التسوية السياسية الأمريكية الجزئية في سوريا.
في صيرورة الخَيار الامني العسكري الميليشياوي بين ربيع 2011 نهاية 2019 ، المرحلة الثالثة والأخيرة هي مرحلة التسوية السياسية ، وقد انطلقت صيرورتها بعد توقيع اتفاقيات ٥ آذار بين الرئيسين التركي والروسي وإعلان واشنطن الانتصار التاريخي على داعش ، وقد واجهت مساراتها في مصالح وسياسات القوى التي تورّطت في حروب المرحلة الثانية من الخَيار العسكري خيارين متناقضين :
أ-المسار الأمريكي….الذي يرتكز سياسيا على رؤى واستنتاجات مشروع RAND الأمريكي، ويسعى في هدفه الرئيسي إلى الوصول بسلطات الأمر الواقع الى حالة إعتراف متبادل و تهدئة مستدامة ، تشرعن وجودها سوريّا، وتفتح أبواب التطبيع الإقليمي والدولي بما يمكّن كانتون قسد بمقومات الكيان السياسي المستقل، ويجعل منه قاعدة ارتكاز أمريكية دائمة.
2 المسار التركي والروسي والسعودي …، الذي يقوم على آليات مسار جنيف ومخرجات اللجنة الدستورية للوصول إلى تسوية شاملة، تعترف بمصالح الجميع في ضوء وقائع السيطرة الجيوسياسية. تناقض أهداف وإجراءات هذا المسار مع هدف الولايات المتحدة الاستراتيجي تأتي في كونه يتضمن في الإجراءات، ويؤدّي في النتيجة ، إلى تفكيك سلطات الأمر الواقع وفي مقدمتها قسد ، لصالح سلطة مركزية موحّدة .
تؤكّد جميع التطورات اللاحقة في مرحلة منذ نهاية ٢٠١٩ حقيقة أنّ ما حصل و يحصل طيلة السنوات الثلاث التالية، سواء على صعيد المعارك الكبيرة أو الصغيرة بهدف تثقيل موازين القوى السياسية، وتحسين الشروط التفاوضية، وانتزاع أفضل الحصص ووسائل التأهيل الممكنة، أو على مستوى خطوات وإجراءات تأهيل سلطات الأمر الواقع، وإعادة تأهيل سلطة النظام، أو تعثّر إجراءات تأهيل ميليشات مناطق السيطرة التركية بفعل العامل الأمريكي المسيطر ، والمتحكّم في المآلات ، الذي يرتبط مباشرة بأهداف و بآليات تنفيذ التسوية السياسية الأمريكية .
في أبرز سمات التسوية السياسية الجارية !
1هي “تسوية سياسية أمريكية” ، لانّها تعمل في هدفها المركزي على تأهيل سلطة قسد، وتحويلها إلى إقليم يملك جميع مقوّمات الاستقلال .
2 هي تسوية سياسية أمريكية لانّها تتوافق مع هدف الولايات المتّحدة المركزي تجاه عواقب الصراع على سوريا الذي تفجّر في أعقاب حراك ربيع 2011، الساعي إلى بناء قاعدة ارتكاز وتحكّم أمريكية ، تعزز قواعد السيطرة الإقليمية.
3 هي تسوية سياسية أمريكية لأنها تقوم على أرضية رؤى واستنتاجات ومسارات مشروع سياسي أمريكي خاص ، و تتعارض مع مقاصد وخطوات وإجراءات مسار جنيف ، ومحطّة اللجنة الدستورية ، وما تسعى إليه من توافق بين حكومة النظام والمعارضات على إقامة حكومة ” تشاركية ” وتقاسم للسلطة والنفوذ.
4 -إذا يبيّن الهدف الرئيسي والقاعدة النظرية للتسوية طابعها الأمريكي ، فإن آليات التنفيذ تكشف طبيعتها ” الجزئية “!
هي تسوية سياسية جزئية في طبيعة آليات التنفيذ ، التي يتطلّب نجاحها تقاطع المصالح بالدرجة الأولى مع سلطة النظام السوري الإيراني، رغم تعارضها مع مصالح تركيا وروسيا ( وإسرائيل) والسعودية !!
فخطوات وإجراءات وأدوات شرعنه وجود سلطة قسد وتأهيلها، وتمكينها استراتيجيا لايمكن أن تحصل في مواجهة مع سلطة النظام السوري، بل و دون توافقات مع سلطة النظام بالدرجة الأولى ( وهذا ما أكّده السفير فورد في نصائحه لقيادة قسد)، وهو العامل الذي حدد طبيعة معادلة التأهيل المتزامن للسلطتين : مقايضة خطوات وإجراءات تأهيل قسد بما يوازيها لإعادة تأهيل سلطة النظام، بما يؤدّي عمليا إلى علاقة طردية بين تقدّم إجراءات التأهيل على المسارين . بمعنى ،اشتراط دعم الولايات المتّحدة لإجراءات إعادة تأهيل سلطة النظام بما تقدّمه من تسهيلات ودعم لتقدّم إجراءات تأهيل قسد ؛ وهذه الآلية الأمريكية تكشف طبيعة أوراق الضغط التي يقدّمها الكونغرس للإدارة ….قانون قيصر …وغيره
وإذا .كانت قد تتقاطع آليات تنفيذ التسوية السياسية الأمريكية مع مصلحة سلطة النظام ، فقد تعارضت مع مسارات وسياسات و أهداف روسيا وتركيا بالدرجة الأولى، لاّنّها تؤدّي في السياق والصيرورة إلى تجاهل المصالح الحيوية التركية في تفكيك قسد ، ولانّها تؤدّي في السياق والصيرورة إلى تثبيت وشرعنة الوجود الإيراني في مناطق سيطرة سلطتي النظام وقسد ، على حساب مصالح أنظمة روسيا و” إسرائيل ” والسعودية !!
مما لاشك فيه انّ الطابع الجزئي للتسوية الأمريكية يضعها في تناقض مع أهداف وإجراءات مسار جنيف ، ويكشف طبيعة التحدّيات التي واجهتها في سياسات ومصالح تركيا وروسيا و” إسرائيل “!
جميع تلك العوامل تفسّر ما حققته إجراءات التأهيل المتزامن من نجاحات- حوّلت كانتون قسد إلى ” إقليم شمال وشرق سوريا” الديمقراطي، وأوصلت سلطة النظام إلى مرحلة “الأمن الاستراتيجي”- وما واجهته من عقبات في سياسات الدول المتضررة- تركيا و” إسرائيل ” و ” روسيا ، كما تفسّر بشكل خاص ما تواجهه سياسات النظام التركي السورية من تحدّيات ، يسعى لمواجهتها عبر محاولات الوصول إلى صفقة تسوية شاملة مع النظام السوري، برعاية روسية !
….
“هل يمكن تجنيب السوريين عواقب الصراع الإسرائيلي الإيراني على سوريا المفيدة ؟”
حقائق عديدة تتكشّف في مستجدّات أحداث الصراع على فلسطين وسوريا في أعقاب هجوم طوفان الأقصى، يتجنّب الجميع كشف أبعادها في علاقات القوى المتصارعة على السيطرة الإقليمية والسورية؛ لكلّ لأسبابه، والكل متفق على تغييب الحقائق وتضليل الرأي العام :
أوّلا ، على صعيد العلاقات الأمريكية الإيرانية، ومحطّة غزو العراق.
1-الحقيقة الأبرز التي تتكشّف وقائعها الموضوعية تباعا منذ غزو العراق وفي محطّة تفشيل سوريا، وتعمل “النخب السياسية” السورية دون استثناء على طمسها هي أنّ الحزب الديمقراطي الأمريكي وما يمثّله من مصالح طُغم إمبريالية هو المالك الحقيقي لمشروع تأسيس “دولة” و تصدير ثورة الخميني، الذي كان يستحيل أن يتقدّم إقليميا ويتعزز داخليا دون إسقاط خطر و جدار الصدّ العراقي. بعد نجاح حرب “الثمانية سنوات”، 1980- 1988، في تدعيم مرتكزات النظام الميليشياوية على الصعيد الإيراني(1)، وفشل تحقيق الأهداف المرجوّة من الحرب على الصعيد العراقي، لعوامل إقليمية خارج السيطرة الأمريكية، تمّ توريط ديكتاتور العراق مرّة ثانية في احتلال الكويت، وكان المطلوب من حرب التحرير الأمريكية التالية تحقيق هدف الحرب الإيرانية- تفشيل العراق ، عبر تقسيمه الى ثلاثة كانتونات، في الشمال والوسط والجنوب. رغم هزيمة الديكتاتور في الكويت، ورغم الحظر الجوي الأمريكي، تمكّنت بقايا جيش العراق من مواجهة الميليشيات الجنوبية المدعومة من إيران، بعد صفقة “تحييد” القيادات الكردية في الشمال، وتمكّن النظام من المحافظة على وحدة سياسية هشّة، ودولة قابلة للترميم، فكان الحصار الأمريكي الجائر في محاولة جديدة لتفكيك العراق، لكنّه لم يحقق الأهداف المرجوّة أمريكيا في نهاية الألفية الثانية رغم استمراره لأكثر من عقدين!!
2- في الحادي عشر من سبتمبر 2001، لم يكن العراق مرتبطا بأيّة خيوط مع جريمة الهجمات الجوية التي تبنّاها تنظيم القاعدة، الذراع الإرهابي الإقليمي الذي تمّ تأسيسه في أفغانستان خلال الثمانينات والتسعينات بقيادة الأجهزة الأمنية الأمريكية والإيرانية، وتمويل سعودي وتحشيد “عربي – ساداتي”، وكان يُفترض أن يدفع التنظيم وحاضنته الطالبانية (الذراع الباكستاني) ثمن الجريمة التي اتُّهم أمريكيّا باقترافها …لكن، طالما كان المقصود الحقيقي هو العراق، حشّدت الولايات المتّحدة أكاذيب دعاياتها (2)، وحلفا إقليميا ودوليا، وكانت النتيجة بعد غزو٢٠٠٣، الأكثر إجراما وتدميرا في تاريخ حروب المنطقة، تحقيق أهداف الحرب العراقية الإيرانية:
إسقاط الدولة العراقية وتقسيمها، وتوفير شروط سيطرة تشاركية بين الجيش الأمريكي والميليشيات الإيرانية… والأخطر من ذلك، كان تحويل العراق إلى بنك إرهاب إقليمي وعالمي(3)، يستطيع الضرب حيثما وحينما تشاء سياسات واشنطن.(٤)، وكان التحضير للخطوة التالية -سوريا….
ثانيا، على صعيد العلاقات الأمريكية الإيرانية، ومحطة غزو سوريا!
كلّ ما حصل من تصعيد في أحداث الربيع العربي، خاصة إسقاط الرئيس المصري، الراحل حسني مبارك، كان يستهدف إشعال فتيل الحرب في سوريا، وقد قدّمت “النخب السياسية” الحالمة، والجاهلة بعوامل سياق مشروع السيطرة الإقليمية التشاركية بين الولايات المتحدة والنظام الإيراني، عود الثقاب!! هكذا أشعلت تظاهرة النخب السياسية والثقافية الشرارة في دمشق في الخامس عشر من آذار 2011، ليتمّ نقلها وفقا لخطط جاهزة، أعدّها الحرس الثوري الإيراني، بسرعة الى “درعا”، حيث الشروط الأفضل لإطلاق الحلقة الأخطر بعد العراق في اللعبة الأمريكية الإيرانية، وكانت النتيجة نهاية 2019، في صيرورة “الخَيار الأمني العسكري الميليشياوي”، في شروط إقليمية وسورية معقّدة، تحقيق أهداف المشروع الأمريكي الإيراني المشترك، على الطريقة العراقية: تفشيل الدولة السورية، وتقاسمها، وإطلاق مشروع التسوية السياسية الأمريكية لتثبيت الحصص، وشرعنة وجودها !!
ثالثا، العلاقات الأمريكية الإيرانية، والعامل الإسرائيلي.
1-كان من الطبيعي أن تتقاطع مصالح سياسات حكومات دولة العدو الإسرائيلي مع أهداف المشروع الأمريكي الإيراني، الساعية في محطّتها الأولى لإسقاط العراق، وشكّل الدعم العسكري الإسرائيلي أبرز مصادر تغذية الحرب العراقية الإيرانية الطويلة والمدّمرة ، وقد وقفت لاحقا على الحياد، وهي تنظر بعين الرضى لترتيبات إسقاط العراق منذ مطلع التسعينات، وكانت عدم مساهمتها المباشر في غزو العراق ٢٠٠٣ أحد عوامل نجاح جهود التحشيد الإقليمي الأمريكية!!
2- لنفس الأسباب السوريّة، وقفت حكومات الاحتلال “على الحياد” خلال التحضير وتنفيذ المراحل المتتالية من مشروع تفشيل وتقسيم سوريا، ولم تتخذ أيّة إجراءات رادعة لوقف أشكال وأدوات التدخّل الإيراني المباشر في تصعيد الصراع السياسي وتحويله إلى حرب ميليشياوية، خاصة تقدّم قوّات حزب الله، كما لم تعارض الجهود الإقليمية المكمّلة، وقد عملت على الاستفادة من إطلاق وتعزيز قوّة أذرع المشروع الإيراني الأمريكي في لبنان وفلسطين من خلال وضع قواعد اشتباك محددة، تُتيح تحقيق أهداف مشتركة، ترتبط بتفشيل الدولة اللبنانية وتفشيل مسارات وإجراءات “مشروع أوسلو” لإقامة سلطة وطنية فلسطينية على مناطق 1067.
3- خلال صيرورة “الخَيار الأمني العسكري الميليشياوي” بين 2011- 2019، حصلت حكومة العدو على ضمانات روسية وأمريكية مختلفة بإنهاء الوجود الإيراني في سوريا، بعد إنجاز المهمّة، وقد حصلت على ضمانات مكتوبة في اتفاقيات مؤتمر القدس الأمني الذي حضره مستشارو الامني القومي الأمريكي والإسرائيلي والروسي في صيف 2019…
4- بعد انتهاء حروب تقاسم الحصص التي قادتها واشنطن بين 2015- 2019، أطلقت واشنطن و موسكو صيرورة التسوية السياسية، وكان الجميع متفق، بمن فيهم إسرائيل، كما أكّدت تصريحات نتنياهو في أعقاب مؤتمر القدس الامني، على تنفيذ خطوات تسوية سياسية شاملة وفقا لمخرجات اللجنة الدستورية والقرار المشؤوم 2254، وبما يعيد بسط سلطة الحكومة السورية على كامل الجغرافيا السورية، وينهي وجود قوات الاحتلال الخارجية، بما فيها الوجود الميليشياوي والعسكري الإيراني. مع تقدّم خطوات وإجراءات التسوية منذ مطلع 2020 ، بدأت تتكشّف بالتدريج نوايا واشنطن الحقيقية :
عوضا عن الانخراط في جهود تنفيذ القرار 2254 في آخر مخرجات اللجنة الدستورية، قادت جهود تسوية سياسية جزئية، على قاعدة اطروحات RAND التي تؤدّي في السياق والصيرورة إلى تثبيت واقع السيطرة العسكرية التي تبلورت في نهاية 2019 مسارات متزامنة لتأهيل سلطة قسد على الحصة الأمريكية، وإعادة تأهيل سلطة النظام على الحصة الإيرانية، وبما يضع النظام التركي أمام نفس الخَيار فيما يتعلّق بميلشيات الجيش الوطني على حصّته، وكذا هيئة الجولاني..
نتيجة لذلك، وفي سياقات التسوية السياسية الأمريكية، بدأت تتصاعد أشكال التناقضات السياسية والعسكرية بين الولايات المتحدة (والنظام الإيراني، المستفيدين من مشروع التسوية السياسية الأمريكية الجزئية)، من جهة، وبين شركاء تسوية “جنيف”- الحكومة السورية وتركيا وروسيا و “إسرائيل” . كان من الطبيعي أن يفرض خلل ميزان القوى العسكرية لصالح واشنطن منطقه، وقد فشلت جميع الهجمات “التركية والسورية الروسية و “الإسرائيلية” في تغيير الموقف الأمريكي أوتجاوز الخطوط الحمراء الأمريكية المرتبطة بأولوية تأهيل قسد وإعادة تأهيل سلطة النظام، بما يثبت الوجود العسكري الأمريكي والإيراني، ويشرعن الحصص، وتصاعدت الهجمات العدوانية الإسرائيلية بشكل كمّي، دون أن تحقق أيّة نتائج نوعية …
5- بعد أربع سنوات، وجهود حثيثة، كانت التركية أكثرها إصرارا وعنفا، ثّمّة مؤشّرات على قبول الروس والأتراك والحكومة السورية بحقائق الأمر الواقع الأمريكية، وذهاب الجميع في إجراءات “التأهيل الذاتي”! بالنسبة للإسرائيليين، الحالة مختلفة!
لقد شكّلت عواقب هجوم طوفان الأقصى المبرر (على غرار هجوم نيويورك وواشنطن، 2001) والفرصة الأكبر لقوى اليمين الصهيوني من أجل ضرب أكثر من هدف بحرب واحدة، متعددة الجبهات- بالإضافة إلى إسقاط سلطة ودور حماس وقواعد الاشتباك التي حمتها، تحجيم أذرع المشروع الإيراني، التي باتت تطوّق عنق “الكيان” بفعل قوانين الاشتباك الإسرائيلية ومظلّة الحماية الأمريكية، وتفكيك مرتكزات السلطة الفلسطينية الشرعية – ثلاثة أهداف كبرى.
في هذا السياق، تقاطعت مصالح اليمين و”الوسط” الإسرائيلي في تشكيل “حكومة الحرب” الوطنية التي سعت لتحقيق تلك الأهداف الاستراتيجية التي يعتقدون أنّها ترتبط ” بالأمن القومي الإسرائيلي”، وظلّ ” اليسار- المعارض ” يبحث عن فرصة للعودة إلى السلطة على ظهر سياسات بايدن 6- أبرز ما تكشّف من حقائق الصراع في خلال مسارات الحرب العدوانية الإسرائيلية في أعقاب هجوم طوفان الأقصى هو تباين أجندات حكومة اليمين مع أجندات الإدارة الديمقراطية (و”اليسار” الإسرائيلي والعالمي) التي سعت لبقاء سلطة ودور لحماس وهياكل السلطة الفلسطينية، ومنع توسيع دائرة الحرب إلى لبنان أو إيران، بما يفوّت على حكومة الحرب خططا مبيّته لتدمير القدرات العسكرية البالستية والمسيّرة لإيران وحزب الله، ويضعف دور ونفوذ المشروع الإيراني.
في هذا السياق، تبيّن تدريجيّا عجز إدارة بايدن، رغم ما استخدمته من وسائل الترغيب والضغط، عن وقف خطط وسياسات اليمين الصهيوني، رغم تأخيرها، واستغراقها لفترة أطول..
٧- في ضوء تصاعد كميّة ونوعية الهجمات العدوانية الإسرائيلية على مواقع الوجود الإيراني في سوريا خلال أيلول الجاري، و على مراكز القوّة لدى حزب الله قبل دقائق من تنفيذ الحزب ضربته الانتقامية في العمق الإسرائيلي، يبدو جليا استماتة حكومة اليمين لاستغلال فترة الانتخابات الأمريكية، حيث يواجه الديمقراطيون حربا ترامبية شرسة على جميع الصُعد، من أجل إنزال ضربات نوعية على مواقع الوجود الإيراني في سوريا!!
وهو ما يوجّب على السوريين، في الشارع الشعبي، وعلى المستوى الحكومي، طرح تساؤلات كبيرة :
1- ما هي سبل تجنيب السوريين، داخل مؤسسات الجيش وفي مواقعه، وفي البيئة المدنية الحاضنة، أثمان الهجمات العدوانية الإسرائيلية التي تشكّل أخطر درجات الصراع الإسرائيلي الإيراني على سوريا؟
2-هل يمكن استخدام وسائل ردع ودفاع عسكرية فعّالة في ظل ما يبدو من عجز روسي وأمريكي عن القيام بذلك، ناهيكم عمّا يظهره الجانب
الإيراني، المُستهدف الرئيسي، من عجز خطير تحت يافطة، الصبر الاستراتيجي؟
3- إذا كنا ندرك ونتفهّم طبيعة الشروط السورية التاريخية الراهنة التي لا تُتيح للحكومة السورية الطلب المباشر من أصدقائها الإيرانيين إنهاء الوجود الميليشياوي، فهل يمكن تشكيل رأي عام سوري شعبي، غير حكومي، ضاغط، يدفع القيادة الإيرانية على التفكير جدّيا بوسائل ناجعة لحماية قواعدها وقيادتها، و عدم إلحاق المزيد من الخسائر بين السوريين؟
التساؤل برسم النخب السياسية والثقافية الوطنية السورية ، وهنا تكمن المشكلة!
——————————————-
(1)- أوضحَ الراحل قاسم سليماني في خطاب خاص، أبرز قادة الحرس الثوري الإيراني، الدور الحاسم الذي لعبته الحرب الثورية في تثبيت أركان النظام داخل إيران، وأنّ انتصار قواته في معركة “خرّم شهر” الشهيرة، وتحرير المدينة، شكّل أهم عوامل انتصار الثورة الايرانية الداخلية!
(2)-في لقاء خاص مع ” سكاي نيوز عربية “، 20 آذار 2023، اعترف بول بريمر، المندوب السامي الأميركي للعراق بعد غزوه عام 2003 بخطأ “مجمع الاستخبارات الأميركية” في تقدير وجود أسلحة دمار شامل في العراق، ولكنّه برر فعلة بلاده بالقول :” الاستخبارات الأميركية ليست الوحيدة التي قالت أن هناك أسلحة دمار شامل في العراق، ألمانيا وفرنسا وروسيا تحدثوا عن ذلك أيضا..” وأنّهم “وجدوا خططا”!!؟؟،وهو ما يكشف طبيعة ارتهان سياسيات تلك الدول “العظمى”!
(3)-يقول بريمر في كتابه “عام قضيته في العراق” إن الإدارة الأميركية كانت تأمل أن يساعد القبض على صدام حسين “في إقناع السنة المعتدلين بالاندماج في العملية السياسية وترسيخ قناعة نهاية البعث لديهم ولدى غيرهم أيضا، وكنا نتوقع أن يساعد أيضا في لجم عمليات اجتثاث البعث التي كان يتولاها الجلبي، وكانت تجري بتطرف يفوق توقعات الأميركيين”.
وفي حوار أجرته معه صحيفة “ذي اندبندنت” البريطانية، اعترف بريمر بـ”أخطاء إستراتيجية كبيرة” ارتُكِبت في العراق، مما أدى إلى تقويض جهوده لاحتواء المسلحين العراقيين، وأودى بأرواح الكثير منهم إلى جانب قوات التحالف، وقال إن “عقلية ما بعد فيتنام التي كانت سائدة بين جنرالات الجيش الأميركي، أدت إلى حرب غير فعالة مع المسلحين، فما إن تقضي على العدو في مكان ما، حتى يظهر بغتة في مكان آخر”.
وحقيقة القول هي : حققت خطط مشروع إدارة “بريمير- الجلبي” نجاحا متميّزا، سيشكّل نموذجا لسياسات “الفوضى الخلّاقة ” القادمة مع، وقد أتى إعدام صدّام حسين بموافقة “نور المالكي- الجلبي الإيراني- ” في نفس استراتيجية “إسقاط مؤسسات الدولة” لتوفير وتعزيز شروط صراع “سنّي شيعي”، بهدف تحويل العراق إلى “بنك إرهاب”، وقد كان لتلك الميليشيات “السنيّة” وقيادتها الجهادية التي تخرّجت من السجون الأمريكية بشهادات “حسن سلوك ” الدور الأكبر في نجاح “الخَيار العسكري الميليشياوي”، الأمريكي الإيراني في سوريا !
