في سياق خطوات التسوية السياسية في سوريا والتطبيع الإقليمي، تبرز مستجدّات جديرة بالمتابعة، وتقتضي مصلحتنا السورية المشتركة رؤية حركتها المستقبلية في ضوء عوامل السياق، ومصالح المشغّل الخارجي الأمريكي، وسعيه في هذه المرحلة من التسوية السياسية الشاملة للتوفيق بين مصالح مرتكزات سيطرته الإقليمية الرئيسية- أنظمة السعودية وإيران وتركيا ، ودولة الاحتلال الإسرائيلية !
بداية أوّد الإشارة إلى نقطة بالغة الأهمية ، تم ّ تهميشها لمصالح خاصة، وفي سياقات مختلفة:
تتقاطع مصلحة السوريين المشتركة في بناء دولة ديمقراطية موحّدة ، ترتبط بعلاقات حسن جوار وتبادل مصالح تكتيكية واستراتيجية مع عمقها الإقليمي الطبيعي الجيوسياسي الذي تشكّله دول العراق وتركيا والسعودية ، بالدرجة الأولى، وبالتالي فإن كلّ ما يضع ” سوريا ” الراهنة على مسارات تحقيق مصالح الدولة السورية ، والسوريين ، هو خطوة في الإتجاه الصحيح .
نقطة أخرى لا تقل أهميّة ، من مصلحتنا إدراكها ، في بحثنا عن حقائق الصراع:
إذا كانت أهداف الصفقات الرئيسية على الصعيد الإقليمي، ترتبط بسعي الولايات المتّحدة لاستثمار نتائج الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة-خاصّة نجاح حكومة الحرب الإرهابية في تدمير شروط التسوية السياسية الفلسطينية الإسرائيلية، وسياسات الولايات المتّحدة في منع انتشار الحرب إقليميّا ووضع قواعد اشتباك جديدة بين إسرائيل وإيران- لصالح مواصلة جهود خطوات مشروع التطبيع الإقليمي السابقة على هجوم السابع من أكتوبر ، وإذا كان من الاستحالة، في منطق مصالح السيطرة الإقليمية الأمريكية الشاملة، أن تُستثنى إيران ،الدولة الإقليمية الأبرز ،فلا غرابة أن يواصل الإعلام الأمريكي تضليل الرأي العام حول الطابع ” التحالفي ” في العلاقات ين الولايات المتّحدة والنظام الإيراني، ليتحدّث عن صفقات تاريخية على مسارات التطبيع السعودية الإسرائيلية، مغيّبا عوامل ترابطها مع شروط إعادة تأهيل النظام الإيراني إقليميّا، وبما تشكّله كوجه آخر لمشروع التسوية والتطبيع الإقليمي “العربي–الإسرائيلي”.(1).
في مواجهة عواقب أسوأ مأساة إنسانية في تاريخ حروب السيطرة الإقليمية، حتى بالمقارنة مع صيرورات تدمير لبنان والعراق، تكاملت في صناعة فصولها سياسات وجهود قوى تصارعت على السلطة والحصص ومواقع النفوذ و استخدام السوريين (2)،لكنّها توافقت حول هدف منع حصول انتقال سياسي منظّم خلال 2011 ، شكّل صمام أمان لسوريا ، والسوريين ، وأدّت في السياق والصيرورة إلى تهجير شعب من وطنه، وتشرّده، ولجوئه ونزوحه، ومقتل و اعتقال أعداد لا تحصى من أبنائه، وانتهت بتقاسم سيطرة جيوسياسية ميليشياوية و احتلال أجنبي لصالح قوى الخَيار العسكري، و وأد آمال السوريين بتسوية سياسية وطنية، تضمن الحد الأدنى من شروط الحياة الإنسانية والحفاظ على مقوّمات الدولة الوطنية. فوق كلّ ذلك، وبنتيجته، ما تزال حقائق الصراع الرئيسية مغيّبة، وما يزال السوريون عرضة لكلّ أشكال الخداع والتضليل الإعلامي؛ وقد افتقدوا لجميع وسائل معرفة حقائق ما يخطط له الآخرون، ويعملون عليه، خاصّة وقد باتت في السياق منصّات وأبواق “نخبهم”، خاصّة التي تنشط من الفضاء الديمقراطي في أوروبا والولايات المتّحدة تحت يافطات المعارضة، جزءا من ماكينة تغييب الحقائق، و تضليل الرأي العام !!
