من المفاهيم الكارثية التي زرعت في الوعي العربي أن هناك أمة اسلامية والتي يترتب عليها أن هناك أمة مسيحية وأمة بوذيه وأمة زرادشتية، الخ وبالتالي استنتاجاً أن هناك أمة يهودية! والحقيقة التي لا غبار عليها أن هناك أمماً إسلامية وشعوباً مسيحية وشعوباً يهودية ليس إلا. ففي الكرة الأرضية آلاف الأديأن ومن الهراء أن نعتبر أن كل دين يشكل أمه .فالدين لا وطن له . وما نود أن نبينه أدناه هو دحض أكاذيب الصهاينة بأنهم شعب واحد وقومية واحدة وأن القدس عاصمة دولتهم منذ 3600 سنة كما يقول نتنياهو وأن فلسطين أرض أجدادهم التي عادوا اليها. القول بأن 95% من يهود العالم إنما انحدروا من سلالة اليهود في مملكة الخزرالواقعة بين البحر الأسود (بحر البنطس) وبحر قزوين (بحر الخزر) والتي كانت تفصل الدولة الإسلامية عن الدولة البيزنطية كما هي مبينة بالصورة المرفقة) هي حقيقة تاريخية لا يرقى إليها الشك وتؤيدها الوثائق التاريخية .
فالكاتب اليهودي البريطاني الجنسية أرثر كويستلر، الذي ولد عام 1905 في بودابشت- المجر، أثبت في كتابه الذي صدر عام 1976 بعنوان القبيلة الثالثة عشرة، أن معظم اليهود الأشكناز وخاصة يهود أوروبا الشرقية ،هم من أحفاد الخزر[1] . ولقد ذكر المؤرخون العرب دولة الخزر اليهودية في كتبهم، فنجد لها ذكراً في كتاب الفهرس لابن النديم ، كما ذكرهم المسعودي والدمشقي والبكري وغيرهم واجتمعوا على أن الخزر اعتنقوا الديانة اليهودية وكانوا يستعملون حروف الهجاء العبرية. ولعل أهم الوثائق التي تتحدث في هذا الأمر هي ما سمي باسم ” الرسائل الخزرية وهي رسائل تم تبادلها بين اليهودي حسداي بن شربوط ، كبير الوزراء لخليفة قرطبة عبد الرحمن الثالث، والملك يوسف ملك دولة الخزر. أما حسداي هذا فلقد ولد في قرطبة عام 910 م لأسرة يهودية، و بعد ذلك أقامه الخليفة وزيراً لخارجيته . ويعتقد المؤرخون أن دخول الخزر في الديانة اليهودية لم يأت بين يوم وليلة ولكن جاء على مراحل، وذلك بتأثير اليهود الذين هربوا أو جرى ترحيلهم من العاصمة البيزنطية بسبب الاضطهاد الديني في عهد الأباطرة يوستنيانوس الأول وهرقل وليو الثالث وليو الرابع ورومانوس. لقد فر اليهود من بيزنطة إلى بلاد الخزر، لكونها كانت معروفة بسعة الأفق ولم تعرف الاضطهاد الديني [2].ومن المصادر الأخرى التي تتحدث عن اليهود الخزر ، ما يسمى بوثيقة كمبردج المحفوظة في مكتبة جامعة القاهرة. ولقد كشف عن هذه الوثيقة مع وثائق أخرى في أواخر القرن التاسع عشر في كنيس اليهود بالقاهرة .إلا أننا تستطيع أن نفهم من الرسالة أن كاتبها يهودي خزري يتحدث عن بلاد الخزر وأنه من رجال البلاط أيام الملك يوسف .
ويبين كويستلر أنه بعد تدمير امبراطورية الخزر في القرن الثالث عشر ميلادي على يد المغول والروس، هجر اليهود الخزر إلى أقطار أوروبا الشرقية وخاصة روسيا و بولندة، حيث نجد في مطلع العصر الحديث أعظم تجمعات لليهود هناك (انظر في نهاية المقالة الى مواليد مؤسسي الكيأن الصهيوني ).
