بتاريخ ( 18 – 10 – 2025 ) عرضت قناة ( فرانس 24 ) برنامجاً وثائقياً بعنوان ( الاغتصاب كسلاح في
سجون الأسد )
مصحوباً بشهادات لنساء معتقلات تعرضن لاغتصابات متكررة من قبل ضباط وسجانين ، أيضاً اغتصابا للرجال .
لكن التركيز كان على اغتصاب النساء وسأركز على النقاط التالية :
أولاً : معظم النساء اللاتي تم اعتقالهن اعتقلن بتهم مُلفقة مثل ( ممارستهن جهاد النكاح ) أي ممارسة الجنس كترفيه
وحاجه لدى المقاتلين وتهم أخرى كاذبة ، بينما هن بالكاد شاركن في مظاهرة من أجل الحرية والكرامة أو المطالبة
بإخراج الأخ أو الابن أو الزوج من السجن . أعداد كبيرة من الصبايا والنساء كن يتعرضن يومياً لاغتصابات من
قبل رجال عديدين وبطرق وحشية و باستخدام أدوات مؤذية كالعصي وقناني المشروب ، الفظاعة الوحشية كانت
بإجبار بقية السجينات أن يحضرن حفلات الاغتصاب مجبرات على فتح عيونهن . كي تعرف كل منهن أن دورها
قادم . بعض النساء بلغت بهن الأذية الجسدية أنهن غير قادرات على الحمل طبعاً للأذى النفسي الذي تعجز اللغة
عن وصفه . بعض النساء المُغتصبات كُن يحملن من المغتصب ويتركن حاملات بالجنين ، بعضهن أنجبن أطفالاً
من المُغتصب الذي ( يا للهول ) لا يشعر أن هذا الطفل ابنه !!! إحدى المُغتصبات وكانت حاملاً في الشهر الخامس
عرضت حياتها للخطر كي تُجهض فبلعت ماء الكلور وأجهضت ولم تمت بأعجوبة .
– ثانياً : وهو الأهم : النساء الناجيات أي اللواتي أفرج عنهن عانين معاناة قاسية جداً من نظرة مجتمع ذكوري
متخلف للنساء اللاتي هن ( ضحايا) صار المجتمع ينظر لهن باحتقار وقلة قيمة وكأنهن مدنسات وشريكات في
جرائم الاغتصاب ، العديد منهن طلقها زوجها ولا أحد يتقدم للزواج من سجينة تعرضت للاغتصاب . بعض النساء
رفضن الاعتراف أنهن تعرضن للاغتصاب كحماية من نظرة المجتمع الظالمة والمتنمرة . كان لي الحظ أن ألتقي
بشابة من حلب الشهباء ( التقيتها في هولندا ) كانت عازبة وعذراء في الأربعين متدينة جداً كانت تتلقى شهرياً
حواله مالية من عمها في دولة أجنبية كي تعيل اسرتها ، ولا علاقة لها بالسياسة ، تم اعتقالها واغتصابها لمدة
أربعة أشهر اغتصابا وحشياً حتى أصيبت بانهيار عصبي واستطاعت عن طريق معارف أن تهرب إلى هولندا وقد
كتبت قصتها دون أن أشير إلى تفاصيل أسرتها ورجتني أنها لا تريد أن تقدم شكوى أبداً للمغتصب الأساسي الذي
تعرفه ، كانت تقضي وقتها في قراءة القرآن وبلع الحبوب المنومة والمهدئة .هي ليست استثناء فكثير من
المُغتصبات آثرن الصمت خوفاً من جلد العقلية الإجتماعية المجحفة بحق النساء .وهنا ثمة سؤال يطرح نفسه : ترى
الرجال الذين تعرضوا للاغتصاب في سجون الأسد هل ينظر إليهم المجتمع نظرة احتقار وعدم احترام أم بالعكس
يواسونهم بل يعتبرونهم أبطالاً خرجوا من السجن أحياء وتحملوا الاغتصاب والعنف الجنسي من أجل قيم الثورة
الحرية والكرامة ولو تقدم أحدهم للزواج من فتاة قبلت به ( أعرف الكثير من الرجال الذين تعرضوا للاغتصاب
والعنف الجنسي تزوجوا وأنجبوا أطفالاً ) .
– ثالثاً : في نهاية البرنامج الوثائقي (الاغتصاب كسلاح في سجون الأسد ) ثمة أمل كبير في محاسبة المجرمين إذ
نشأت جمعيات تديرها نساء متنورات يمتلكن الشجاعة والشرف لكسب ثقة النساء المُغتصبات وتقديم ملف لكل امرأة
، وأيضاً دعمهن نفسياً . كذلك أحد الأطباء الذي كان يعرف ويشاهد جريمة الاغتصاب وذل وقهر النساء ( نسيت
اسمه للٍأسف ) قدم شهادات مهمة جداً حول ما كان يحصل من انتهاكات واستعمال أدوات حادة وجارحة تمزق
الأنسجة مع النساء والرجال أيضاً . هذا الطبيب الشجاع مع النساء الشجاعات قدموا وثائق وصور مهمة جداً في
توثيق ( الاغتصاب كسلاح في سجون الأسد ) شكراً لقناة فرانس 24 على الفيلم الوثائقي الدقيق والطويل الذي
قدمته . عسى ( أمل إبليس في الجنة ) تتغير عقلية المجتمع تجاه النساء المُغتصبات الضحايا وبدل مواساتهن
ودعمهن نفسياً يُنبذن ويُحتقرن . فالمرأة شرف الأمة ، والشرف هو المرأة وأي مس بشرفها حتى من قبل وحش
مُغتصب يُفقدها شرفها وشرف أسرتها وشرف المجتمع الذي يتبجح باحترام المرأة .
لا أنسى قول إحدى الناجيات المُغتصبات : جرح الاغتصاب لا يشفى .
Aljarmaq center Aljarmaq center