تسريبات صحفية، وتحليلات عديدة لخبراء في فبركة الرأي العام، وأخذه إلى المواقع التي يريدها المشّغل في مراكز صنع القرار الأمريكية- الإقليمية ، تبيّن تعقيدات الشروط التي يفتقد فيها متابع الأحداث في بحثه عن حقائق الصراع إلى مصادر حقيقة للمعلومة، وفي خضمّ هذه الفوضى الإعلامية نحاول فهم ما يحصل حولنا، ولنا!
في هذه اللحظة السياسية الراهنة التي تواكب نهاية الحرب العدوانية “الإسرائيلية/ الأمريكية” على قطاع غزة، والشعب الفلسطيني، تتقاطع مصادر ترويج الخبر الأمريكية والتابعة عند الحديث حول ما يحصل من صفقات وتوافقات سياسية على الصعيدين السوري والإقليمي، تكتسب طابعا موضوعيا في توافقها مع عوامل سياق صيرورة التسوية السياسية الأمريكية الشاملة التي أطلقتها واشنطن منذ مطلع 2020، وفي موجّبات تجيير نتائج الحرب الإسرائيلية العدوانية، خاصّة على المستوى الفلسطيني وعلى صعيد العلاقات الإيرانية الإسرائيلية، لصالح تعزيز خطوات وإجراءات التطبيع الإقليمي والتسوية في سوريا؛ بعد تعثّرها في أعقاب هجوم طوفان الأقصى والحرب الإسرائيلية العدوانية اللاحقة.
من جهة، يطرح الإعلامي “سمير متيني” ما يشبه “خارطة طريق انتقال سياسي” في سوريا، يدّعي أنّه حصل على قرارات إطلاقها من مصادر موثوقة .(3).
من جهة ثانية، بحسب وصف وزيري الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والسعودي الأمير فيصل بن فرحان في نهاية لقائهما الأخير في الرياض، فإن الاتفاقيات الخاصة بين الولايات المتحدة والسعودية تقترب من الاكتمال، بل أصبحت قريبة جداً، وهي التي تصفها الصحف الأميركية بأنّها “ستغيّر الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط”، وتعيد تشكيل المشهد السياسي بالمنطقة. إذا كانت هي كذلك ، من مصلحتنا نعرف طبيعة صلاتها وتأثيراتها على علاقات الأطراف الثلاث، الأمريكي والإسرائيلي والسعودي، مع النظام الإيراني ،وخارطة طريق ” متيني، في السياق العام للتسوية الأمريكية ؟ (4).
تسريبات “متيني “تشير إلى وصول المفاوضات الأمريكية السورية التركية والعربية حول ملف “التسوية السياسية السورية” إلى تفاهمات استراتيجية، (فشلت جهود تركية روسية وعربية سابقة في تحقيق أهدافها!)، تنقل التسوية من مستوى مسارها الثنائي الراهن – الأمريكي ( القسدي ) و الإيراني ( السوري )- إلى مستوى رباعي ( أمريكي تركي سوري عربي )، مدعوما من مجموعة ” سلام أبرهام” العربية ، يؤدّي في السياق إلى إعادة توزيع خارطة السيطرة الميليشياوية الإقليمية الإيرانية في سوريا( ولبنان )لصالح صيرورة تمكين مؤسسات الدولة/ النظام على كامل الجغرافيا السورية، ما عدا مناطق الحصّة الأمريكية ، حيث تسيطر قسد بتوافقات هشّة مع الحكومة المركزية، والتي ستحظى وفقا للتوافقات الجديدة، “بوضع خاص”، يتضمّن “إدارة الخلافات مع قيادتها بالمفاوضات، دون السلاح”، وتفاهمات تركية سورية حول ” قسد “، وحول مسار إعادة بسط سلطة الحكومة على “المناطق المحررة” في حلب.
وفقا لمصدر الناشط المعارض “اليوتيوبر”، الواثق من دقّة ما نُقل إليه من أخبار في اجتماع خاص مع مسؤولين عرب، كما يدّعي، تتضمّن التوافقات الجديدة تسريع خطوات وإجراءات إعادة تأهيل سلطة النظام ، خاصة حول ما يرتبط بدور الحزب والإدارة المحلية، وقضايا أخرى اقتصادية وعسكرية، بالغة الأهميّة، وتصبّ في خدمة تمكين مؤسسات الدولة السورية، بموافقة و دعم أبرز الأنظمة العربية، السعودية وقطر والإمارات والأردن والعراق، ومشاركتها في جهود تنفيذ التفاهمات، سياسيا واقتصاديا، وبالتالي، موقفا أوربيّا وأمميّا داعما.
التساؤل الذي قد يطرح نفسه على جميع المهتمين:
إذا كانت تلك المعلومات صحيحة، ما هي حظوظها في التنفيذ، خاصّة وأنّها تمثّل خطوة نوعية لخروج مسار التسوية عن سياقه الأمريكي الإيراني الراهن دخ، الأكثر تدميرا لمقومات الدولة السورية، إلى سياق أشمل ، عربي وتركي وأمريكي ؟
من حيث الشكل، قد تبدو أهداف هذه الصفقة أكثر حظوة بالتنفيذ، ليس فقط لأنّها تضمن أمان وتوفّر شروط استمرارية “القاعدة الأمريكية”، وتتوافق مع مصالح النظامين السوري والتركي وسلطة قسد بل ولأنّها أيضا تحظى بدعم مجموعة الدول العربية المؤثرة، بقيادة السعودية، وتتساوق مع جهود تقودها السعودية والولايات المتّحدة لإعادة تأهيل حزب الله داخليا، ومع جهود “تسوية النزاع” الفلسطيني الإسرائيلي، وبالتالي خطوات التطبيع الإقليمي في ضوء نتائج الحرب الإسرائيلية العدوانية المدمّرة!
ما هي طبيعة العقبات؟
في وقائع الصراع الميداني، ثمّة طيف واسع من المتضررين على الصعيد السوري، يأتي في مقدمتهم خصوم قسد، ميلشيات الثورة المضادة التي بات بفضل شروط التسوية السياسية الأمريكية الثنائية سلطات أمر واقع – ميليشيات الجيش الوطني وهيئة الجولاني والتابعة للحرس الثوري الإيراني- وهي التي ستفقد مواقعها وما حققته من امتيازات أدوارها السابقة، تدريجيا لصالح أجهزة الحكومة المركزية، وسلطة قسد؛ وما قد ينتج عن صيرورة التسوية من تعقيدات على صعيد ملف العلاقات المتشابكة بين أنظمة سوريا وإيران وتركيا!
مما لاشكّ فيه أنّه لا توجد حلول سهلة، لكنّ وصول الحكومة السورية إلى تفاهمات شاملة مع الحكومة التركية، في إطار تفاهمات مع واشنطن، حول طبيعة العلاقة مع قسد، يذلل أبرز العقبات أمام تقدّم مسار التسوية السياسية الأمريكية الثنائية، ويشكّل الإطار السياسي السوري الأفضل والأكثر واقعية لإطلاق صيرورة تسوية جديدة، قد تكون الفرصة الأكبر لتوفير شروط “التعافي التدريجي”، وإزالة عواقب الخَيار العسكري الطائفي على صعيد تقاسم السيطرة الجيوسياسية، ويعيد علاقات سوريا الإقليمية إلى الوضع الأكثر قربا من الحالة التي كان عليها في ربيع 2011 .
