

في التاسع والعاشر من الشهر الجاري، قدمت ورقة في مؤتمر الرواية في جامعة اليرموك الذي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *