المخيم، غابة من الإسمنت والصفيح.. شوارع تضيق وتمتد، تتطاول كلّما طال سعيُ الساكن في بحثه عن ذاته في زبد ذوات تتطلع إليه امتزاجاً في حين، إحلالاً في الأعم.. المخيم لساكنِه إحدى نقطيين، وترٌ شدّه المنفيّ في ساحة البيت ظل يسحبه إلى وتد الخيمة.. المخيم مريميّة في كأس شاي يحتسيه الزمن بين شوطي نزال طاحن بين عاشقي فتاة لا تكترث لأحدهما، لكنها متحيرة من انبعاث رائحة مريمية في ظل حائط رسم عليه جيفارا يتلفح كوفية!؟
المخيم زيارة اللاجئين لبيوت خالاتهم، شقيقات فلسطين وضرائرها، المخيم استثناء لا يتوقف عن الاستمرار، زيارة لا بد أن تنتهي، حنين غريزي لأمٍ عطوفٍ تُغتصب منذ 61 عاماً، المخيم إدراك حقيقي لمعنى أن تكون فلسطين أمه “مغتصبة”، عقدة كبر معها، وأقسم بأن يحرر نفسه وأمه من سياطها.
من يفهم المخيم؟
يصعب عليك فهم المخيم.. هؤلاء الشبان ذوو الصوت الأجش والسحنات القاسية والنظرة اللامعة، ليسوا سوى صبية، يرتابون من نعومة المدن التي يجاورون وتتلألأ من بعيد، يقضون الليالي يتحاورون ويتجادلون في السياسة، وكما تعلم لو كانت الأحوال طبيعية فإن ذلك ليس شأن الصبية، لكن سبق وأن تمت الإشارة إلى أن المخيم استثناء لا يتوقف ويتكرر بأشكال متعددة!! كما أنهم ملتزمون على مدار أيامهم بما لا يلتزم به أقرانهم في أي مكان، تحرير بلاد لم يروها إلا على شاشات التلفزة، شبيهة بالجنة، كما وصفتها جداتهم اللواتي متن في غابة الإسمنت.. المخيم سجن واسع بلا جدران، لا سلاسل حديدية تكبّل حركة النزيل، لكن نظرات الآخر المتوجسة إشارات تكفيه وتوضح له، إنْ غادرَ، أين يتوقف وأين ينعطف يميناً أو يساراً، وأين يتراجع إلى نقطة انطلاقه متمتماً: من أنا؟ لم هنا؟. يغلق باب زنزانته خلفه، يستمع لأغنية وطنية يطالع كتاباً وجودياً ويتناول وجبته الخفيفة متحمساً، وكمنشط لعادته السرية يشاهد التلفاز “أخبار منزوعة الدسم”، بلا تضليل أو “خراطة” أو “تقليم”، بعدها يبدأ متعته بالبحث عن الهوية وفي تلمس وتر المنفي المشدود بين السجن وسهول الجليل..
تتنازع النزيل هويتان، واحدة تفرضها شروط الإقامة الجبرية وتوكيدها بطاقة الإعاشة التي يمده المجتمع الدولي فيها بالسكر و الدقيق تعويضاً ربما عن جنته، وبرتقالها العجيب، فقط إن كنت طفلاً لاجئاً ستصدق أن حجم الثمرة بمقدار رأسك، ما ينفك ينضج، وحين تكبر في سجنك الاستثنائي المكتوم بعناية تختمر الثمرة في رأسك وستقسم أن أي برتقال نبت خارج الجنة لا طعم للشمس فيه، وأن طعم الكمثرى أقرب إليه من طعم البرتقال!.. وهوية تتأصل باضطراد لا تفرض شروطها ولا يسعى إليها، بل من جلده تسعى إليه.. ليس للمنفي حنين إلا لما حرم منه لوطنه المسلوب من ذاته، وطن يختزله ملصق أو بيت شعر و ربما حفنة من تراب مهرب مقدس، أو كوشان الملكية وقد صار ديكوراً في المعارض والأفلام والمتاحف، وطن يسترجعه كلما تحسس رأس صبيه المهدد بالقنص والاستلاب، فيزرعه بيارات وكروم تختمر في المخيم المحكم ، إن لم يجد أرضاً في منفاه يزرعها.
قافلة لا تكل من السفر
إن كونك لاجئاً، يعني هذا أن تتعايش لو على مضض وصفتك القسرية، فأنت لا تستطيع أن تنسى أنك منفي، خبرٌ مرفوعٌ لمبتدأ ــ لا مبدئي ــ منصوبٌ عن سابقِ إصرارٍ من قبل أطراف معلومة.. صفة تحدد إلى جانب نوعك العضوي بياناً عنصرياً مكتوب بحبر سري لا يفكه إلا من تلقى تدريباً خاصاً على يد الجهات المشار إليها أعلاه.. يعني أنت إما ذكر لاجئ أو أنثى لاجئة.. هل باستطاعة أحدنا حتى في منامه أن ينسى في ما إذا كان رجلاً أم امرأة….؟!!
المخيم قافلة لا تكل من السفر، المخيم قافلة لا يحمل مسافروها جوازات للسفر، صار معلماً حدودياً خبيراً في الرحيل يرشد القوافل التائهة وآملاً في مجهول لا يأتي، المخيم ضمانة القوافل العابرة رغم ريبة حراسها.. المخيم ناي قلق، رئة تمتص ضوضاء المدينة، تأمل عارف في أبعاد بهرجتها: رمانة زاهية مغرية لكنها حامضة الطعم لا توائم معدته المثقوبة كنعله المهترئ. المخيم ذكر ينشغل في تأمين قوت أبنائه، رغم تعدد المطالبين بأبوتهم، أبوتهم “الفخرية” التي لا تملأ معدة ولا تكسو عرياناً، أبوة أكاديمية تخصصية لا تعرف الانجرار وراء العواطف و المشاعر، أبوة وقعها على أذن المنفي وقع خدش زجاج متواصل بمسمار يلوح فيه القائد متوعداً منذ عقود بدقه في نعش الاحتلال..
المخيم أنثى جليلية عاشقة لابن عمها، سكينها تحت إزارها تهدد بنحر نفسها كلما عرضت عليها خالاتها عريساً مدينياً، مجنونة بابن عمها الزارع للأرض والمنزرع فيها، ما انفكت تدمي أصابعها كلما حاولت اجتياز السلك الشائك بينها وبينه، تأكلها الغيرة وهي ترقب إغواء الأجنبيات لابن عمها، بستاني الله في جنته، ذاك الذي حلف لها أمام بوابة السماوات أنّ لا طفلاً سيلعب في سهله المقدس إلا من ثمار بطنها… للجليليات رحم مقدس، نفخ فيه الرب مرة، ولن يكررها.. فهل لسلك شائك وعريساً “يلمع” أن يـبدل عهداً و عشقاً يُعمدن بدماء أبناء الجليل..؟!
المخيم مرآة كبرى من خلالها يتعرى الكون أمام المنفيين، شاشةٌ لأشعة×، فيغدو المنطق ذا الشعر الأبيض المهيب، ابن مسؤول في العالم النامي يشفط بسيارته في أزقة المدن المغبرة غير مبال من رعونته، وهو ابن السلطة، متسبباً في رعب ونقمة على أي شكل من أشكال الشفط والتسلط.. والعدالة ليست سوى شقراء هوليودية تصور مشهداً في فيلم استشراقي عنصري، تهرب خلاله من ثلة رجال يرتدون الزي العربي في أزقة شرقية تتملكهم رغبة بدائية، حين تلجأ متعبة إلى إحدى “قواعد الجدري” العسكرية، تأمن و تروي ظمأها بزجاجة كوكا كولا!..
أما الحرية فليست سوى وجبة ساخنة وملبساً نظيفاً، والرغبة حماماً تقليدياً يستحضر فيه المنفي من شاء من النساء، أما أولئك السياسيون والقادة بجنسيهم، أظرف المتعرين العابرين، فغالباً ما يكونون مستحضرين بين فينة وأخرى إلى حمّامّات لا يعلمون كيف دخلوا إليها، وكيف يخرجون منها…
خيمة شَعر في واحة تنهض في صحراء المنفيين، تستقبل كل منفي بالقهوة العربية والتمر واللبن، لا تسأله أبداً عن سر نفيه لا بعد أيام ثلاثة ولا حتى عقوداً ثلاثة، وهنا استثناءاً من عوائد البدو، تكرمه وتقيه شمس تيهه.. المصور الصقلي وأبناء عمومته الذين بنيت مدينتهم بسواعد فينيقيين وكريتيين سكنوا شرق المتوسط، قبل أن يبعدوا عن سهلهم الساحلي ميدان خيول النبيين الأوائل و الأواخر، صقليون منفيون طوعاً يلتقون بالصدفة وأبناء عمومتهم يتبادلون الشعر يتغنون بمنفاهم المؤقت يتبادلون العناوين وأرقام هواتفهم، كل في مكانه، هناك، حيث لا صفة مشروعة للمنفى.. نيجيري يحمل قصصاً أفريقية سوداء تنير ليل المنفيين، يسلي أطفالهم يعلمهم أصول الصيد وسلخ الأفاعي، والإصغاء لليل الطويل.. بربري تفاجأ بمضيفه حين أسر له أنه يعاني مثله من تهدد الهوية، لا تعددها، صحراوي يطيب له البقاء في واحة لا تهدد هويته، يمجدها موحِّدة بموال أمازيغي، وينام مطمئناً مستنداً إلى صخرة كتب عليها منفيون سابقون ما دلّ على عبورهم، قبل عودتهم من تيه المطلق تاركين خلفهم مضيفهم يحرس نار التائه، تلفه الصحراء بسكينتها، ويلفها بحنين..
جذر موقدةٍ
المخيم نحت ثلاثي ـ أو رباعي ـ الأبعاد، اسمنت وحديد ولحم بشري، من أعمال القرن الماضي الفنية التي مازال العالم المتقدم يتذوقها، سريالي متبدل، يستشعر، يجوع، يعطش، يـبكي، يكئب، يرغب، يشبع، يشتم يكفر، ويـبـسم.. يعرض في عدة أماكن في وقت مستمر على مدار لحظات حياة الآخرين الطويلة، نحتاً يعاقبه النحات لتحركه المستمر وقت العرض، يتركه في البرد القارص عارياً حافياً يلفح الجليد تفاصيله، يقتلع الهواء اللئيم ألواح الزينكو ويهوي بالأغصان فوق الأسرة و النوافذ، يرتجف التمثال فيما ناحته يرنو إليه من خلف زجاج النافذة السميك ويلقي بقرمية زيتونة رومانية في موقده وينتظر حتى ينهي شرابه، بعد ذلك يخرج من درج المكتب علم الأمم المتحدة، ويلقيه من نافذته مخاطباً التمثال: رق قلبي عليك، تدثره، لكني سأبقيك في الخارج إلى أن تطعني.. تحرك قدر ما تستطيع لتدفأ، الآن أقلّه تكون لحركتك فائدة.. وينزل بالحبل والدلو كسرات خبز مغمسة بالنبيذ، ترتفع ما يزيد عن طول التمثال الذي يقضي ليلته قافزاً بارداً غاضباً، دون أن يدري أن لياليه الباردة تلك ستحول مجرى علاقته بصانعه، فقد بدأت أسنان التمثال وأظافره تنمو بفعل الصقيع، استثناءاً مرة أخرى، وصار تسلق الجدار ممكناً.. ومع مرور الوقت سيأكل التمثال حشائش الظل وفطره، ويتعمد الحركة والإيماء بما لا يتفق وميول الناحت، خاصة في الفصول الباردة حتى ينال عقاباً يقويه، يلاحظ مبدعه التحولات الخطيرة في سلوك صنيعته، يثمل، يتناول من درج عجائبه سوطاً استحضره بعد أن اشتكاه التمثال لأحد المتفرجين.. <<سأربيك أيها الصعلوك>> مزمجراً ثملاً وسوطه يقسم الدرج والصقيع إلى الساحة الباردة، في الأسفل حيث التمثال نبتت له أظافر وأسنان وصار بمقدوره أكل أي شيء .. حتى لو كان “مبدعاً” ثملاً يعاني من عقدة نقص..
صار المخيم نقطة العبور الحدودية
اللاجئ الذي يعيش بعيداً عن “غابته” في بلدان “النخب الأول” الغربية والعربية، يدفع ضريبة انتماءه وصفته مضاعفة عن أشقائه المنفيين، وهو سفير مفوض وفوق العادة لوطنه، وهو المتعدد النفي المتنقل من طين أزقة اليرموك وعين الحلوة والوحدات والمية ومية وبلاطة والدهيشة والنصيرات، إلى طين العنصرية، في شوارع ليفربول وكوبنهاغن وشتوتغارت، يُحاصر في زوايا وأزقة وحيدة وكئيبة مثله تماما، ينظر مباشرة في عيون محاصريه وهو يلف معطفه على يده، كما علّمه المخيم، ليتلقى سكاكين لا تحتمل لون بشرته، أو اسمه أو عرقه، فيما تغرورق عيناه لا مهابة من محاصره وإنما شوقاً للمخيم ومنفييه، حيث تغلي المروة في عروقهم نصرة للمستجير، آخر ما تذكره من ذاك الاعتداء كان صليباً من زيتون يلبسه المراهق اليميني، حين جثا أمامه ليتناول صحيفة اشتراها المنفي وقد نشرت مقالة كتبها منذ أيام تساءل فيها، من وجهة نظر فنية، لم لا يرد الاعتبار إلى ملامح المسيح الشرق متوسطية، بدلاً من الصورة التي كرستها أعمال مايكل أنجلو، وتساءل ألا يبدو غريباً أن صورة الجليليّ النمطية تعطيه ملمحاً جرمانياً أو أنغلو سكسونياً، وبعيدة عن ملامح أبناء الجليل، شعبه وأهله، ألا تمنحه تلك الصورة جنسية أخرى بعكس الرغبة الإلهية التي جعلته يزدري روما وخدامها؟! حين قصّ للطبيب المشرف ما جرى ختمه بالجملة التالية: لو مرّ المسيح وقتئذ لحمى ظهري، ليس لأني نصراني فقط، بل ولأسباب عرقية جينية أيضاً، وهو ما كان سيفعله إخوتي المنفيون في المخيم..
وهكذا يحن المنفي إلى المنفي وإلى منفاه الأول، ويجترح المنفيون هويتهم المؤقتة المزركشة بطرق المنافي عليها و”الضربة التي لا تقتل، تقوي”، حين صدر حكم النفي كانوا بعد بسطاء، يسمعون عن القارات الخمس، يعرفون أن الخطر يحمله البحر كلما روى “بعلاً” سهلهم وثمرت محاصيلهم، لكنهم مذ أدمنوا الرحيل نضجوا، هذا البحر مازال يحمل المراكب السود من جهة الغرب، فتغرّب المنفي، وتحوطاً تشرّق ولآخر الدنيا ذهب، كلما سأله أحدهم من أين أنت؟ طوّر إجابته شرحاً و تفنيداً مصراً على تواصله والمخيم نقطة عبوره الحدودية لشعوره الوطني. و إن دخل الأرض المحتلة خلسة عن الاستثناء المعتاد، حاملاً أوراقه التي جمعها في منفاه الثاني، عاد إلى المخيم يُسّبح بسحر الأرض ووسعها للجميع، وبأن السماء أوسع و تومئ نجومها لناظرها أياً كان لسانه ولونه، أرض سماؤها بذاك الصفاء، يوتوبيا خضراء استحوذت مخيلته، ينظر إليها من زجاج الباص الدالف إلى مدينته الأصيلة على الساحل الفلسطيني، وحين تحدث بهاتفه المحمول بعربية دارجة ارتعب الركاب البيض، لكنه لم يبال، فحين سينزل من الباص قرب مدخل “المدينة القديمة” لن يتحدث إلا العربية لغة سكانها الدارجةّ!!
شجر الزيتون الذي عاصر ممالك التاريخ مازال يعصر ويعطي زيتاً مباركاً، والدم مازال يغلي حمية في عروق الزارعين كلما تجرأ العالم المتقدم على إعدام التاريخ واقتلاعه من جذوره ليصير حطباً يدفـأ عصر الطارئين.. مثلما يغلي في عروق المنفي كلما رأى أخاً من إخوته يرنو إليه مستنجداً من ورطة زجّه منفاه فيها..
المخيم سندريلا تتفانى في القيام بواجباتها الكثيرة، تعمل بصمت كما بكاؤها كل ليلة بصمت، تأكل القليل ولا تتذمر كلما ألقت بنات خالاتها اللوم عليها في خراب أي شيء، سندريلا لا تحلم بحفلة راقصة في قصر الأمير، بل بساحرة تأتي بعصاها السحرية لتحول سقف الصفيح إلى جناحين، والسلك الشائك إلى حبل، تحول الحجرة المظلمة إلى طائر يحملها إلى حضن أم تخاف على يديها الناعمتين من جفاف بشرتها جرّاء غسيل أطباق النهم التي تخلفها سهرات التوسل المقامة في الأعلى شهرياً باسم يتمها وحرمانها.. وبعد أن ينام الجميع، متخمين، تخرج من صندوق ذكرياتها شالها المطرز بأشرعة صغيرة حوّط كتفيها تعويذة من النسيان يوم هجرتها الكبرى، تبكي سني عمرها تنقضي بعيدة عن أمها وديارها..
المخيم مُهرٌ عربي ينظر لأمه من حظيرة مسورة تجاوره تعلمه الوفاء والبداهة وقفز الحواجز.. قمر يدور في مدار الأرض يضيء ليلها ويحرسها، شهادة حية على الجريمة التي ارتكبت بحق أوثق الشعوب علاقة بأرضها، لا يضاهي بشاعتها إلا ما نال الأفارقة من نفي واستعباد، وشحنهم إلى الجحيم الأبيض المتعطش لـ “التقدم” وبناء الثروات، في البلاد التي أبيدت شعوبها الأصلية عن بكرة أبيها، باسم “وعد إلهي” آخر.. مُستلبٌ يتمعن بغضب وحسرة على سالبهِ يغيظه ويمعن في غيّه، كلما تعثر في صراعه لاسترداد ما سُلب يحاول مجدداً رغم ألمه وخيبته..
خلاف المخيم مع الغاصب قائم، طالما استمر المنفي مصاباً بنقص مزمن في الهوية، فكيف إن كانت الهوية رابطة تربطك بأرض لم تعرف غيرها، ولم تسمع إلا اسمها؟ أنثى مسموح كتابة اسمها على كتب العلوم و القراءة و التاريخ و”الجغرافيا”، ثم على جدار المنزل المطلي حديثاُ، وجامع الحي، جفرا متواصلة، دبكة تشاكس قانون الجاذبية، سلام الرجال على الرجال، عصفور يزقزق فجراً في زاوية قصية عن مخالب لا تأبه لحسن زقزقته ولا تدرك أنه موسيقى تصويرية لصعود الشمس، لا تهتم إلا لرؤيته منتوف الريش، ولا يأبه بما تهتم به فله القبّرة يحكمها جناحه الصغير محلقاً مزقزقاً يستنهض في صدر المنفي أمل..
كيف يمكن أن يكون للعصفور الحر دورٌ في السيرورة أقل من النقر على وعي المنفي كل صباح إن نام مطمئناً إلى نفيه؟..
مخيم اليرموك منبع الأبطال والداي الشريف