لن تقتصر على كيفيّة وآليات التعامل مع هذا الكم الكبير من الميليشيات في مناطق السيطرة التركية، إذا افترضنا سلاسة “انسحاب” الميليشيات الإيرانية في تنسيق مع الحكومتين التركية والسورية، وقد يحتاج تسوية أوضاع المقاتلين وقتاً وجهداً كبيرين، يعزّزه إدراك الجميع انّه لا جدوى من مقاومة الخطوات الجديدة، طالما لن يجدوا داعما إقليميا، كما قد يحصل النظام الإيراني على ما يعوّض إنهاء “دور ميليشياته” في سوريا، ولبنان… وغزة، في حصوله على مزايا تطبيع علاقات مع الجميع، و “قنبلة على الرف”، وشرعنة عربية لأدوات سيطرته في العراق واليمن.
على المدى المتوسّط، تبقى الإشكالية الرئيسية التي تُعيق إعادة سيطرة الحكومة المباشرة و الكاملة على الجغرافيا السورية ترتبط بطبيعة دور قسد في سياق خطط وسياسات السيطرة الإقليمية والسورية الأمريكية، وطبيعة رؤية واشنطن لمآلات إعادة تأهيل سلطة النظام، وطبيعة دورها السوري والإقليمي. يبدو انّه، في المدى المنظور، سيتعامل الجميع مع كانتون قسد – إقليم شمال وشرق سوريا الديمقراطي- بحكم الأمر الواقع، إلى أن تصل الأطراف المعنية الثلاث، السورية والتركية والأمريكية، إلى تفاهمات جديدة حول مصيره….وقد لاتصل ، كما تقتضي سياسات السيطرة الأمريكية !!
في نفس الإطار، لا يبدو ثمّة أدوار واضحة و واقعية ومباشرة لطيف “المعارضات السياسية السورية” في الداخل والخارج، على الصعيدين التركي والأوربي، ويبقى دورها مرتهن بإرادة النظام، ومصلحته، بما يثير أكثر من تساؤل:
١-في السياق، إلى أي مدى يمكن أن تنعكس هذه الإجراءات، في حال تمّ تنفيذها بتعاون مع كلّ الأطراف المعنية ، على وضع المهجّرين والنازحين(خاصّة في لبنان!) ، الوضع الاقتصادي المعاشي المتدهورة لملايين السورين في الداخل ، وعلى مشروع إعادة الإعمار، وهي قضايا مترابطة، تؤشّر نتائجها إلى طبيعة التغيير، وتحدد طبيعة مآلاته السياسية؟
٢-في الصيرورة، إلى أيّة درجة يمكن أن تؤثّر الإجراءات والنتائج على طبيعة سلطة النظام ذاتها، سواء على صعيد تعزيز أدوات مركزيتها أو “دمقرطتها”، وتجعل منها خارطة تغيير ديمقراطي؟
إذا كان “المنطق” يقول أنّه من مصلحة جميع الأطراف توفير شروط نجاح خطوات وإجراءات مشروع التسوية المطروحة، سواء على صعيد البنية القانونية الدستورية الاقتصادية، التي توفّر الشروط الآمنة للاستثمار و إعادة الإعمار، وعلى صعيد الشفافية، وتوفير شروط مكافحة حقيقية لآيات ومنظمة الفساد والمتضررين من نتائج تقدّم خطوات التسوية السياسية، تبقى المواجهة الأكثر نجاعة لتحدّي بناء شروط السلام المستدام وجعل خطوات وإجراءات تحقيقها أقل عبئا على كاهل السوريين، ترتبط بدرجة مصداقية وحسن إدارة حكومة النظام، التي ستقود هذه المرحلة، بتعاون وإشراف المنظمات الدولية. قد تكون القضايا الأكثر تعقيدا على مستويات العلاقة بين الشعب والسلطة وعلى صعيد تحديد شكل النظام المطوّر هي ترحيل ملفات حساسة على مستوى “العدالة الانتقالية ” إلى مراحل لاحقة، أو تجاوزها، في ضوء ما سينتج عن سيرورة المرحلة من وقائع جديدة!