كما أن الدكتور ألفرد لينينتال ورغم أنه يهودي ومناهض للصهيونية يقول في كتابه (الصهيونية ) : (أن ما أثبته كويستلر في كتابه عن اليهود الخزر والأصول الخزرية لليهود الشرق أوروبيين، ليس بشيء جديد على الإطلاق. إن حقيقة الأصول الخزرية للأكثرية اليهودية في العالم كانت معروفة منذ زمن طويل . ولكن كويستلر من سماهم القبيلة الثالثة عشرة. [3]
وليلينتال في كتابه ( ثمن إسرائيل) الذي صدر عام 1954 أي اثنأن وعشرون عاماً قبل صدور كتاب كويستلر، يتحدث عن الأصول الخزرية ليهود شرق وغرب أوروبا. وتحدث المؤلف عن اعتناق الخزر للديانة اليهودية وكيف رحل اليهود الخزر بعد تدمير بلدهم إلى أوروبا الشرقية ومنها إلى سائر أوروبا ويتابع لينينتال ، أن معظم اليهود الذين نجوا من النازية الألمانية ليسوا من أصول سامية بل من أصول خزرية، لذلك قام الصهاينة وأصدقائهم في أمريكا والغرب، بحملة شعواء ضد كويستلر وكتابه وضد لينينتال وأفكاره واتهموهم بمعاداة السامية مع أن كلاهما يهوديان.(الحقيقة أن ادعاء الصهاينة بأن الشعب اليهودي في جميع أنحاء العالم ذوي أصول واحدة تعود إلى فلسطين، وأن اليهود في العالم من أصول أجدادهم الذين رحلوا من فلسطين، تدحضها حقائق تاريخية كثيرة، وذلك بسبب اعتناق كثير من الناس من جنسيات مختلفة للديانة اليهودية . والذين لم يكن لهم علاقة أثنيه على الاطلاق بالأصول العبرية والاسرائيلية)[4] ويؤكد بيرنارد لويس (أن الوثائق تؤكد أنه حوالي عام 510 ميلادي، جرى تحول جماعي للآلاف من مواطني الإمبراطورية الفارسية لليهودية. ولقد جرى هذا التحول خوفا أو نتيجة للنفوذ اليهودي في الإمبراطورية الفارسية آنذاك.
لقد اعتنق الديانة اليهودية شعوب وأفراد من شعوب مختلفة، مثل الشعب العربي في اليمن، وبعض العرب في نجد والحجاز، كما اعتنق اليهودية كثير من اليونان والبلغار والمجر . كما انتشرت الديانة اليهودية في مختلف أركأن الامبراطورية الرومانية حتى وصلت فرنسا وإسبانيا، ولقد نقل التجار اليهود عقيدتهم إلى الهند والصين . ويظهر أن اليهودية أيضاً تأثرت بالديانة الزرادشية الفارسية التي احتكوا بها احتكاكاً مباشراً.)[5]. لقد أكد المؤرخ العربي ياقوت الحموي أن يهود بنو قريظة وبني النضير الذين أقاموا في المدينة هم من القبائل العربية في الجزيرة واعتنقوا الديانة اليهودية. ( ياقوت الحموي : معجم البلدان، ج الرابع ، ص : 385 و 460 ) ويؤكد هذا القول اليعقوبي في تاريخه ويقول أن القبائل اليهودية في المدينة من العرب من قبيلة جذام . لقد انتشرت اليهودية في بقاع مختلفة من جزيرة العرب ووصلت جنوب الجزيرة حيث كانت قبائل عربية بكاملها تتحول إلى اليهودية.( وكأن من أهم الذين دخلوا هذه الديانة “ذو نواس” وهو من العائلة اليمنية المالكة وكأن يسمى “زرعة” ويلقب بذي النواس أي ذي الشعر الجعدي، ولقد أصبح ملكاً على اليمن وحمير وأعلن اعتناقه لليهودية وسمى نفسه يوسف وفرض على عرب اليمن اعتناق اليهودية، وإليه يعزى قتل وحرق نصارى نجران ، حيث خيرهم بين اعتناق اليهودية أو القتل فرفضوا اعتناق اليهودية فحفر لهم أخدوداً وحرق من حرق بالنار وقتل من قتل بالسيف. ولقد شكى من نجا منهم فعل ذي النواس إلى قيصر الروم النصراني فطلب هذا من حليفه ملك الحبشة الذي كأن أيضاً نصرانياً أن يقوم بعقاب ذي النواس واليهود على فعلتهم فسير لهم حملته المعروفة بقيادة رجل اسمه أرياط وكان في جنده أبرهة الحبشي الذي عرف فيما بعد” بالأشرم”. [6]
