نعيش اليوم في عالمٍ أتاحَ للجميع دون استثناء دخول غِمار العمل الإعلامي من أبواب قضايا خدمية، إغاثية أو إنسانية دون أن يكونَ لهم خبرة أو أدنى معرفة بأساسيات هذا العمل مهنياً و انسانياً ، وهم سيحظون، منذ البداية، بمتابعةٍ لا بأس بها و سيتم التعريف عنهم بلقب: ناشط/ ناشطة -على الرغم من أنَّ كل ما يفعله بعضهم هو التواجد في مظاهراتٍ عدة، وكتابة منشورات تلقى إعجاباً واسعاً- وهو في الحقيقة أساسٌ ضروري في بداية أي نشاط ميداني تحديداً، ولكن، لابد من إدراك حقيقة أنَّ النشاط الإنساني وخوض غمار العمل الصحفي يتطلبان أكثر مما تقوم به هذه الفئة من النشطاء. وهو شأنٌ آخر يمكن الحديث في بالتفصيل في وقتٍ لاحق .
وهؤلاء الناشطون والناشطات ينتظمون ضمن مجموعاتٍ للعمل على قضيةٍ انسانيةٍ ما، فيختص قسمٌ منهم لنشر نشاطِ هذه المجموعة أو بمعنى أدق التسويق لها. ومن هنا تأتي الشعارات الرّنانة، والأفكار المستخرجة من خارج الصندوق لخلق صخبٍ إعلامي وجدل جماهيري، أصبح اليوم مهماً في إعلام منصات الفيسبوك والجرائد الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، ومع وجود ثقافة الـ “ترند” ظهرت ضرورة خلق حالة جدل اللانهائي يتحقق من خلال تناول المواضيع المطروحة بطريقة جذابة وبعيدة عن الواقع أحياناً لصالح تحقيق الترويج المطلوب.
الاعتقال.. كابوسٌ يلاحق الشعب السوري منذ الأزل :
للحديث بشكل واضح أكثر سأتناول واحدة من أكثر المواضيع حساسية في الشأن السوري حالياً، أي قضية المعتقلين في سجون نظام الأسد .
والاعتقال، وسيلة يتبعها نظام الأسد: الأب والابن، منذ سنين طويلة. ولم يطرأ عليه أي تغيير خلال السنوات الماضية عدا تزايد أعداد المعتقلين، أما عن وحشية أساليب التعذيب النفسي، الجسدي و الجنسي، و إخفاء المعتقلين أو حتى تصفيتهم بسريةٍ تامة فهو أمر لا ينمو أبداً لأنه بدأ بذات الوحشية التي هو عليها اليوم، ومازال سجن صيدنايا العسكري، الذي تم بناؤه في العام 1983 بتصميم و خبرات مهندسين من ألمانيا الشرقية، شاهداً حتى اليوم على ذلك التاريخ الأسود، وليس ذلك المسلخ البشري هو الشاهد الوحيد للأسف.
أمَّا بعد اندلاع الثورة السورية في آذار 2011 فقد شن النظام السوري حملة اعتقالاتٍ واسعة طالت جميع فئات الشعب بلا استثناء، بدءً من الأطفال، وصولاً إلى كبارِ السن، وبشكلٍ عشوائيٍ تماماً. بعض المعتقلين اليوم تمَّ اعتقالهم بناءً على انتماءهم لمناطق معينة أو وفقاً لكنياتهم!، وبعضهم اعتقل و أفرج عنه أكثر من مرة، ثمّ اعتقل ثمَّ لم يعد ممكناً معرفة مصيره أبدا. ومما هو جدير بالذكر، أنَّ كل ما سبق ينطبق على فلسطيني سوريا. فقد كان لهم دائماً نصيبٌ من البطش الذي تعرض له السوريين خلال سنوات حكم عائلة الأسد ،، و لم يكونوا استثناءً من الاعتقال و التعذيب و القتل، يقبع اليوم في سجون النظام مئات المعتقلين الفلسطينين من مختلف الأعمار .
و لأنَّ سوريا اليوم -كما كانت دائماً- خارج معادلة حقوق الإنسان، ولا تصلها المنظمات الإنسانية، ولجان تقصي الحقائق، فقد بات من الصعب إلى درجة الاستحالة تشكيل منظمة للمطالبة بالمعتقلين، أو العمل على هذا الملف، بشكل قانوني داخل سوريا فقد نشطت مجموعات إنسانية للعمل بشكل جدي في الخارج، وهم مجموعات من أبناء وبنات الشعب السوري، الذين لجئوا إلى أوروبا ووجدوا هناك أبواباً مفتوحة و أذناً صاغية لنشاطهم الإعلامي والقانوني.