يبقى التحدّي الأكبر هو إعادة توحيد إرادة ومواقف وجهود السوريين، العامل الرئيسي في نجاح الجهود، وآليات تحشيدها حول أهداف و خطوات تقدّم سيرورة التسوية، بما يجعل منها مشروع تغيير وطني شامل !
في خلاصة القول، وكي لا تذهب بنا الطموحات الشخصية المحقّة والمشروعة بعيدا، لا أعتقد أنّ هدف ومصلحة القائمين على المشروع تجعل منه “مشروعا وطنيا ديمقراطيّا”، ولن تتجاوز أهدافه تحقيق مصالح أطرافه، التي تتقاطع استراتيجيّا مع هدف منع تحقيق أهداف مشروع وطني سوري، ديمقراطي . هذا ما تؤكّده عوامل السياق التاريخية طيلة القرن الماضي، وكل ما يُرسم ما زال من خلف ظهر السوريين، أصحاب المصلحة المشتركة في الدفع باتجاه صيرورة تعافي وطنية شاملة وعادلة، لكن تبقى جميع الخَيارات افضل من الحالة القائمة، وقد كشفت أحداث المرحلة الأخيرة، الممتدة منذ نهاية 2019، فشل جميع أشكال سلطات الأمر الواقع في تحقيق الحد الأدنى من شروط التهدئة المستدامة وفرص السلام والأمن، ومقوّمات الحياة الكريمة والسيادة الوطنية.
(1)-
إذا كان أساس ما تسعى الولايات المتّحدة لتحقيقه ، ويتوافق مع أهداف مشروع سيطرتها الإقليميّة الشاملة، من خلال “مسارات التطبيع الإقليمي” يقوم على تكامل وتساوق مسارات
تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل وإعادة النظام الإيراني إلى” الحضن الإقليمي” ، في إطار صفقة كبيرة ،تُعطي للدولتين منافع غير مسبوقة في علاقات واشنطن الإقليميّة، وامتيازات اقتصادية تكنولوجية ، وضمانات أمنية استراتيجية ،قد يكون في مقدمتها التعهّد بسحب المليشيات الإيرانية من سوريا ولبنان ، وتأهيل حزب الله لبنانيّا من خلال دمجه في مؤسسات الحكم- أبرز العقبات التي واجهة تطبيع علاقات النظام إقليميّا، بعد تقويض مرتكزاتها العسكرية في غزة ، مقابل الاعتراف بسيطرة النظام الإيراني على العراق ، وتقاسم سيطرته مع السعودية على اليمن ، وامتلاكه مقوّمات تصنيع سلاح نووي -قنبلة على الرف ، يكون قادرا على تصنيعها عندما يحصل على ضوء أخضر أمريكي- فمن الطبيعي أن يحرص الإعلام الأمريكي على تغييب الجزء الوجه الثاني في معادلة التطبيع الإقليمي الأمريكي!