كما تحدث الكاتب الروسي المعروف اليكسندر صولجينيتسين في كتابه ” مائتا عام معاً- تاريخ العلاقات الروسية اليهودية” والذي صدر في موسكو عام 2001 عن ألأصول الخزرية لمعظم اليهود الروس ويهود شرق أوروبا. ويعد هذا الكتاب من الكتب القيمة فهو يصف بدقة العلاقات بين الروس واليهود وتطورها واستغلال اليهود الإقتصادي للشعب الروسي.[7] كما أن كيفين ألين بروك في كتابه ” يهود الخزر” يقتفي آثار اليهود في أوروبا الشرقية ويؤكد أن الآثار التي خلفها اليهود من أسلحة وأواني وكتابات في مناطق أثرية مثل تشيلاريفو في الصرب، إيليند في المجر، ساركيل في روسيا، بالانجار في القوقاز، نوفاهراديك في روسيا البيضاء ، بيركا في السويد وغيرها ،هي خزرية بامتياز[8]
* بن غوريون اول رئيس وزراء لاسرائيل مواليد 1886 بولنسك في بولندا
موشي شاريط مواليد اوكرانيا 1894
ليفي اشكول رئيس وزراء اسرائيل مواليد 1895 اوراتوفا اوكرانيا
جولدا مائير مواليد 1898 في كييف اوكرانيا
مناحيم بيغن مواليد 1913 بريستلوبزك جنوب روسيا
اسحق شامير مواليد روزينوي بولندا عام 1915
شمعون بيريس مواليد 1923 فيشنيف بولندا
حاييم نحمأن بياليك الشاعر القومي اليهودي مواليد 1873 – أوكرانيا
الهوامش :
-1أرثر كويستلر، الذي ولد عام 1905 في بودابشت- المجر، أثبت في كتابه الذي صدر عام 1976 بعنوأن القبيلة الثالثة عشر.
2 – ياقوت الحموي : معجم البلدان، ج الرابع ، ص : 385 و 460
3 – دي لاسي أوليري: جزيرة العرب قبل البعثة، ترجمة وتعليق موسى علي الغول،منشورات وزارة الثقافة الأردنية، طبعة1 عام 1990ص188
4- الفرد ليلينتال – ( ترجمةحبيب نحولي وياسرهواري)-كتاب الملايين ط3 -1954
5 – بيرنارد لويس في كتابه (الشرق الأدنى : 2000 عام من التاريخ منذ نشوء المسيحية، نشر عام 1995).
6 – تهذيب سيرة ابن هشام لعبد السلام هارون ، المجمع العلمي العربي الاسلامي، ص: 27
أن المقتبسات في [1,2,3,4,5,6] قد اخذت من المصادر التالية:
مملكة الخزر اليهودية وعلاقتها بالمسلمين والبيزنطيين تأليف د.محمد عبدالشافي المغربي (2002)و(الخزر لا بنو اسرائيل-جامعة النجاح-غسأن عاطف بدران). ويهود الخزر –د.م.دنلوب ترجمة د.سهيل زكار – 1990-ط2
7- اليكسندر صولجينيتسين في كتابه ” مائتا عام معا- تاريخ العلاقات الروسية اليهودية” والذي صدر في موسكو عام -2001
8- (كيفين ألين بروك في كتابه ” يهود الخزر” يقتفي آثار اليهود في أوروبا الشرقية)من مقال نضال الصالح بعنوأن اليهود الخزر هم سكأن “اسرائيل” اليوم) نشر في5-8-2014
مُقتطف جيّد ومعلومات قيّمة وموثّقة. شكراً.