ينشر الجرمق للدراسات دراسة للدكتور سالم سرية بعنوان الخديعة الكبرى تناقش التاريخ الذي اختلقته الصهيونية حول التاريخ القديم لإسرائيل. تقوم الدراسة على ثمانية أجزاء سوف يتم نشرها تباعاً على مدار الأسابيع القادمة .
الخديعة الكبرى – الجزء الاول
تتعالى هذه النغمة النشاز أن “العرب ويهود اليوم ابناء عمومة” كلما أراد حاكم عربي أن يتصهين أو يبرر السلام مع العدو الصهيوني سابقاً ولاحقاً .والأدهى من ذلك قيام بعض المفكرين والدعاة بترويج مقولة أن يهود اليوم هم نفسهم اتباع بني اسرائيل الذين ورد ذكرهم في آيات متعددة في القرآن الكريم ليقولوا لنا أنهم فعلاً “شعب الله المختار” مستشهدين بالآية الكريمة “يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ” –صدق الله العظيم .
كل هذا يستدعي القاء الضوء على هذا الخداع التاريخي الذين يريدون من ورائه شرعنة الإحتلال الصهيوني لفلسطين في ظل عباءة دينية وتاريخية طافحة بالتزوير والمغالطات .
إن بني إسرائيل في الإسلام هم شعب من ذرية يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم الذي يسمى أيضا إسرائيل. وقد ذكرت قصص بني إسرائيل وقصص أنبياءهم بالتفصيل في القرآن الكريم في سور البقرة وآل عمران ويونس والمائدة والقصص والنمل ومريم والإسراء والأعراف وطه والصف وص والأنبياء وسبأ والزخرف . وللنبي يعقوب اثنا عشر ولداً ذكراً (من بينهم يوسف) وبنتاً واحدة اسمها دينا، وأولاده يدعون بني إسرائيل. وقد ورد اسم يعقوب 16 مرة في القرآن الكريم .ويعدّ اليهود من نسل أهالي مملكة يهوذا الذين كانوا ينسبون إلى أربعة من بين أسباط بني إسرائيل الإثني عشر: يهوذا، شمعون، بنيامين ولاوي، وافترقوا بعد سبي بابل إلى يهود وإلى سامريين. ومرت الديانة بتطورات كثيرة عبر التاريخ وخاصة بعد انهيار مملكة يهوذا ودمار الهيكل الثاني في القرن ألأول للميلاد [1]، [2].
نشأ اليهود كمجموعة عرقية ودينية في الشرق الأوسط خلال الألفية الثانية قبل الميلاد، في جزء من بلاد الشام ومنذ القرن الثاني للميلاد أخذ اليهود ينتشرون في أنحاء العالم حيث توجد معلومات عن جاليات يهودية في بلدان كثيرة عبر التاريخ، ومنذ منتصف القرن ال20 يتركز اليهود : 6.6 مليون من اليهود يعيشون في (إسرائيل) 5.7 في امريكا وفرنسا فيها( 453 ألف) وكندا (391 ألفا) ، وبريطانيا (290 ألفا). وهناك أقل من 4500 يهودي يعيشون في دول عربية بينهم ألفان في المغرب وألف في تونس وأقل من 500 يعيشون في كل من اليمن وسوريا ومصر. وذكرت أن 8500 يهودي يعيشون في إيران و15 ألف يهودي يعيشون في تركيا.ولفتت الوكالة إلى وجود جاليات يهودية صغيرة للغاية لا يتعدى عدد أفرادها المائة، في نحو 93 دولة.(نقلا عن صحيفة هارتس 11-ايلول2018) .
يقول الأستاذ يوجين بيتار: «إن اليهود يعودون إلى طائفة دينية وهيئة اجتماعية دخلتها عناصر من أجناس متباينة ألصقوا أنفسهم بها وأتى هؤلاء المتهودون من كل السلالات البشرية كفلاشا الحبشة والألمان الجرمانيين والتاميل ــ اليهود السود ــ والهنود والخزر والأتراك». ثم يضيف إلى ذلك قوله: «ومن المستحيل أن نتصور أن اليهود ذوي الشعر الأشقر أو الكستنائي، والعيون الصافية اللون، الذين نلقاهم كثيراً في أوروبا يمتون بصلة القرابة ــ قرابة الدم ــ إلى أولئك (الإسرائيليين) القدماء الذين كانوا يعيشون بجوار الأردن» [3].
ولكن إذا كان اليهود المعاصرون ليسوا أحفاد القبيلة التوراتية، فمن أين أتوا؟!
في العام 1976 ألقى آرثر كوستلر قنبلته الأدبية التي حملت العنوان «القبيلة الثالثة عشرة»، والتي ترجمت إلى لغات عديدة وأثارت موجة من ردود الفعل المتباينة. أوضح فيها أثر الخزر في تكوين اليهود المعاصرين، وخلاصة ما ينتهي إليه أن “غالبية اليهود العصريين ليسوا من أصل فلسطيني بل من أصل قوقازي”.
فقد كانت قبائل الخزر أكبر الكتل المتهودة، فقد اعتنق أهلها الديانة اليهودية في العصور الوسطى، وأقدم معلوماتنا عن انتشار اليهودية في الخزر وصلتنا من الرحالة العربي ابن فضلان، الذي أوفده الخليفة العباسي المقتدر بالله عام 309 ه / 921 م، في بعثة إلى ملك الصقالبة [البلغار]. وتحدث المسعودي مطولاً عن تهوّد ملك الخزر (الخاقان). الذي تم في عهد هارون الرشيد (103 ـ 170 هـ) (686 ـ 809 م)[4].
ومن يستمع الى أحاديث أساتذة التاريخ في جامعة تل ابيب (موجودة على اليوتيوب باللعة الإنجليزية) يلاحظ حدة الحرب الشعواء على يهود الخزر في محاولة لنفيها رغم وجود عشرات الوثائق تاريخيه (عربية وعبرية وسريانية وبيزنطية) الواردة في المصادر [1,2,3,4] والتي استندت إليها في هذا المقال وهي متوفرة على الانترنت لمن يبغي مزيد من الاضطلاع. كما لا يفوتني ان أذكر أستاذ التاريخ في جامعة تل ابيب شلومو زاند الذي تخلى عن اليهودية فيما بعد واصدر كتابين [5] و [6] يفضح فيها الأكاذيب التاريخية الصهيونية بأحقيتهم في فلسطين.
(وليس من المتصور بعد نحوالفي سنة من التشتت والاختلاط لا سيما اذا تذكرنا أن كل قوة يهود الشتات حين خرجت من فلسطين بعد هدم الهيكل الثاني لم تزد عن 40 ألفاً وهذا الرقم وحده يكفي ليوحي رغم كل قيود العزل والإضطهاد بان يهود الشتات الأصلاء قد انصهروا و ذابوا وضاعوا في محيط المهجر كقطرة في بحر وأن يهود العالم اليوم في سوادهم الأعظم هم أجانب متحولون أكثر منهم يهودا متجولين .
ماذا يتبقى فيهم اذن من بني اسرائيل التوراة او من بين توراة بني اسرائيل ؟
إن من يعد من نسل بني اسرائيل ليس الا فئة ضئيلة جداً إلى أقصى حد .وتؤكد دراسة حديثة لعالم الاجناس البريطاني جيمس فنتون إلى أن 95% من يهود اليوم لا صلة لهم ببني إسرائيل وإنما هم أجانب متحولون أو مختلطون. إن يهود اليوم هم أقارب الاوروبيين .[7]
لذا علينا كفلسطينيين وكعرب أن ندرك لماذا استبدل الصهاينه اسم فلسطين باسم اسرائيل وندرك أيضا سببية الإستحواذ على قبر سيدنا ابراهيم في الخليل وسر تهويد الخليل وتهويد القدس لتقول اسرائيل للعالم بأن فلسطين هي موطن اليهود وأن لهم الحق التاريخي والديني فيها .ويبقى علم الأنثروبولوجي -علم الأجناس – كفيل بدحض الأكاذيب وصلة القرابة بينهم وبين العرب .
ونتابع في الجزء الثاني الجذور التاريخيه ليهود اليوم والله غالب على أمره.
الهوامش :
-1مملكة الخزر اليهودية وعلاقتها بالمسلمين والبيزنطيين تأليف د.محمد عبدالشافي المغربي (2002)و(الخزر لا بنو اسرائيل-جامعة النجاح-غسان عاطف بدران)
-2 يهود الخزر –د.م.دنلوب ترجمة د.سهيل زكار – 1990-ط2
-3انثروبولوجيا اليهود د.جمال حمدان 1996-دار الهلال
-4أحقاً اليهود أبناء عمومة -احمد الدبش- موقع الصفصاف
-5اختراع ارض اسرائيل -د.شلومو زاند-2013 المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار (رام الله)
6-اختراع الشعب اليهودي’ د.شلومو زاند- 2008المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار (رام الله)
-7التلفيق الصهيوني واغتيال التاريخ- نزيه شوقي- موقع اتحاد الكتّاب العرب
بارك الله فيك لكشف اللثام عن هذه الحقيقة التاريخية فهم بالاساس يعرفونها جيدا فاستغلوا االاسم كغطاء للاحتلال وتقسيم المنطقة على اساس طائفي