المطالبة بالمعتقلين بين العمل الجاد و الصخب الإعلامي الأجوف:
أمّا فيما يخص العمل على قضية المعتقلين فإنَّ بعض العاملين ضمن تلك المنظمات هم من عائلات المعتقلين و لكن لا يمكن القول أنهم يمثلون جميع عائلات المعتقلين، خاصةً أنّهم يتناولون قضية الاعتقال في معظم منشوراتهم أو لقاءاتهم الصحافية من زاوية واحدة فقط هي أولئك المعتقلون الذين تمّ اعتقالهم على خلفية نشاطهم ضد النّظام!.
التركيز على هذه الفئة تحديداً، خلال الحديث عن قضية المختفين قسرياً في المحافل الدولية، أمرٌ مفهوم من الناحية الإعلامية، فنحن نعلم جيداً أنّه يجب أولاً تسليط الضوء على ديكتاتورية هذا النظام ووحشيته في قمع الأفكار المعاكسة لنهجه، والتأكيد على عدم وجود مناخ صحي للتعبير عن الرأي. لكنّ الأمر بدأ يتجاوز حدود الرغبة في ايصال صورة واضحة عن نوع النظام الذي نواجهه، فقد أصبح واقع الحال مع الوقت أشبه برغبة دائمة في خلق أيقونات ثورية مقدسة ليس للمعتقل فقط بل و عائلته أيضاً.
خلق أيقونات ثورية سواء تمَّ عن وعيٍ بهدف جذب الانتباه، أو عن طريق الصدفة المحضة فقد همَّش بشكل دائم المعتقلين والمعتقلات الذين تمَّ اعتقالهم دون وجود أي نشاط سابق لهم ضد النظام السوري خلال الثورة السورية أو قبلها!. الأمر الذي دعا إحدى السيدات بالتعليق على منشور يذكِّر بواحدة من أبرز معتقلي الرأي في سوريا لتكتب “وابني كمان معتقل وسيم محمد فالوجي”.
عائلات المتعلقون والمعتقلات المغيبة أصواتهم في سوريا و مختلف بلاد اللجوء :
ثغرةٌ أخرى يجب الالتفات لها في عمل هذه المجموعات فهي أيضاً تهمش ضمن نطاق عملها عائلات المعتقلين والمعتقلات الموجودين حتى اليوم في سوريا الذين يمكن أن يكون التواصل معهم صعباً، يمكن أيضاً أن يقابَل بالرفض بسبب خوف تلك العوائل من قبضة النظام الشرس أمنياً لكن هناك عائلات متواجدون في لبنان، الأردن، ومصر، وتركيا. ما يجعل نشاط تلك المجموعات مقتصراً على العائلات المتواجدة اليوم في أوروبا. والمراقب لعمل تلك المجموعات سوف يلاحظ وجود ثلاث أو أربع أو ربما خمس شخصيات ذاع صيتهم بسبب مشاركتهم الدائمة في الفعاليات التي ينظمونها في مدن مثل برلين، هامبورغ، فيينا و غيرها من المدن الأوروبية، لذا سوف تُسمع رواية هذه الشخصيات فقط! ولا يمكن اعتبار حديث تلك الشخصيات لسان حال جميع العائلات. حتى في إطار الإعلان و النشر، لا يمكن اعتماد رواية واحدة، وتقديمها نموذجاً عن مئات بل آلاف القصص بما تتضمنه من تفاصيل ظروف الاعتقال ومعاناة العائلة خلال ذلك، فلكلٍ ظرفٌ مختلفٌ، ولكلِ روايةٍ تفاصيل يستحق أصحابها أن يتم سماعهم بشكلٍ منفرد.
ما هو الهدف الحقيقي من الحديث في قضية المعتقلين والمعتقلات في سجون الأسد!؟
يلاحظ المتابع لمثل هذه النشاطات تركيزاً واضحاً على المعتقلين الذين تمّت تصفيتهم بالفعل -وهو على كل حال شأن يخص كل عائلة و كيف تمّ التأكد من صحة هذا النوع من الأخبار- وتعمل هذه المجموعات وفقاً لشعار “أيها المعتقل نحن صوتك”! وإذاً ليس من المقبول أبداً أن يأتي في حديثهم إلى شخصيات سياسية مؤثرة دولياً، أنّ هذا الاحتمال هو الأكثر وروداً بشكل يوحي أنّ واقع الحال اليوم هو تصفية جميع المعتقلين داخل سجون الأسد، و حيث أنّه لا سبيل لإنقاذ أحد، فمطلبنا الوحيد حالياً هو محاسبة نظام الأسد، أو من نستطيع أن نحاسبه منهم!.
ناهيك عن أنَّ موضوع المحاسبة ذاته يتم التعامل معه بمنطق الترويج الإعلاني أيضاً. فالمحاسبة الحقيقية يجب أن تطال شخصيات فاعلة ومؤثرة في صنع قرار الاعتقال وممارسته ،قبل أن تطال ضابط هنا ونقيب هناك، ولا يمكن اعتبار هذا خطوةً أولى على طريق العدالة، قبل تفكيك المنظومة المخابراتية\ الأمنية من جذورها. وعلى هذا الأساس سوف تقع أخطاء، قد وقعت بالفعل، وهذا هو الفرق الواضح جداً بين العمل القانوني البحت والبهرجة الإعلامية التي تتجاهل تلك الأخطاء، وتركز على تقديم الحدث بما فيه من إشكال و نقتط ضعف على أنه انتصار حقيقي يمكن اعتباره “الخطوة الأولى على طريق العدالة”. لكن هذا حديثٌ منفصلٌ يجب الاحاطة بتفاصيله منفرداً في وقتٍ لاحق.
يمكننا، على كل حال، التأكيد على أنَّ مطلب محاسبة النظام السوري، بجميع أركانه، هو مطلب شعبي، في الحقيقة، لا يقتصر على أهالي المعتقلين. لكن كعائلات معتقلين، الأولوية الأولى التي يجب فرضها في كل حوار مع شخصية سياسية صانعة قرار هي الضغط على النظام السوري للإفراج عن المعتقلين، ثمّ الاعتراف بمن تمت تصفيته منهم وتسليم جثته لعائلته أو تأكيد الوفاة بطريقةٍ أخرى في حال تمّ التخلص من جثته .
في أحد اللقاءات، مع شخصية سياسية أمريكية، بدا في حديث واحدة من سيدات تلك المجموعات و كأنّ الهدف الوحيد اليوم هو الضغط على النظام للاعتراف بقتل المعتقلين فقط، لإحصاء عدد الضحايا بالأرقام وتحويلهم إلى قائمة شهداء تحت التعذيب!. متجاهلةً وجود عدد لابأس به اليوم على قيد الحياة داخل سجون النظام السوري. والمثير للاستغراب، في مثل هذه الحالات المتشابهة، أنّ الصفحات الشخصية لتلك الشخصيات المتحدثة باسم العائلات ومعتقليهم بمعظمها توضح عدم معرفتهم مصير معتقليهم وتؤكد أنهم في انتظارهم. إذاً، يبدو الحديث السابق كما لو أنه جزء من إعلان ترويجي موجه تحديداً لتلك المنظمات العالمية.
المجدُ لكَ يا شهيد!:
قتلُ المعتقل أو المعتقلة في السجن أو وفاته\ وفاتها نتيجة التعذيب هو واقعٌ لا يمكننا نكران حدوثه، ولكن يتم تسليط الضوء عليه أحياناً بطريقة جدليةٍ يصعب تقبلها، كما حدث منذ سنوات عندما تمّ عرض بعض الصور المسربة لمعتقلين قضوا تحت التعذيب في معرضٍ خاص. الأمر الذي يبدو مستهجناً، ولا يمكن اعتباره انسانياً بالكامل!. فهذه الصور تعود لأشخاص حقيقين لديهم عائلاتٌ تكفيهم فاجعة خسارتهم إلى الأبد. وإذا كان لابد من عرض تلك الصور، فالأولى أنْ تعرض على لجنة تقصي حقائق بهدف المحاسبة، لا في معرضٍ فني يقف الزائر أمام كل صورةٍ لدقائق ثم يمضي غير مكترثٍ بمعرفة اسم صاحب الصورة وكيف كانت حياته أو أين وكيف يعيش من تبقى من عائلته اليوم!؟. كل ذلك بهدف كسب تعاطف المنظمات الإنسانية الأوروبية التي باتت تردها تقارير موثقة و دقيقة عن جرائم نظام عائلة الأسد المرتكبة داخل الأقبية و في السراديب السرية !.
لكن تبقى تلك الرواية الأشد قتامةً، وإثارةً للتعاطف، مع المتحدث والغضب من النظام الذي لا يتوانى عن خطف الأرواح البريئة بأبشع الأساليب الممكنة، قد تكون واقع ما يحدث للأسف أحياناً لكن نرفض الحديث عنها كما لو أنها الاحتمال الوحيد وخاصة فيما يتعلق بالاعتقالات التي حدثت بعد الثورة السورية.
إعلامياً يلقى الشهيد تحت التعذيب وأهله من المجد و الإكبار ما لا يلقاه المعتقل مجهول المصير. على الرغم من أنّ التفكير الانساني يفرض وجوب العكس، فالشهيد رغم بشاعة اعتقال حريته ثمّ قسوة الطريقة التي قتل بها فقد انتهت معاناته إلى الأبد، أمّا عائلته فستعاني مرارة فقدانه ولكن لن يؤرقها بعد اليوم تصور أشكال التعذيب الذي مازال يواجهه كل يوم.! في حين أنَّ حالة انتظار قاتلة تترك الأهل في حالةٍ من التخبط بين اليأس وعدم الرغبة في فقدان الأمل بشكل نهائي خوفاً من خذلان ابنهم الذي قد يكون مازال حياً في انتظارهم يحلم هو أيضاً بلقائهم.! هذا ما يتمُ المرور عليه بشكلٍ هامشي في المؤتمرات المهمة، لكن يتمُ الاحتفاء بذكره في الظل حيث الجمهور أكثر فهماً للحال لكن أقل قدرةً على المساعدة !.
من هنا نستطيع أن ندرك حجم المسافة التي تفصل الضجة الإعلامية عن العمل الإنساني المجرد، وهو منحنىً مختلف أشبه بالعمل الدؤوب الفردي الذي بدأت به الممثلة السورية يارا صبري.
يارا صبري : #بدناياهن_بدنا_الكل
مع بداية اندلاع الثورة السورية، حملت الممثلة يارا صبري على عاتقها واجب المطالبة بالمعتقلين والمعتقلات عبر البحث عنهم بسؤال الناجين من الاعتقال من خلال منشورات عامة على صفحتها الشخصية التي تحولت إلى إعلان يوميٍ عن ناجين تبارك لهم بالسلامة، وتسألهم فيما لو شاهدوا معتقلين تردها أسماؤهم من عائلاتهم أو معارفهم. ثمَّ خصصت لهذا النشاط صفحة أخرى حملت اسم #بدنا_المعتقلين_بدنا_الكل.
يارا عملت بشكلٍ جاد منفردةً دون كللٍ أو ملل و بشكلٍ إنسانيٍ مجرد. و ربما كانت هي أول من رفع الصوت في قضية المعتقلين والمعتقلات والمختطفين والمختطفات لدى داعش و غيرها من التنظيمات الإرهابية في سوريا.
نيراز سعيد منَّاد ليس رقماً :
بالعودة للحديث عن العمل التسويقي لتلك المنظمات والمجموعات فهناك مثال شخصي جداً يمكنني الاستشهاد به في هذه النقطة بالذات، وهي قضية عائلتي. عائلة المعتقل نيراز سعيد منَّاد الفلسطيني المعتقل منذ العام 2015، والذي تمّ نشر خبر استشهاده في سجون النظام في تموز\ يوليو 2017 دون أن يكون لنا، نحن عائلته، أي علم بمدى صحة الخبر أو من هو مصدره الرئيسي من منظمات، كتلك التي تحدثت عنها قبل قليل نشرت لاحقاً خبر استشهاده، دون التواصل مع أحد من أفراد عائلته، و مازال يذكر اسم نيراز، حتى اليوم، في جميع قوائم الإعلاميين الشهداء. وقد أُدرجَ اسمه، بالفعل، ضمن قائمة المرصد السوري لحقوق الانسان كشهيد تحت التعذيب بتاريخ 17/7/2017، بعد أسابيع قليلة فقط من تاريخ نشر ذلك الخبر للمرةِ الأولى، على الرغم أننا، باعتبارنا عائلته، لم نعلن عن تبلغنا خبر وفاته من مصدر أي رسمي أو غير رسمي، وعدم معرفتنا، حتى اليوم، مصدر هذا الخبر وكيف تمّ التأكد من صحة تاريخ وفاة نيراز المرفق مع الخبر!.
ظلّ نيراز، لاحقاً، يذكَّر به كواحد من ضحايا الاعتقال الذين قضوا داخل السجون حتى في الوقفات التي تنظمها تلك المجموعات والتي تواصلت مع أحدها لتزويدهم بقصص وأسماء معتقلين تعرفت بعائلاتهم عبر زياراتي رفقة والدتي إلى الشرطة العسكرية بشكل دوري للسؤال عن مصير نيراز، رُفض عرضي ثمَّ سُرِقت بعضُ قصصي التي قمت بتزويدهم بها، ليتمّ نشرها لاحقاً باسم كُتَّاب آخرين.
يجعلني هذا، التَّعامل غير المهني، مع واحدة من عائلات المعتقلين، أقف قليلاً عند حقيقة العمل الذي تتبناه هذه المجموعات وشبيهاتها. قد لا يكون موجّهي الاتهامات دائماً على حق!. لكن بسبب تجربتي الشخصية مع أشخاص عاملين في هذا المجال أجد أنّ بعض الانتقادات التي توجهت لهم سابقاً، ربما كانت في المكان الصحيح، فقد اختبرت التواصل مع أشخاصٍ لم يكن لديهم من الحس المهني، أولاً، ثمّ الإنساني ثانياً ما يكفي لتوجيه سؤال للعائلة عن مصير شخص قبل تبني خبر مؤلم و قاسٍ كخبر تصفيته، ثمَّ نشره على مدار سنوات، ناهيك عن وقاحةِ بعض الصحافيين والنشطاء من خلال تضمين الخبر معلومات غير صحيحة أبداً في مقالات ماتزال موجودة حتى اليوم في مواقع الكترونية عدة مثل وجود شهادة وفاة استلمتها العائلة، وجود ختم متوفي على بيان عائلي مستخرج باسمه، ثم الادعاء أنّ عائلة نيراز استملت بالفعل هويته من مركز الشرطة العسكرية في القابون!.
التلاعب بالحقيقة ليس ذكاءً إعلامياً :
كل ما سبق ذكره يسمى تزويراً و كذباً، وليس ترويجاً، على كل حال، فليس من شروطه المهنية أن يتم ذكر معلومات غير صحيحة عن أي منتجٍ أو شخصٍ أو حدثٍ تقوم بالإعلان عنه. كأن ترفع الصوت في قضية المعتقلين قائلاً “فلان باسمه الثلاثي شهيد تحت التعذيب دعونا ننقذ البقية” وأنت ترى و تسمع يومياً سعي عائلته نحو معرفة حقيقة مصيره! .
يفترض العمل الإنساني شروطاً يجب من خلالها أن تفكر في ما يريد أن يقول أولئك الذين تعمل لأجلهم فيما لو استطاعوا القول، أن تتجاوز بديهيات العمل الربحي، أساسيات التسويق وأساليب استهداف المتلقي وأن تتحدث بلسانهم أولاً ثمّ مع كل ذلك أيضاً لا يمكنك رفع شعار “أنا صوتكم” ومن المعيب الادعاء أنّك تمثلهم..
في الانتظار:
سعيي خلف معرفة مصير نيراز و محاسبة جميع المتورطين في اعتقاله ثم إخفاء، وتزوير أي معلومة تتعلق بمصيره حتى هذا اليوم سعيٌ حثيث يشاركني به مئات الذين لا يمكن الوصول إليهم جميعاً، ولكنهم كثرٌ في سوريا في ظلِ نظامٍ فاسدٍ حتى النخاع مازال يفرز حتى اليوم عينات تمارس نفس الفساد، وكمّ الأفواه، وتشويه الحقائق، وهو ما يجعلنا ندرك أن نضالنا واسع المجال، وطريقه طويل جداً تبدأ خطوته الأولى بخلق صوتٍ حرٍ أولاً يفهم قضايانا، وينقلها بشكلٍ صحيح بعيداً عن أي غاياتٍ أخرى أو اعتبارات شخصية بحتة ..
أرجو الرحمة للشهداء والشهيدات والصبر لقلوب أمهاتهم وأمهاتهن والحرية لجميع المعتقلين والمعتقلات .