(4)-في مطلع 2015، كانت التسوية السياسية السورية تتطلّب تنفيذ خطة جنيف ١ للحل السياسي بعكس ما تخطط وتسعى له واشنطن، وكانت تواجه جهود الولايات المتّحدة “لتجاهل” المسار بذريعة أولوية محاربة الإرهاب معارضات أوروبية (فرنسية ، بالدرجة الأولى)داخل المجموعة الخاصة التي شكّلتها واشنطن لهذا الهدف “مجموعة العمل الدولية” لدعم سوريا (مجموعة 17+ النظام الإيراني، العضو الغير دائم).
ليس خارج هذا السياق، ارتكبت “داعش” جرائم تفجيرات في قلب بروكسل وباريس، وقد شكّلت نفس المبرر الذي قدّمته “القاعدة ” في هجمة 2001، وباتت أعلى الأصوات الأوربية تطالب واشنطن “بأولويّة” محاربة داعش، على كل ما عداها من قضايا الصراع على سوريا، وقد كان من الطبيعي أن تجني واشنطن سياسيا ثمن دماء الأبرياء في سوريا … وكان لها ما تريد – انتزاع موافقة مجلس الأمن وتشكيل “تحالف عالمي “لتنفيذ خطط المرحلة الثانية “الخَيار الأمني العسكري الميليشياوي”- 2015/ 2019 !!
يقول بريمر في كتابه “عام قضيته في العراق” إن الإدارة الأميركية كانت تأمل أن يساعد القبض على صدام حسين “في إقناع السنة المعتدلين بالاندماج في العملية السياسية وترسيخ قناعة نهاية البعث لديهم ولدى غيرهم أيضا، وكنا نتوقع أن يساعد أيضا في لجم عمليات اجتثاث البعث التي كان يتولاها الجلبي، وكانت تجري بتطرف يفوق توقعات الأميركيين”.
وفي حوار أجرته معه صحيفة “ذي اندبندنت” البريطانية، اعترف بريمر بـ”أخطاء استراتيجية كبيرة” ارتُكِبت في العراق، مما أدى إلى تقويض جهوده لاحتواء المسلحين العراقيين، وأودى بأرواح الكثير منهم إلى جانب قوات التحالف، وقال إن “عقلية ما بعد فيتنام التي كانت سائدة بين جنرالات الجيش الأميركي، أدت إلى حرب غير فعالة مع المسلحين، فما إن تقضي على العدو في مكان ما، حتى يظهر بغتة في مكان آخر”.
وحقيقة القول هي: حققت خطط “بريمير- الجلبي “نجاحا متميّزا، سيشكّل نموذجا لسياسات ” الفوضى الخلّاقة ” القادمة، وقد أتى إعدام صدّام حسين بموافقة “نور المالكي- الجلبي الإيراني-” في إطار استراتيجية “إسقاط مؤسسات الدولة – اجتثاث البعث-” من أجل تعزيز شروط صراع “سنّي شيعي”، بهدف تحويل العراق إلى “بنك إرهاب”، وقد كان لتلك الميليشيات وقيادتها الجهادية التي تخرّجت من السجون الأمريكية بشهادات “حسن سلوك” الدور الأكبر في نجاح الهجمات الإرهابية في العمق الأوروبي، و جهود ” الخَيار العسكري الميليشياوي”، الأمريكي الإيراني في سوريا!
قالت السلطات البلجيكية أنّ لِـ “عبد السلام” المشتبه الرئيسي في تفجيرات باريس صلة باثنين على الأقل من المفجرين في بروكسل”، وقد اعتُقل عبد السلام، قبل أربعة أيام من تعرض العاصمة البلجيكية إلى هجومين قتل فيهما 32 شخصا، كما و أودت سلسلة هجمات بالقنابل والأسلحة النارية على مسرح وملعب ومطاعم وحانات في 13 تشرين الثاني 2015 في باريس إلى مقتل 130 شخصا. وقد أعلن ما يسمى ب”تنظيم الدولة الإسلامية” مسؤوليته عن الهجمات في كلا المدينتين، بروكسل وباريس!!؟؟