XI
العائدون والكرامة الناقصة
كنت تساءلت في بداية الكتابة إن كان الجزء الثالث من “أولاد الغيتو” رجل يشبهني “ثالث الثلاثية أم رابع الرباعية أم خامس الخماسية أم سادس السداسية، ولم يكن تساؤلي من فراغ.
يعود خليل أيوب أحد شخصيات رواية “باب الشمس” إلى الضفة الغربية إثر اتفاق أوسلو ويستقر في حلحول ويتزوج إحدى فتياتها، محققا حلم وديع عساف الفلسطيني في رواية جبرا “السفينة”، وفي أثناء عودته يلتقي بآدم دنون الشخصية الرئيسة في ثلاثية “أولاد الغيتو”، ويتم اللقاء الأول بين العائد والمقيم في أحد مستشفيات رام الله، وأما اللقاء الفعلي فتم في بار إسرائيلي على شاطئ البحر الميت. كان آدم في البار وحيداً مع كأسه حين التقى بثلاثة رجال يطلبون قنينة ويسكي ويتكلمون العربية، وفهم من كلامهم أنهم من العائدين. اقترب منهم يدفعه الفضول إلى معرفة “كيف يشعر فدائيون أمضوا أعمارهم في مقاتلة الإسرائيليين، وهم اليوم يحتسون الويسكي في بار إسرائيلي”، وكان أحد هؤلاء الثلاثة خليل أيوب الذي أبدى بآدم اهتماماً كبيراً لأنه يعشق الست أم كلثوم المغرم بها آدم الذي يكتب في صحيفة إسرائيلية عن الموسيقى الشرقية.
يسرد آدم حواره مع خليل ابن الغابسية في الجليل الذي استقر في حلحول، إذ شأنه شأن لاجئي 1948 ممن عادوا ولم يسمح لهم بالعودة إلى مدنهم وقراهم الأصلية، وقد عبر عن عودتهم هذه محمود درويش بقوله: “عدنا إلى غدنا ناقصين”. وعبر عنها أحمد دحبور بقوله: “وصلت حيفا ولم أعد إليها”.
وظلت الحسرة والشعور بالخيبة ملازمة لهما، ما دفعني إلى تأليف كتابي “أدب المقاومة: من تفاؤل البدايات إلى خيبة النهايات” (1998).
يقول خليل مميزاً بين المجيء والعودة: “عندما أعود إلى قريتي الجليلية، أكون قد عدت “ولم يناقشه آدم” في دلالات الفرق بين العودة والمجيء، أو في معنى صدى الرائحة، هل الرائحة كالصوت تغيب ويبقى صداها؟”
فكرة العودة الناقصة يعبر عنها خليل أيوب في لقائه مع آدم دنون مستخدماً لفظ “العودة بلا كرامة”، فالعائدون لم ينقصهم المال والسيارات والبيوت والامتيازات. كان ينقصهم شيء واحد فقط هو الكرامة، وكما قال خليل يخاطب آدم: “هناك شيء واحد أرجو ألا تسألني عنه رجاء، وهذا الشيء اسمه الكرامة” و “الآن، أنا هنا في حلحول والكرامة بعيدة” و “لذلك لا تسألني عن الكرامة”. ويستعرض خليل مراحل الثورة منذ 1967 ومعركة الكرامة وبطولة الفدائيين وحياتهم في المنافي. في المنافي كان ينقصهم الاستقرار والراحة والامتيازات ولكنهم كانوا يملكون الكرامة.
عندما تندلع انتفاضة الأقصى وتحاصر مدن الضفة يساور خليل الشك فيما صار إليه ويغدو ممزقاً بين عالمين؛ عالم الفدائي وعالم موظف السلطة ، الكرامة واللاكرامة، وعليه أن يختار، ويختار أن يقف إلى جانب المدافعين عن البلدة القديمة في نابلس.
“لم يسأل خليل نفسه إلى أيهما ينتمي. رأى كيف أشعلت المدينة القديمة جمرات روحه المنطفئة، وأحس بأن عليه ألا يمزق ثيابه المدنية أو العسكرية فقط، بل عليه أن يمزق جلده أيضاُ، فاللاكرامة تصير جلداً يلتصق بالجلد وينمو فوقه ويمحو معالمه. استخدم خليل كلمة اللاكرامة، مع أنه كاد ينزلق إلى كلمة أخرى لا يريد أن يتخيل أن ورثاء دم الفدائيين الفلسطينيين، سقطوا فيها، لكن البلدة القديمة جعلته يشعر بالخيانة”.
“لكننا علقنا هنا، وعلينا أن ندافع عن كرامتنا “يجيب خليل أبو الرائد الذي ميز بين المقاومة والانتحار ورأى في التصدي لقوات الاحتلال انتحاراً، ويعود فدائياً كما كان الفدائيون في بيروت قبل أن يتلوثوا بوهم السلطة ووهنها.
ولا شك أن قارئ المقال الأسبوعي الذي يكتبه إلياس خوري وينشره كل يوم ثلاثاء يلمس بوضوح مواقفه من اتفاق أوسلو وما أوصل الشعب الفلسطيني إليه. إن لهجة انتقاد إلياس للسلطة الفلسطينية في مواقفها في العام الأخير وقبله تبدو حادة جداً.
مثل خليل أيوب الذي يستشهد في نابلس ويستشهد ابنه الوحيد في حلحول نقرأ عن أبو جندل الذي يستشهد في مخيم جنين أيضاً، فقد فضل الاستشهاد على الاستسلام.
في كتابتي عن الفلسطيني في روايات إلياس خوري تتبعت الصور المتعاقبة للفلسطيني؛ من فدائي أسطوري إلى فلسطيني مساوم ورجل سلطة، وتتجسد الصور في مسيرة خليل أيوب وأبو جندل وأبو الرائد وفي الرموز التي سارت في طريق المفاوضات ورضيت بما آلت إليه. آثر خليل وأبو جندل أن يموتا فدائيين لا رجلي سلطة، ورأى رجال السلطة في سلوكهما انتحاراً ففضلوا الانحناء للعاصفة.
XII
الخيال وقصة الفلسطينيين الحقيقية الأغرب منه
في الحكي الفلسطيني غالباً ما يكرر الفلسطينيون العبارة “قصتنا صارت أغرب من الخيال”، يكررونها لا لأنهم مغرمون بحكايا الشاطر حسن والحكاية الشعبية “اللي أولها كذب وآخرها كذب”، ولا لأنهم مغرمون بألف ليلة وليلة وحكاياتها التي تأثر إلياس خوري بأسلوبها، وإنما لأن الواقع الفلسطيني يبدو أحياناً أغرب من الخيال، وقد كتب في هذا إميل حبيبي الذي سحر به وبأسلوبه وبلغته خوري، وبخاصة برواية “المتشائل” التي كتب فيها كاتبها عن تحرك شواهد القبور في غزة وعن رجل الفضاء والثريا التي رجعت تسف الثرى. لقد ذهب إلياس إلى أن إميل كذب حياته وصدق أدبه، وصار آدم دنون في حيرة من أمره وأمر ما يجري معه. إنه يكتب قصة حياته في دفاتره ويكتب فيها أيضا مناماته، ولم يعد يميز بين ما يحدث معه وما يراه في مناماته. كيف إذن يقص هذا على الناس هو الذي صار يرتاب في حياته؟
يتساءل آدم في الصفحات الأولى من الرواية: “أنا لا أصدق نفسي ، فكيف يصدقني الناس”. صارت حكاياته التي يعيشها ويراها في مناماته ويكتبها، صارت له “أشبه بكابوس” عليه أن يصحو منه.
تحت عنوان “الكتاب الأزرق” يروي لنا آدم عن كتابة أحد دفاتره متسائلا إن كان نام وهو جالس على الكرسي أمام طاولته “حيث تركت دفتري مفتوحاً على نهاية هذا النص، مثلما أردت له أن ينتهي؟”. في المنام يرى رجلاً مغطى بظلاله يقف في مواجهته “كأنه مرآة غبشها الزمن. وفي ذلك الغبش، رأيت رجلاً يشبه صورة أبي، حسن دنون، كما علقت في ذاكرتي، بشاربيه الأسودين الكثيفين، لكنه يشبهني أنا أيضاً، كأنه أنا وقد عدت شابا في العشرين من العمر. أنا لا أشبه أبي، لكن هذا الرجل الذي يشبهني يشبهه، كأنه هو، أو كأن وجهينا امتزجا”. هذا التشابه بين الرجل وأبيه وبينه وبين الرجل يدفعه إلى الاعتقاد بـ “صار الآخرون وجهي”.
الكتابة عن الواقع والخيال وامتزاج الواقع بالخيال كنا لاحظناه في الجزأين الأولين، وقد كتبت عن هذا وأنا أكتب عنهما، وفي “رجل يشبهني” يطنب الكاتب على لسان آدم في تناول الحقيقة والخيال.
تحت عنوان “أول الحكاية” يكتب عن زيارة دالية إلى نيويورك لعرض فيلم وثائقي أنتجته ويعد العدة لاستقبالها ويتخيل كيف سيكون اللقاء، ولا يلتقيان. ما قصه آدم تحت هذا العنوان يبدو ضرباً من الخيال. يمرن آدم ذاكرته معتقداً “أن الأدب في جوهره هو هذا التمرين المستمر على تحويل الذاكرة إلى نص يجمع الواقع والخيال، أي الحقيقة وأختها كما يقولون” لكنه اكتشف مع هذه التمارين التي لا تنتهي “أنه بدلا من تحويل الواقع إلى خيال، امتزج الخيال بالواقع، فضاعت الحدود بينهما” بحيث صار آدم في كلامه اليومي مع الناس لا يميز بين الشخصيات المتخيلة والشخصيات الحقيقية، وصار عاجزاً عن قراءة نفسه “هل أنا إنسان حقيقي من لحم ودم، وهل ما عشته كان تجاربي الشخصية، أم أنني خارج هذه المعادلة كلها؟ أتفرج على نفسي وعلى حكاياتي كأنها من صنع الخيال؟”.
“أنا حائر” يعترف آدم، ويضيف “أنا حائر، ولست متردداً؛ الحيرة لحظة تراجيدية، أما التردد فمرادف للخوف، تعرف أن عليك القيام بأمر ما لكنك تخاف لتجد نفسك وقد سقطت في الحفرة التي أخافتك من دون أن تقرر “وأما الحيرة فهي أن تمتلك حرية القرار فتختار مثل أبي فراس ما يوصلك إلى المأزق نفسه: الموت المعنوي / الأسر أو الموت الحقيقي / الردى.
يعود آدم في صفحة 462 ليواصل الكتابة عن الحقيقة والخيال: “لا أغفو إلا حين أرسم في رأسي شخصيات متخيلة أتقمصها. أبني عوالم لا علاقة لها بي، وأنام على إيقاع منامات أخترعها، وقد احتلت مخيلتي مؤخراً شخصيتان: خليل أيوب وراشد حسين. تعرفت على خليل بصفته بطل رواية قرأتها، ثم التقيت به مرات قليلة، لكن طريقة موته مثلما عاشتها يسرى أو تخيلتها احتلتني”.
وأعود هنا إلى ما كتبته في كتابي “أسئلة الرواية العربية: الياس خوري في روايته ” أولاد الغيتو: اسمي آدم “نموذجا” عن توفيق الحكيم ومسرحيته “بجماليون”. من عشق توفيق الحكيم: التمثال الذي اخترعه أم التمثال وقد نفخت فيه الحياة فصار إنساناً؟. هل تذكرون ما قاله الحكيم:
” مجنون يهذي بالألحان
يسرق حلى زوجته ويهديها لعشيقته
يسرق حلى عشيقته ويهديها لزوجته.
من تكون عشيقته؟
من تكون زوجته؟”.
وفي “رجل يشبهني” يشعر آدم بأنه فقد عقله وأن وجع الروح يضربه. إن وجع الروح هو أقسى درجات الألم، يقول آدم الذي يتلوى بروحه ويتساءل:
– ماذا يجري؟
“لا أستطيع أن أصدق منامي، لكنني لا أستطيع تكذيبه أيضاً. هل أنا أنا أم هذه أعراض انفصام الشخصية؟”.
هل كان خليل أيوب شخصية حقيقية أم شخصية روائية؟
وحول إلياس خوري وشخصياته إن كانت حقيقية أم متخيلة يكون لآدم أيضاً حديث.
إن الأجواء العجائبية الغرائبية هي مكون أساس من مكونات “رجل يشبهني” وقد كانت في “اسمي آدم” و “نجمة البحر” كذلك أيضاً.
XIII
الخروج من اللد
جرت أحداث الجزء الأول “اسمي آدم” في اللد في العام1948 وفي بقية فلسطين وفي مدينة نيويورك، وانتقل بنا الجزء الثاني إلى حيفا وصور حياة آدم فيها “نجمة البحر”، وأخذنا آدم، ومن ورائه إلياس خوري، إلى غيتو وارسو، فقرأنا عن مأساة اليهود في (أوشفيتس)، وفي “رجل يشبهني” يأخذنا آدم إلى جنين ونابلس وحلحول في فترة أوسلو وانتفاضة الأقصى واجتياح المدينتين؛ جنين ونابلس، فنقرأ عما حدث فيهما، ولكنه قبل ذلك روى عن النصف الثاني من مأساة اللد، متكئاً على كتاب عودة الرنتيسي الذي عاش مأساة الخروج وكتب عنها.
تحت عنوان فرعي هو “ثلاثة أيام” يقص ما يقارب الأربعين صفحة عن الخروج المأساوي الذي أحالنا عليه في الجزء الأول حين أتى على رواية (ايثيل مانين)” الطريق إلى بئر سبع، فكانت الرواية الوجه المتمم الآخر لما حدث في اللد نفسها في 15 / 7 / 1948.
في “رجل يشبهني” يعثر آدم على مذكرات عودة الرنتيسي ويقتبس منها ما رواه كاتبها عن تجربته وتجربة آلاف الأطفال الذين مشوا في تيه اللد ونجوا من الموت عطشا فولدوا من جديد “لكن في كفن”، والطريف أن الرنتيسي كتب أيضاً عن طفل التقط في غمرة النزوح: ” وفي الصفحة 23 من الكتاب الأزرق، كتب: “اليوم التالي جلب معه تجارب أكثر قسوة، إذ لا يزال المشهد محفوراً في ذاكرتي، فإلى جانب الطريق رأيت طفلاً رضيعاً ملقى على صدر أمه الميتة وهو يمتص ثدييها”. لقد كانت الأيام الثلاثة أياماً من العطش والخوف والموت. أيام ثلاثة طويلة اختصرت العمر كله. كما لو أن من كتب عنه كان هو آدم دنون، وكما لو أن عودة كتب كتابه لأجل قارئ واحد “هو أنا” كما يقول آدم.
يرى آدم / إلياس أن “الغيتو ليس سوى نصف الحكاية، أما نصفها الآخر فهو مسيرة الموت “ويضيف” وربما كنت أنا الشخص الوحيد الذي عاش النصفين”. ويبحث آدم في كتاب الرنتيسي عن حكاية الطفل الذي كتب عنه، فلقد علمته أمه أنه كي يجد حكايته عليه أن يبحث في شقوق حكايات الآخرين”. هنا في هذه الصفحات يناقش إلياس خوري عبارة “الضحية التي تحولت إلى جلاد” ليقدم اجتهاداً جديداً. “لا تقل إن قاتليك كانوا ضحايا، وعلينا أن نتفهمهم، فالقاتل لا يمكن أن يكون ضحية، القاتل الذي يتلذذ بعطش الناس سفاح وليس ضحية، الضحية لا تحكي، الضحية تموت فقط” و “هؤلاء يا سيدي ليسوا يهوداً. وعلينا نحن كي لا نصبح كأننا لسنا فلسطينيين ألا نبيع فكرة الضحية ونشتريها”.
كان اليوم الأول هو يوم الاثنين 13 تموز 1948. في هذا اليوم خرجت عائلة الرنتيسي من البيت لتبدأ المأساة: “كان يوم الأحصنة والباذنجان، الجنود يمتطون الأحصنة ويطلقون النار في الهواء، ونحن نعصر حبات الباذنجان الكبيرة في أفواهنا كي لا نموت من العطش”. (يروي جورج حبش في مذكراته رحلة الخروج ويأتي على رواية (ايثيل مانين) وراجع مقالتي عن جورج حبش والخروج من اللد 28 / 8 / 2020).
اليوم الثاني هو يوم الثلاثاء 14 تموز 1948، وكان يوم الماء والأذن المشرومة، وفيه اغتصبت نساء ونهبت بحثاً عن الذهب وصلمت آذان لأجله “روت لي أن أمي شاهدت جنوداً إسرائيليين يبولون في صهاريج الماء” و “لم أر المشهد. أختي رأته، وأمي كادت تصاب بالإغماء، سمعناها تروي لأبي همساً، عندما أقمنا في حاكورة المدرسة في رام الله، أن الجنود كانوا يفنترون فوق الصهاريج كأنهم أولاد يلعبون بأشيائهم الصغيرة، وأنه أغمي عليها عندما رجت أحد هؤلاء أن يسقي طفلتها الرضيعة من مطرة الماء التي كان يحملها، فأجابها بأن دلق مطرته على الأرض وهو يضحك بشكل هستيري”.
اليوم الثالث هو يوم الأربعاء 15 تموز1948. في هذا اليوم رأى عودة ثلاثة مشاهد؛ مشهد البئر وكيفية حصول الناس على الماء منه وتحلق الناس حول الرجل الذي نزل إلى البئر كي يمتصوا ثيابه المبللة بالماء والطين، ومشهد القبور التي بلا مقابر، حيث ترك الناس من مات في رحلة الخروج في مكانه دون أن يدفنوه، تركوه “وسط أصوات الضباع والجوارح التي كانت تتنافس مع الذباب على نهش بقايانا”، ومشهد آدم المكتوب عنه آنفا -الطفل الرضيع الملقى على صدر أمه.
وأكرر: إن الكتابة عن الخروج من اللد تذكرنا بما كتبته الروائية الإيرلندية (ايثيل مانين) وبما كتبه الدكتور جورج حبش الذي عاش تجربة الخروج كما عاشها الرنتيسي.
هل اكتملت الكتابة عن حكاية اللد في 1948؟
كان ثمن المنفى كبيراً وكان ثمن العودة إلى المكان هائلاً. يقول مأمون الأعمى، وحين يريد آدم أن يقول له إننا دفعنا ثمن العودة من دون أن نعود، يقول له: لا، فالثمن الذي ندفعه منذ حوالي ستين عاماً ليس ثمن العودة، بل ثمن النكبة المستمرة “النكبة التي لم تبلغ ذروتها المأساوية بعد”، فهؤلاء الإسرائيليون المصابون بلوثة أرض الميعاد لن يرتووا من دمنا، ولن يتوقفوا عند أي حد”.