منذ زمن بعيد ، عندما كان العالم لا يزال جديدًا ، لم يكن هناك أحد يعيش فيه ، باستثناء رجل عجوز اسمه نا- بي ، وصديقه الذئب أبيسي . بالواقع هو ليس دائماً صديقه ، فأحياناً يتشاجران و يصبحا أعداء. ومن أصدقائه أيضاً عدد من الجواميس . و لم يكن هناك أناس آخرون ولا حيوانات أخرى. ذات يوم ، شعر الرجل العجوز بالملل من ذلك الواقع فقرر تغييره . فكثيراً ما كان يشعر بالوحدة ، و راح يفكر أنه لا ينبغي أن يظل وحيداً . فتعالوا أحدثكم ما الذي فعله.
كان نا- بي جالسًا بجانب ناره يومًا ما ، متفكراً في طريقة ما للترفيه عن نفسه. و لديه الكثير ليأكله ، فقد اصطاد للتو جاموساً صغيراً ، فلا حاجة للذهاب إلى الصيد. و عنده كوخ يعيش فيه و لديه نار. و في ذلك اليوم ، لم يكن لديه عمل للقيام به. كان مرتاحًا ، لكنه لم يكن قانعًا بحياته هذه. أما صديقه الوحيد أبيسي الذئب ، فقد كان في رحلة بعيدة. وعلى أي حال ، فقد تشاجرا مؤخراً ، بل كانا في حالة من العداء ؛ لذلك حتى لو كان الذئب موجوداً ، لكان الرجل العجوز سوف يشعر بالوحدة أيضاً . دفع ببعض الأخشاب و الأغصان الإضافية في النار ، ثم قذف ببعض الحصى إلى النهر للترويح عن نفسه ، وأشعل غليونه ، ثم مشى قليلاً. ثم عاد ليجلس، و أعاد التفكير ثانية كم سيكون من الجيد لو يوجد شخص يدخن معه ويتحدث معه. فقرر أن يصنع شخصاُ يشبهه. و زاد النار وقوداً ، و عاد فقذف بعض الحجارة في النهر.
أعاد التفكير ثانية :”لم لا؟ فأنا الرجل العجوز! يمكنني صنع أي شيء أريده. لماذا لا أصنع شخصًا مثلي ، فيصبح عندي رفيق؟”. ثم قال لنفسه :” يجب أن أبدأ العمل فوراً “.
وجد أولاً بركة ماء صغيرة، وقف على حافتها و نظر إلى انعكاسه بعناية ، ليعرف ما يجب أن يصنع . ثم أحصى عظامه بأفضل ما يستطيع ، وتحسس كيف يجب أن يكون شكلها.
بعد ذلك أخذ بعض الصلصال ، وقام بتشكيل الكثير من العظام ، وشواها في النار. عندما انتهى من شيّهم جميعًا ، أخرجهم ونظر إليهم. كان بعضهم جيدًا جدًا ، لكن البعض الآخر كان ملتويًا أو نحيفًا أو مكسورًا أثناء الخبز. فوضعهم جانباً في كومة صغيرة.
ثم بدأ في تجميع أفضل العظام الطينية في صورة هيكل عظمي لرجل و ربطهم جميعًا معًا بأوتار الجاموس ، وصقلهم بعناية بدهن الجاموس. ثم حشاهم بالطين الممزوج بدم الجاموس ، وجعل دم الجاموس يمتد على كل الجلد للرجل الذي يريد صنعه. ثم جلس وأشعل غليونه مرة أخرى.
نظر إلى الرجل الذي صنعه بحيث يتفحص الشكل الذي صنعه. لم يكن هذا ما أراده بالضبط ، لكنه مع ذلك قرر أن هذا أفضل من لا شيء.
فكر قليلاً ثم قال : “سأصنع المزيد”.
التقط رجلاً من الرجال الجدد ونفخ الدخان في عينيه وأنفه وفمه ، فخلق الرجل. أجلسه نا- بي العجوز بجانب النار وأعطاه الغليون. ثم ذهب للحصول على المزيد من الطين.
عمل نا – بي طوال اليوم ، و صنع الرجال الذين قرر صنعهم . استغرق الأمر وقتًا طويلاً ، لأن بعض العظام في كل قطعة لم تكن جيدة ، وعليه التخلص منها وصنع أخرى . لكن أخيرًا ، حصل على عدة رجال جالسين بجوار النار ويمررون الغليون على بعضهم البعض و هم يدخنون. جلس نا- بي معهم ، وكان سعيداً للغاية. و ترك كومة العظام المهملة حيث كانت ، عند باب منزله.
لذلك ، عاش نا – بي والرجال في قرب بعضهم البعض في مكان واحد، وتعلم الرجال الصيد ، ووجد نا- بي شركاء يدخنون معه ، وكانوا جميعًا راضين تمامًا.
لكن كومة العظام المتبقية كانت مصدر إزعاج. ففي كل مرة يدخل فيها أحد الرجال أو يخرج من البيت الذي يسكنه العجوز ، كانوا يتعثرون في العظام . و ذات مرة هبت الرياح ليلاً مما سبب ضجيجاً مخيفاً. فراحت العظام تتدحرج بسبب الرياح، مما كان يسبب المزيد من الاضطراب. فقرر نا- بي رميهم في النهر ، لكنه كان كسولًا بعض الشيء ، فترك العظام على حالها في مكانها .
بعد مرور بعض الوقت ، عاد أبيسي الذئب من رحلته. دار حول البيت ، ينظر إلى الرجال ، وشعر أنه متفوقًا عليهم ، قائلاً أنه غير مهتم بما فعله نا – بي . كما انتقد كومة العظام عند باب المنزل. ثم قال مخاطباً نابي العجوز : “أعتقد أنك ستفعل شيئًا معهم – أقترح أن تجعلهم رجالاً أيضاً “.
قال نا- بي: “حسنًا ، سأفعل . لكنهم ليسوا جيدين كفايةً، لذلك سيكون من الصعب إخراج الرجال منهم!” .
فقال الذئب : ” أوه ، سأساعد ، سوف أساعدك بالتأكيد. بذكائي سنصنع شيئًا أفضل بكثير من مخلوقاتك الفقيرة هذه!” .
لذا ، شرع الاثنان في العمل . تم فرز العظام المهملة ، وربطاها معًا. ثم قام نا- بي بخلط الطين ودم الجاموس لتغطيتهم. كان ينوي تمامًا تحويل العظام إلى رجال ، لكن الذئب استمر في التدخل . وبالتالي ، عندما تم الانتهاء من المهمة ، كان المنتج النهائي مختلفًا تمامًا. قام نا- بي بنفث الدخان في العيون و الأنوف و الأفواه ، تماماً كما فعل مع الرجال. و إذا بهن يتحولن إلى نساء وقد دبت فيهن الحياة.
قام نا – بي و الذئب أبيسي بتحويل بقية العظام إلى نساء ، وعندما انتهيا من كل واحدة ، قاما بتجميعها معًا ، وبدأت النساء على الفور في التحدث مع بعضهن البعض. كان الذئب أبيسي سعيدًا جدًا بما فعله. قال نا- بي: “عندما صنعت رجالي ، وضعتهم بجانب النار كي يدخنوا الغليون”.
وحتى يومنا هذا ، إذا كان لديك مجموعة من الرجال ومجموعة أخرى من النساء ، فإن الرجال سيرغبون في الجلوس بجوار النار والتدخين. لكن النساء فسوف يكثرن من الحديث. أما لماذا النساء بطبيعتهن مزعجات ، فتلك حكاية غير محسومة أبداً هل بسبب أنهن مصنوعات من العظام المتبقية ، أو ما إذا كان ذلك بسبب الذئب أبيسي ، الذي هو مزعج بطبيعته ، و كان شريكاً في صناعتهن.