الباحث في شؤون الشرق الأوسط بمركز “ويلسون” في واشنطن ‘”ديفيد أوتاواي”، اعتبر أن الاتفاق يمثل انتصاراً للرئيس الأميركي جو بايدن. وقال، إنّ الأخير “يريد أن يكون الرئيس الأميركي الذي صنع السلام، أخيراً، بين إسرائيل والسعودية، وهو الهدف الأساس طويل الأمد لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لأن ذلك من شأنه أن يجعل قيام تحالف عسكري وسياسي أميركي أوسع مع عديد من دول المنطقة بما فيها السعودية والإمارات وإسرائيل أمراً ممكناً لاحتواء إيران وإنشاء هيكل أمني جديد في الشرق الأوسط ، يحدث فرقاً كبيراً في الصورة الأمنية الشاملة في الشرق الأوسط ضد إيران، لكن رفض إسرائيل قبول الدولة الفلسطينية هو أحد أسباب التأخير إضافة إلى معارضة نتنياهو استعادة حكم السلطة الفلسطينية على غزة وإصراره على تحقيق نصر عسكري وسياسي كامل على حماس، بما في ذلك داخل رفح….”
(2)- بذريعة مواجهة مؤامرة خارجية أمريكية لتقويض محور “المقاومة”( الذي تشكّل قيادته “الثوريّة” المهيمنة في طهران الحامل الرئيسي لمشروع السيطرة الإقليمية الأمريكية)، و دعم حقوق الشعب السوري في الديمقراطية في مواجهة سلطة استبداد،( من قبل تحالف إدارات الولايات المتّحدة -العدو التاريخي لجميع صيرورات ومسارات التغيير الديمقراطي في الإقليم منذ مطلع خمسينات القرن الماضي!
(3)- الحقيقة ، هي أقرب إلى ” خارطة الطريق ” التي أطلقها وسعى إليها مؤتمر “صحنايا” لنخب سورية في المعارضة والنظام، بقيادة نائب الرئيس، السيد فاروق الشرع خلال صيف 2011، وإلى خطّة السلام التي اطلقتها المجموعة العربية ، بدعم تركيا، في خريف 2011- وكان تنفيذها النسبي يشكّل صمام أمان، ويقطع مسارات خيَارات العسكرة والتطييف اللاحقة…وما نتج عنها من عواقب مدمّرة لمقومّات الدولية السورية :
يقول المتيني في إطلالة يوتيوبيّة مثيرة: سمير متيني. Samir Matini
” …اليوم كنّا باجتماع …دعونا الوكالات الدولية… لبعض الأشخاص … كنا عم نسمع… الاجتماع كان بحضور وفود وقيادين سعوديين وإماراتيين وبحرانيين وأردنيين …المهتمين بالشأن السوري …وتمّ وضع نقاط إضافية لبيان عمان… وكان فيه قرارات لدعم النظام السوري بالتالي:
قررت الدول العربية الموافقة على التالي، ودعم النظام بالتالي :
1- فصل حزب البعث عن جميع مؤسسات الدولة، وعلى رأسها وزارة الداخلية والدفاع.
2- إعادة فتح ملف المفاوضات بين سوريا وإسرائيل…وحل مشكلة الجولان مع إسرائيل…سلام وتطبيع كامل.
3-خروج كافة الميليشيات الإيرانية والعراقية واللبنانية….من سوريا …
4-الدخول في مفاوضات مع مسؤولي الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، ومنع حصول اي نزاع عسكري في تلك المناطق، والوصول إلى تفاهمات سياسية …وفق ما يرتئيه السوريون.
5- وقف التجنيد الإجباري.
6- توسيع صلاحيات البلديات …وعدم التدخٍل بشؤونها من قبل المركز.
7-استعادة مدينة حلب وريفها وقراها بالكامل، والسيطرة على كامل الحدود الشمالية الغربية ( وليس الشرقية )، والدخول في عملية الحل السياسي، التي تحددها الأمم المتحدة ، بعد السيطرة على السلاح ، وسيطرة الدولة على كامل المناطق المحتلة في الشمال، والمعابر الحدودية..
والعمل على تعديل الدستور السوري بمشاركة شخصيات وطنية، وإجراء انتخابات برلمانية وبلدية، بمراقبة أممية …الأمم المتحدة والإعلام العربي والدولي. …ومن خلال ورقة التفاهم يحق للرئيس الترشّح لولاية رئيسية واحدة جديدة. وسيتم مناقشة هذه القضايا في قمّة المنامة، 16 الشهر الجاري…”
(4)-
بحسب وصف وزيري الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والسعودي الأمير فيصل بن فرحان فإن الاتفاقيات الخاصة بين الولايات المتحدة والسعودية تقترب من الاكتمال، بل أصبحت قريبة جداً، فما هي هذه الاتفاقات التي تصفها الصحف الأميركية بأنّها “ستغير الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط”، وتعيد تشكيل المشهد السياسي بالمنطقة، وما هي صلاتها وتأثيراتها على علاقات الأطراف الثلاث مع النظام الإيراني ؟
على رغم أن المفاوضات حول اتفاقات التعاون الدفاعي والاستراتيجي والتكنولوجي بين السعودية والولايات المتحدة، التي أشار الوزير أنتوني بلينكن والأمير فيصل بن فرحان إلى قرب إنجازها ، تسبق الحرب في غزة، فقد باتت الآن ممكن بعد نهاية الحرب، وفي ضوء نتائجها على ملف التسوية السياسية الفلسطينية الإسرائيلية والعلاقات الإيرانية الإسرائيلية، بخلاف ما يروّجه الإعلام باعتبار الاتفاقيات أساسية لإنهاء الحرب بين إسرائيل و”حماس”، لما تتضمّنه من حوافز لإسرائيل كي تلغي خططها لاجتياح رفح ، متجاهلين عدم حاجة إسرائيل الفعلية لتنفيذ هذا الاجتياح، لسببين رئيسيين:
أ- مصلحة إسرائيلية استراتيجية بعد إنهاء حكم حماس على غزة ، وإعادتها للسلطة الفلسطينية، بما يساعدها على التهرّب من مستحقات التسوية السياسية وفقا لحل الدولتين.
ب- عدم حاجتها لتكلّف خسائر غزو عسكري مباشر لرفح ، طالما تفرض حصارا شاملا ومحكما، يمكّنها من فرض شروطها على القيادات المحاصرة داخل أنفاق المدينة .
ماذا يتضمن الاتفاق؟
في حين أن المعلومات حول تفاصيل الاتفاق تبدو شحيحة نسبياً، نشرت بعض الصحف الأميركية الخطوط العريضة للاتفاقات، التي يركز أولها بحسب صحيفة “نيويورك تايمز” على توقيع معاهدة دفاع رسمية مشتركة بين البلدين وتسمية السعودية “حليفاً رئيساً”، وهي ضمانة أمنية لم تقدمها الولايات المتحدة قط لدولة أخرى خارج أعضاء الناتو الـ30 إلى جانب كوريا الجنوبية واليابان، ولا حتى لإسرائيل، أقرب حليف لها في الشرق الأوسط، وتتطلب هذه المعاهدة تصديق مجلس الشيوخ عليها الذي يبدو مضموناً الآن من الحزبين إذا تم التطبيع مع إسرائيل.
ويمنح الاتفاق للمملكة العربية السعودية إمكانية الحصول على الأسلحة الأميركية المتقدمة التي كانت محظورة في السابق، فضلاً عن مظلة دفاع جوي أكثر تطوراً ربما تشمل دولاً عدة في المنطقة، وبما يضمن الحماية اللازمة ضد الصواريخ الباليستية دقيقة التوجيه وصواريخ كروز والطائرات المسيرة، الأمر الذي سيعيد تشكيل الشرق الأوسط ومن شأنه أيضاً أن يعزز موقف الولايات المتحدة في المنطقة على حساب إيران والصين وروسيا.
وستتمكن الرياض من تحقيق رغبتها التي طال انتظارها في برنامج نووي مدني، يشمل تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية للأغراض السلمية وتطوير نظام إنتاج الوقود الخاص به….
وبموجب الاتفاق، تستقطب السعودية استثمارات أميركية كبيرة في التكنولوجيا الأكثر تقدماً مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية…