أعلنت إدارة مكافحة المخدرات في المملكة العربية السعودية، يوم الجمعة الفائت (23 نيسان\ أبريل 2021) عن إحباطها محاولة تهريب 2,466,563 قرص إمفيتامين المخدّر، كانت مخفيّة داخل شحنة رمّان قادمة من لبنان، وقامت السلطات السعودية على الفور باتخاذ قرار منع دخول الخضراوات والفواكه اللبنانية إلى أراضيها أو عبرها، اعتباراً من الأحد القام الثاني من أيار \ مايو 2021. وفق بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية “واس”. وقالت وزارة الداخلية السعودية إن القرار جاء ” انطلاقاً من التزامات المملكة وفقاً للأنظمة الداخلية وأحكام الاتفاقيات الدولية في شأن محاربة تهريب المخدرات بجميع أشكالها”.. وأضاف البيان، أن الجهات المعنية في المملكة ” لاحظت تزايد استهدافها من قبل مهربي المخدرات التي مصدرها الجمهورية اللبنانية.. وتستخدم المنتجات اللبنانية لتهريب المخدرات إلى أراضي المملكة” وقبل نحو عام، كشفت تقارير متنوعة تناقلتها وسائل الإعلام اللبنانية، وبعض مواقع التواصل الاجتماعي، قبل عدة أشهر، عن إحباط قوى الأمن اللبناني يوم 20 نيسان \ ابريل 2020 عملية تهريب نحو 25 طنّاً من “حشيشة الكيف” كانت متوجهة من ميناء بيروت نحو بلد إفريقي “لم يتم تسميته”. وشدّدت التقارير بقولها أن ثمة شكوك كبيرة تحوم حول ضلوع حزب الله في هذه العملية، والتي لا تعدّ الأولى له -وأن كانت الأكبر حتى الآن- فقبل ذلك بنحو عام ( آب\ أغسطس 2019) رفع النظام السوري الغطاء، جزئياً، عن أن أنشطة الحزب، فيما يتصل بتهريب الحشيش، حين اعتُقل اللواء رائد خزام رئيس إدارة مكافحة المخدرات وعدد من الضباط والعناصر في الإدارة بتهمة تلقي رشىً والاتجار بالمخدرات، بعد أن كثر الحديث في وسائل الإعلام الموالية، دون أن تأكيد رسمي، عن ضبط الإدارة، عمليات زرع وتهريب الحشيش في مدينة القصير التي يسيطر عليها الحزب منذ العام 2013، وهي المدينة التي يعتبرها الحزب خياراً استراتيجياً له، أكثر منها موقعاً عسكرياً، ولم يأت هذا الخيار بمحض الصدفة على كل حال، فقد تحولت البلدة مركز عمالة لزراعة الحشيش على مساحة تزيد عن 100 كم2 (يذكر أن الحزب منع سكان البلدة من العودة إليها وأجبروا على البقاء في مخيمات عرسال)، بالإضافة إلى تحويل مساحات واسعة من الأراضي “السورية” في قرى “المصرية والحوز وربلة وعرجون والنزارية وجوسية والموح” إلى حقول لزراعة الحشيش بإشراف أمني صارم بحيث يُمنع على العاملين استخدام الهواتف المحمولة، كما تقوم حواجز الحزب و”ونقاطه” العسكرية في تسهيل إنتاج ونقل الحشيش ومن ثم بيعه تحت إشراف قيادة الحزب(1). وكان حزب الله قد فرض نفسه كلاعب أساسي في سوق المخدرات ضمن عقلية مافيوية استحوذت على أنشطة تجارة المخدرات تحت إشراف عماد مغنيّة، أحد أهم رجال القيادة الداخلية الضيقة للحزب(2)، والمسؤول الأول عن جناح الحزب العسكري(3)،والذي تتهمه الولايات المتحدة بقتل أكبر عدد من الأمريكيين في العالم قبل أحداث 11 سبتمبر، كما يشتبه بمسؤوليته عن الهجوم على مشاة البحرية الأمريكية “المارينز” في بيروت في العام 1983، وهو الهجوم الي أسفر عن مقتل 241 جندياً أمريكياً، كما يعتقد ضلوعه بتنفيذ تفجر السفارة الأمريكية في بيروت حيث قُتل 63 شخصاً، وغيرها من الهجمات ضد المالح الأمريكية في المنطقة(4). فضلاً عن اتهامه باختطاف الطائرة تي دبليو إيه 847 وغيرها من الأنشطة التي أدت، في نهاية المطاف، إلى انسحاب قوات حفظ السلام الأمريكية من لبنان. ويذكر أنه بتاريخ 12 شباط- فبراير من العام 2008 فجّرت وكالة المخابرات المركزية بالتعاون مع جهاز الموساد الإسرائيلي سيارة مغنية أثناء مغادرته مهرجاناً احتفالياً بمناسبة الذكرى التاسعة والعشرين للثورة الإيرانية، مما أدى الانفجار إلى قتله على الفور. ولكن اغتال مغنيّة لم يسفر عن توقف أنشطة حزب الله المختلفة، فقد كشفت عمليات التنصت على هواتف بعض عناصر الحزب عن تواصل أنشطة الحزب عبر رجل أعمال لبناني يدعى أدهم طباجة والذي كان شريكاً تجارياً لإحدى الشخصيات الرئيسية المرتبطة بحزب الله و بأنشطته التجارة(5).
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال ستريت جورنال قد كشفت (21 \ 12 \ 2017) ما أطلقت عليه، تغاضي الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما عن فتح تحقيق بخصوص أنشطة الحزب المتعلقة بتجارة المخدرات وغسيل الأموال. وفسرت الصحيفة أن السبب الحقيقي في ذلك ربما يعود لرغبة الرئيس في تمرير “صفقة” الاتفاق النووي الإيراني. واستندت الصحيفة في مقالها إلى التحقيق الموثق والشامل الذي أجرته صحيفة “بوليتيكو”(6) حول أسباب قيام الإدارة الأمريكية، آنذاك، بإلغاء تحقيقات إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية(7) عن شبكات الجريمة العابرة للحدود في إطار ما تم الكشف عنه ضمن “مشروع كاسندرا”(8) الذي ساعد الإدارة منذ العام 2008 على جمع أدلة تكشف عن تورط الحزب عبر شبكاته الخارجية في تجارة المخدرات والسلاح وتبييض الأموال وغيرها من الأنشطة غير الشرعية الأخرى واستخدام الأموال الناتجة ( تتجاوز المليار دولار) في تمويل مشاركته في الحرب الدائرة في سوريا.
وعلى مدار ثمان سنوات، قام عملاء إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية بعمليات تعقب وتنصت على المكالمات الهاتفية والعمليات السرية الأخرى ومتابعة المخبرين -بالتعاون مع أكثر من 30 وكالة أمنية أمريكية وأجنبية من سبع دول من بينها فرنسا وبلجيكا وألمانيا وإيطاليا-
بما في ذلك ايضاً، زرع عملاء سريين لرصد عناصر شبكات الحزب ومتابعة شحنات الكوكائين القادمة من عدة دول في أمريكا اللاتينية باتجاه أوروبا والشرق الأوسط عبر غرب أفريقيا، وبعضها الآخر باتجاه الولايات المتحدة عبر فنزويلا والمكسيك، بالإضافة إلى عمليات تعقب لتدفق السيولات النقدية الناجمة عن هذه العمليات ومسارات “غسيلها” من خلال تكتيكات أخرى مثل شراء السيارات الأمريكية لمستعملة وشحنها إلى أفريقيا والشرق الأوسط، ومن خلال استجواب بعض الشهود الرئيسيين ،المتعاونين مع الإدارة، تم التوصل إلى أن هذه الشبكة تتبع الدائرة الداخلية الضيقة لحزب الله ورعاته في إيران.
أدت سلسلة تحقيقات لإدارة مكافحة المخدرات الأمريكية في شباط-فبراير 2015 ،استناداً إلى تقارير لأجهزة أمنية أوروبية وأمريكية إلى الكشف عن تحويلات مالية ضخمة إلى كولومبيا عن طريق “البنك اللبناني الكندي”، عبر لبنان، لأفراد وشركات لهم صلات بالحزب، وكانت تحقيقات أمريكية سابقة قد ربطت بين هذا البنك وعقد صفقات مالية لصالح الحزب، حين ألقت الشرطة الإكوادورية في حزيران-يونيو 2005. القبض على شبكة تهريب مخدرات يتزعمها اللبناني راضي زعيتر الذي كان يدير مطعماً في العاصمة كيوتو. ووفقاً للسطات الإكوادورية، كان زعيتر يموّل حزب الله بحوالي 70٪ من أرباحه من تجارة المخدرات ( تشكّل مداخيل الحزب من تهريب المخدرات وتصنيعها وبيعها حوالي 30% وذلك وفقاً للجنة المال في مجلس النواب الأمريكي). علماً أن الحزب يتبع تكتيكات مختلفة للحصول على الأموال، عبر تجنيده لمجموعات كاملة لنقل المال “غير النظيف”، إلى بيروت، الناتج عن بيع السيارات القديمة في غرب أفريقيا من خلال حسابات مصرفية آمنة وبواسطة حوالي 300 متعامل يتلقى كل واحد منهم حوال 4 ملايين دولار أمريكي (تشير التفاصيل إلى مسؤولية المدعو أيمن سعيد جمعة “جونيور” المقيم في مدلين- كولومبيا عن تبييض حوالي 200 مليون دولار شهرياً بمساعدة تجار السيارات(9) )،وأظهرت صور الأقمار الصناعية الأعداد الهائلة للسيارات الأمريكية بالقرب من ميناء كوتونو في دولة بينين في غرب أفريقيا والتي ازداد عددها بمقدار الضعف خلال اقل من ثلاث سنوات ( من كانون أول-ديسمبر 2011 حتى متصف العام 2014(10) ) وتوثق هذه المعلومات والبيانات، بطريقة لا تقبل الشك، عمليات غسيل أموال عائدات المخدرات التي تقوم بها شبكة الحزب. ومن الجدر ذكره أن أيمن جمعة “جونيور” هذا كان مسؤولاً عن تهريب 85 طن من الكوكائين إلى الولايات المتحدة(11) بالتعاون مع الكارتل المكسيكي المعروف باسم لوس زيتاس(12)، وبعض الموردين من كولومبيا وفنزويلا، بالإضافة إلى تورطه في تبييض نحو 850 دولار عائدات المخدرات في الولايات المتحدة ولبنان وبنين وبنما وكولومبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية(13) وتظهر وثيقة مؤرخة في الخامس عشر من كانون أول-ديسمبر 2011 ارتباط حزب الله عبر شبكة تتكون من البنك اللبناني الكندي ومراكز صرافة وعملاء بيع وشراء السيارات المستعملة بمخطط غسيل أموال بقيمة تصل إلى نحو نصف مليار دولار أمريكي (14).
تم الكشف عن هذه المعلومات من خلال عملية استخبارات مشتركة بين الموساد الإسرائيلي وإدارة مكافحة المخدرات الأمريكية انطلاقاً من بيروت استهدفت البنك اللبناني الكندي حيث تمكنت من اختراق أنظمة العمل الداخلية للبنك وحساباته وأصوله البالغة حوالي 5 مليارات دولار، وبهذه الطريقة تم رسم شبكة تدفقات المصرف المالية الناتجة عن الأعمال التجارية، وجمع ما يكفي من الأدلة التجارية حول نشاطات البنك و شبكة أيمن جمعة لتبييض أموال “عائدات مبيعات المخدرات” عبر البنك والعديد من مكاتب الصرافة، ورغم رفع دعوى مدنية ضد المصرف(15) وتجميد 102 مليون دولار من حساباته بتهمة تسهيل معاملات حزب الله المالية(16) ، إلا أن وزارة العدل تصدر قراراً بشأنه، مما أثار غضب فريق عمل مشروع كاسندرا الذين حذروا من أن سلوك وزارة العدل هذا سوف يكون له عواقب بعيدة المدى للحد من أنشطة الحزب التي قد تهدد الأمن القومي الأمريكي.
عند هذه المرحلة المتقدمة من التحقيقات، وضعت إدارة الرئيس أوباما سلسلة من العقبات في طريق عمل فريق مشروع كاسندرا، وتقول مجلة بوليتيكو -بعد الاطلاع على آراء العديد ممن شاركوا في الحملة الأمنية، وبعد مراجعة أقوالهم مع الوثائق وسجلات المحكمة- أن السبب يعود إل رغبة البيت الأبيض في التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، حيث أكّد هؤلاء قيام وزارتي العدل والخزانة بإعاقة أو تجاهل طلبات كانوا قد تقدموا بها للحصول على موافقة الحكومة للقيام ببعض التحقيقات والملاحقات القضائية والاعتقالات، أو فرض العقوبات المالية الهامة، وقد رفضت وزارة العدل -على سبيل المثال- توجيه اتهامات لبعض المشتبه بهم أو السماح لأعضاء الفريق في التحقيق مع البعض الآخر، مثل عبد الله صفي الدين -ابن خالة حسن نصر الله- مبعوث حزب الله لدى إيران وأحد المتورطين الرئيسيين في شبكة الحزب والذي يعتقد أنه كان مشرفاً على “كيان تجاري” للحزب يتبع المجموعة المتورطة في تهريب
المخدرات على الصعيد العالمي(17)، أو توجيه تهم مشابهة للبنك اللبناني الكندي المشارك في غسيل الأموال، بالإضافة إلى عدد من عناصر فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني الموجودين في أمريكا. كما رفضت وزارة الخارجية الأمريكية العمل على استدراج بعض الشخصيات الهامة إلى بلدان يسهل القبض عليهم. ويرى بعض أعضاء فريق عمل مشروع كاسندرا إن مسؤولين في إدارة الرئيس أوباما عرقلوا أو أعاقوا جهودهم الرامية إلى ملاحقة كبار أعضاء الحزب بما فيهم “الشبح”، رغم صدور لوائح اتهام أمريكية بحقهم من سنين. ويعد “الشبح” أحد أكثر الأشخاص غموضاً في شبكة عملاء حزب المرتبطين بعبدالله صفي الدين ، وهو متهم من الولايات المتحدة بإدخاله عدة أطنان من الكوكائين إلى الأراضي الأمريكية، وتعتبره الولايات المتحدة الأمريكية أحد أكبر تجار المخدرات في العالم، والمورّد الرئيسي لشحنات الأسلحة التقليدية والكيماوية التي استخدمها بشار الأسد ضد السوريين(18)، ولعل السبب في عدم ملاحقة هؤلاء يعود إلى خشية أوباما المزعومة من زعزعة الاستقرار المالي اللبناني(19)، وهو ما دفع دافيد آشر، الخبير في قضايا التمويل غير المشروع والعضو المنتدب من البنتاغون للإشراف على فريق عمل مشروع كاسندرا، إلى وصف مثل هذه القرارات، المعطلة لعمل فريقه، بأنها “قرارات سياسيّة” تدعمها الإدارة في واشنطن والتي كان من شأنها أن تقضي على جهودهم في مواصلة التحقيقات للكشف عن المزيد من الأعمال المشبوهة لحزب الله وللشبكات الخارجية المرتبطة به: “لقد قاموا بتفتيت جهودنا رغم أننا تلقينا، في البداية الدعم والتمويل اللازمين. لقد أتت هذه القرارات من الأعلى”(20).
وكان دافيد آشر قد ألمح إلى التحقيقات التي كان يجريها الجيش الأمريكي في العراق، عن دور إيران في تمويل وتسليح الميليشيات الشيعية هناك من خلال تزويدهم بعبوات ناسفة عالية التقنية تعرف باسم ” المتفجرات الخارقة للدروع”، والتي أدت إلى مقتل العديد من الجنود الأمريكيين، وعن صلة هذا بصفي الدين وعمليات التهريب في كولومبيا التي بدى حزب الله كمركز لجميع هذه المسارات المشبوهة في نشاطه وتعاونه مع العملاء الإيرانيين والجاليات اللبنانية للعمل في السوق السوداء وفتح طرق تهريب عبر واجهات متعددة (مثل بيع الدجاج المجمد والمواد الإلكترونية) ومن ثم نقل الأسلحة وتبييض الأموال وشراء أجزاء من برنامج السلاح النووي الإيراني السري.. منذ استلام إدارة أوباما في ولايته الأولى، منعت وزارة الخارجية فرقة عمل مشتركة لمكافحة الإرهاب بقيادة مكتب التحقيقات الفيدرالي من استدراج شاهد عيان رئيسي، من بيروت إلى فيلادلفيا، ليشهد ضد صفي الدين وغيره من عناصر الحزب المتورطين في مخطط شراء أسلحة ( 1200 بندقية من طراز M4 ) ولم تقدم وزارة الخارجية تبريراً لهذا الموقف.
لا يبدو استنتاج دافيد آشر بعيداً عن الواقع، لاسيما إذا علمنا أن الرئيس أوباما كان قد وعد في حملته الانتخابية بتحسين العلاقات مع إيران واتابع نهج جديد في التعامل مع العالم الإسلامي، منتقداً عدم نجاح حملة سلفه، جورج بوس الابن، المتمثلة في الضغط على إيران، من أجل وقف نشاطها النووي السري، ولذلك سوف يختار، الرئيس أوباما، نهجاً مغايراً يتمثل في الحوار مع ظهران بهدف التوصل إلى اتفاق معها بخصوص برنامجها النووي. وكان هذا ما عبّر عنه لدقة جون برينان:” إن الرئيس القادم يمتلك الفرصة لوضع مسار جديد للعلاقات بين الأطراف، ليس من خلال الحوار المباشر فحسب، بل أيضاً من خلال دمج حزب الله في النظام السياسي اللبناني”(21)، وأن الولايات المتحدة سوف تعمل على تقوية العناصر المعتدلة في الحزب، وشدد برينان، بحسب تقرير لوكالة رويترز في مؤتمر عقده في واشنطن سنة 2010، بأن حزب الله “منظمة جديرة بالاهتمام والمتابعة”، لافتاً النظر إلى تطور الحزب من “منظمة إرهابية” إلى “ميليشيا” وأخيراً إلى “حزب سياسي له ممثلين في البرلمان اللبناني وفي الحكومة”(22)، دون أن ننسى “بعض” العناصر التي تثير القلق الأمريكي، غير أن ما يهم الآن هو تقليص مدى تأثير مثل هذه العناصر من خلال العمل على تقوية العناصر المعتدلة داخل الحزب من أجل دمجه، أي الحزب، في عمليّة سياسيّة أكبر تشمل المنطقة بأسرها.
يذكر أن برينان هذا، عيّنه أوباما مسؤولاً، في البيت الأبيض، عن مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض، قبل أن يصبح مديراً لوكالة الاستخبارات المركزية ” سي آي إيه” في العام 2013.
ورغم إنكار العديد من المسؤولين السابقين في إدارة أوباما(23)، ما ورد في تقرير صحيفة “بوليتيكو”، إلّا أن هذه الأخيرة قدّمت رواية متماسكة، حول ما يعتقد أنها أدلّة دامغة تثبت تورط الإدارة الأمريكية في وقف تلك التحقيقات، فيما يدلّ على أنها القصة الكاملة للطريقة التي “تمكّن فيها حزب الله من لإفلات من العقاب”، كبادرة حسن نيّة من إدارة الرئيس أوباما(24) من أجل تمرير الاتفاق النووي الإيراني، الذي كانت ترغب الولايات المتحدة، بشدّة، في الوصول إليه، بأي شكل أو ثمن، على حد قول صحيفة بوليتيكو، التي نسجت روايتها هذه على تعميم يفترض وجود تعاون مطّرد بين عصابات المخدرات (من بينها عصابة لوس زيتاس المكسيكية، وحركة فارك الكولومبية، وعصابة بريميرو كوماندو دي لا كابيتال البرازيلية وكارتل أوفيسينا دي إنفيغادو الكولومبي) وشبكات “الإرهاب الإسلامي”-وحزب الله أحدها-, ويستند هذا التعاون على دعم – علني أحياناً ومضمر أحيان أخرى- من النخب السياسيّة الفاسدة، بما يساهم في ازدياد مخاطر الإرهاب العالمي، والانفلات الأمني، وانهيار الأنظمة في دول أمريكا اللاتينية، وهذا ما ساهم، بدوره، أيضاً في زيادة حجم تجارة المخدرات، سواء في أمريكا اللاتينية، أو باتجاه الولايات المتحدة ذاتها، على يد حزب الله” أحد اشد أذرع إيران فتكاً”(25). حيث يمتلك الحزب علاقات موثقة على امتداد سلسة توريد المخدرات، فضلاً عن عمليات غسيل الأموال التي يتمكن، الحزب، من خلالها نقل عائداته إلى الشرق الأوسط وانتقاله من مرحلة جمع “الخوّات” والأموال من تجارة المخدرات في المناطق الخاضعة لسيطرته في جنوب لبنان، كما كان عليه الحال في ثمانينيات القرن الماضي، إلى مرحلة توظيف عوائده الضخمة لإعادة بناء ترسانته العسكرية في جنوب لبنان، والتي تضررت بصورة كبيرة، بعد حرب تموز\ يوليو 2006، بالإضافة إلى تمويل عملياته العسكرية في المنطقة ( لاسيما نشاطه الواسع في سوريا حالياً) وتحالفه الوثيق مع إيران وروسيا ونظام الأسد، وسيطرته على مساحات واسعة من الأراضي التي انتزعها من المعارضة المسلحة السورية، لاسيما في القصير والقلمون والزبداني، التي باتت ميداناً رحباً لأنشطته في زراعة الحشيش وتسويق المخدرات حتى صار يوصف بأنه أكبر تاجر “كابتاغون” في المنطقة. ولعل انشغال الولايات المتحدة، في السنوات التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر وتركيزها على “محاربة الإرهاب”، هو الذي دفع حزب الله وإيران العمل على إنشاء تحالفات مع الحكومات الحليفة لهما على طول “ممر الكوكائين” من أطراف أمريكا الجنوبية، في بوليفيا وباراغواي وكولومبيا وفنزويلا(26) وصولاً إلى المكسيك لتحويل هذه البضاعة، فيما بعد، نحو الولايات المتحدة.
هل كان يتعين على الإدارة الأمريكية أن توكل مهمة ملاحقو أنشطة الحزب “غير الشرعية” إلى وكالة الاستخبارات المركزية فقط؟ أم كان ينبغي أن تشترك جميع، أو معظم، أو بعض، الأجهزة التابعة لوزارات العدل والخارجية والدفاع والخزانة؟.
ألا يتعارض هذا التداخل مع أولويات عمل جهاز على حدة؟
يرفض العديد من المسؤولين السابقين في إدارة الرئيس أوباما التعليق على هذه الحالات الفردية، لكنهم كانوا يشيرون، مثلاً، إلى إدانة وزارة الخارجية للقرار التشيكي بعدم تسليم فياض. وقال العديد منهم، الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، إنهم يستشعرون وجود أهدافاً سياسيةً أوسع من وراء ذلك، بما يعني تخفيف حدّة الصراع مع إيران، والحد من برنامجها النووي، وإطلاق سراح ما لا يقل عن أربعة سجناء أمريكيين تحتجزهم طهران، وأن بعض جهود إنفاذ القانون كانت مقيدة، بلاشك، بسبب هذه المخاوف. لكنهم نفوا إلغاء، أو عرقلة أي عمل ضد حزب الله، أو حلفائه الإيرانيين، لأسباب سياسيّة، فقد صرّح كيفن لويس- المتحدث باسم الرئيس أوباما، والذي عمل في البيت الأبيض ووزارة العدل- بأن الإجراءات ضد الحزب كانت تتبع نمطاً ثابتاً “سواء من خلال العقوبات الصارمة، أو إجراءات تطبيق اللوائح القانونيةـ قبل وبعد الاتفاق مع إيران”. وقدّم لويس قائمة من ثمانية اعتقالات ومحاكمات كدليل على جديّة إدارة أوباما في ملاحقة عناصر الحزب. كما أشار، بشكل خاص، إلى العملية التي حدثت في شباط\ فبراير 2016 حين ألقت السلطات الأوروبية، بالتعاون مع إدارة مكافحة المخدرات والجمارك الأمريكية، القبض على عدد من المشتبه بارتباطهم بالحزب في فرنسا والدول المجاورة، بتهمة استخدام أموال تهريب المخدرات لشراء أسلحة لاستخدامها في سوريا.
إلّا عدد من العاملين في إدارة الرئيس أوباما، أكّدوا مزاعم فريق عمل مشروع كاسندرا لجهة تورط الإدارة الأمريكية في وقف التحقيقات. مثل موقف كاثرين بور، والتي كانت تعمل في مكتب تمويل مراقبة الإرهاب في وزارة الخزانة الأمريكية في عهد الرئيس أوباما، وكانت أحد المستشارين السياسيين في الشؤون الإيرانية، قبل أن تغادر منصبها في أواخر العام 2005 . فقد اعترفت كاثرين بور في شهادتها المكتوبة أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي في السادس عشر من شباط\ فبراير 2016 بأنه ” في ظل إدارة أوباما.. تم إخفاء هذه التحقيقات [ المتعلقة بأنشطة حزب الله] خوفاً من أن تتسبب، أي التحقيقات، بتخريب العلاقات مع إيران، وتخلق انطباعاً مزعجاً من أي نوع لدى المسؤولين الإيرانيين، وبالتالي، تعريض مشروع الاتفاق النووي الإيراني للخطر(27) ، لذا، لم يتم ملاحقة عناصر الحزب أو اعتقالهم أو تقديم لوائح اتهام ضدهم أو إعلان عقوبات من قبل وزارة الخزانة، وهو الأمر لو نُفذّ كان سيحول دون وصولهم إلى الأسواق المالية الأمريكية، فضلاً عن عدم تقديم مذكرات قبض بحق الموقوفين في فرنسا وكولومبيا وليتوانيان أو توجيه تهم إليهم، في الولايات المتحدة”(28). وكان دافيد آشر قد ذكر، على سبيل المثال، إن مسؤولي إدارة أوباما عبّروا عن قلقهم بشأن إثارة مخاوف طهران قبل وأثناء وبعد مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني. وقال إن هذا كان جزءً من محاولة “تحييد، وتقويض ووقف تمويل التحقيقات المتعلقة بإيران وحزب الله”.. “وكلّما اقتربنا من [الصفقة الإيرانية] أكثر، كلّما قلّت النشاطات الأخرى أكثر”، مثل أنشطة العمليات الخاصة، كالمداهمة والملاحقات الأمنية أو إنفاذ القانون، أو توقيع عقوبات مالية من وزارة الخزانة الأمريكية.
ويبدو أن رغبة الإدارة في البحث عن دور للحزب في الشرق الأوسط أتى مكمّلاً لسعيها نحو فتح آفاق حوار مع طهران. وهو ما يفسّر -عملياً- تصوّر الإدارة لدورٍ جديدٍ للحزب في المنطقة، إلى جانب رغبتها في التوصل إلى تسوية عن طريق المفاوضات لوقف البرنامج النووي الإيراني، وهو ما قد يترجم لاحقاً إلى إحجام الإدارة عن القيام بأي تحرك قوي ضد ناشطي الحزب بحسب ما يقتضيه فريق عمل مشروع كاسندرا، وعلى الرغم من أن مسؤولي إدارة أوباما أقرّوا بأنهم كانوا يعملون على تحقيق أهداف سياسيّة أوسع و بأن بعض جهود إنفاذ القانون كانت، بلاشك، مقيّدة بسبب المخاوف من تأثيراتها السلبية على المسار التفاوضي مع طهران، إلّا أنهم أنكروا إعاقتهم أية إجراءات ضد الحزب أو حلفائه الإيرانيين لأسباب سياسيّة. بل أن أحد المسؤولين الكبار في مجلس الأمن القومي، والذي لعب دوراً في المفاوضات النووية الإيرانية، زعم أن موقف فريق عمل مشروع كاسندرا، من إدارة أوباما، إنما ناجم عن منطق تكهني ليس إلّا، وذلك حين يفترضون أن وقف عملهم أو حجبه يعود لاعتبارات سياسيّة، فثمة عوامل أخرى يمكنها أن تلعب دوراً هنا، بما في ذلك، عدم وجود أدلّة أو مخاوف يشأن التدخل في عمليّات الاستخبارات، على حدّ قوله.
غير أن هذا لم يمنع فريق عمل مشروع كاسندرا من الزعم برفض إدارة أوباما اعتبار حزب الله “منظمة إجرامية عابرة للحدود، وقيام هذا الإدارة بعرقلة المبادرات الاستراتيجية الأخرى التي كان من شأنها أن تمنح فريق العمل أمولاً وأدواتاً قانونيةً إضافية، وقوى عامل لمكافحة الحزب. وكذلك رفضها للطلبات المتكررة بتوجيه الاتهامات للجناح العسكر للحزب وفقاً للقوانين الفيديراليّة، وامتناع الإدارة، أيضاً، عن تقدم طلب لدولة التشيك(29) تسليمها تاجر السلاح الأوكراني علي فياض(30)، المستشار لدى وزارة الدفاع الأوكرانية والموظف الرفيع في شركة تصدير الأسلحة أوكريسبيك إكسبورت المملكة للدولة(31)، والمشتبه بانتمائه للحزب وأحد الناشطين في منطقة الحدود الثلاثة(32), بالإضافة إلى الإشارة إليه ف تحقيق إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية في غرب أفريقيا كمهرب أسلحة بارز لصالح حزب الله.
في السابع عشر من كانون الثاني\ يناير 2017 ، وبعد طول انتظار وترقب، أعلن الرئيس باراك أوباما التوصل إلى الصيغة النهائية بشأن تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني، والذي تعهدت طهران، بموجبه، تعليق جهودها الرامية لبناء أسلحة نووية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الدولية المقروضة عليها. وفي غضون أشهر، قال مسؤولو فريق عمل مشروع كاسندرا أن مشروعهم صار بحكم الميت تقريباً. وتم نقل بعض من كبار المسؤولين عن المشروع إلى مهام أخرى. ونتيجة لذلك، فقدت الولايات المتحدة قدرتها، ليس فقط على مراقبة أنشطة تهريب المخدرات والأنشطة الإجرامية الأخرى في جميع أنحاء العالم، بل ايضاً فقدت قدرتها على الاطلاع على الخطط اللاشرعية و المؤامرات التي يحيكها حزب الله مع كبار المؤولين في الحكومات الإيرانية والسورية والفنزويلية والروسية -وصولاً إلى الرؤساء: نيكولا مادورو والأسد وبوتين، وفقاً لما يقوله أحد أعضاء فريق عمل مشروع كاسندرا، وغيره من المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين. وقد أدّى القضاء على مشروع كاسندرا إلى تقويض جهود الولايات المتحدة لتحديد كمية الكوكائين القادمة إلى أراضيها عن طريق شبكات التهريب المختلفة المنتمية للحزب، خاصةً الشحنات لقادمة من فنزويلا، حيث يخضع عشرات كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين للتحقيق منذ أكثر من عقد من الزمن.
كشفت إدارة مكافحة المخدرات ووزارة العدل عن مشروع كاسندرا في بيان أتى على تفاصيل هامة عن أهداف المشروع و الأطراف المشاركة فيه (حدّد البيان، بدقة، سبع دول متورطة في عمليات تدفق أموال الخدرات لتمول العمليات الإرهابية(33))، مما تسبب في ضجة كبيرة، وقد عبّرت وكالة الاستخبارات المركزة عن غضبها من ذكر بيان إدارة مكافحة المخدرات تفاصيل العمليات التجارة لحزب الله. وألغت الحكومة الفرنسية، حينها، مؤتمراً صحفياً مشتركاً كان سيُعقد للإعلان من خلاله عن عمليات الاعتقالات (كانت الحكومة الفرنسية قد وقّعت لتوّها عقود توريد 118 طائرة إيرباص بقيمة تصل إلى نحو 25 مليار دولار، وذبك بعد 11 يوماً فقط من بدء تنفيذ بنود الاتفاق النووي الإيراني).
لاشك أن موظفي المخابرات سوف يصرّون على القول بأن ثمّة مواضع يمكن رؤيتها بمنظور أكثر اتساعاً من مسألة تهريب مخدّرات أو غسيل أموال، وهذه حجّة قويّة لعدم السماح لإدارة مكافحة المخدات في التحكم وحدها في ملفٍ خطرٍ واستراتيجيٍّ وحساس، مثل ملف حزب الله، بل ينبغي تضافر جميع الجهود، عب العمل المشترك، فلكل طرف مصلحة في الحصول على جزء من الكعكة.
وتوضح القراءة المتأنيّة للقصة الخفيّة لمشروع كاسندرا، كما تذكرها مجلة بوليتيكو، الصعوبة الهائلة في رسم دليل عمل لشبكات الأنشطة غير الشرعية وطرق مكافحتها في عصرٍ دُمجت فيه أنشطة الإرهاب العالمي وتجارة المخدرات والجريمة المنظمّة، بالإضافة إلى تنافس أجندات الوكالات الحكومية، وتحويل الأولويات على أعلى المستويات، مما ثد يؤدي إلى عرقلة أي تقدم في مواجهة هذه الأنشطة.
…………..
هوامش
1-https://janoubia.com/2020/04/11
4- https://history.state.gov/milestones/1981-1988/lebanon
5- https://www.treasury.gov/press-center/press-releases/Pages/jl0069.aspx
7- من أحدث وكالات الأمن القومي الأمريكي، أُنشأت في العام 1973، بأمر من الرئيس ريتشارد نيكسون، لتكون تحت إشراف وزارة العدل، وتقوم بجمع البيانات والبرامج والأنشطة المتعلقة بمكافحة المخدرات، للمزيد، انظر https://www.dea.gov/history ويعود السبب المباشر لإنشائها إلى النشاط المتزايد في تجارة المخدرات منذ بداية السبعينيات (واستمر طوال الثمانينيات) في أمريكا اللاتينية، لاسيما البيرو وبوليفيا وكولومبيا، التي شكّلت ما مجموعه 90% من تجارة المخدرات حول العالم، حيث امتد نشاط الإدارة، وبسبب من خطورة وتشابك وتعقيد أنشطة الاتجار بالمخدرات، فقد تداخل نشاط الوكالة بين مكافحة المخدرات ومكافحة الإرهاب، مما خلق منافسة بينها وبين وكالات وأجهزة أمريكية أخرى، بحيث بات يُنظر بمزيد من الشكوك لأنشطة إدارة مكافحة المخدرات، عندما يتعلق الأمر بمسائل الإرهاب. وأنفقت إدارة مكافحة المخدرات، منذ تأسيسها، ما يزيد عن تريليون دولار في سبيل تفكيك عصابات المخدرات الكبرى، دون أن تنجح في ذلك، مع أنها أنفقت أكثر من سيعة مليارات دولار خلال عر سنوات ( من العام 2000 حتى العام 2010)على برنامج المساعدات العسكرية ضمن ما يسمى “خطة كولومبيا”. وعلى الرغم من نجاح كولومبيا في السيطرة على العديد من مناطق زراعة الكوكا، وإخضاعها لمراقبة الدولة، ونذلك نجاحها في الحد، بشكل كبير، من العنف المتصل بتجارة المخدرات، لكنها مازالت تُعدُّ بلداً رئيسياً في إنتاج الكوكائين على مستوى العالم.
8- يحيل الاسم “كاسندرا” إلى ابنة ملط طروادة في الميثولوجيا الإغريقية، ويذكر أسخيلوس (في مسرحيّة أغاممنون) أن الإله أبوللو أحبّ كاسندرا وسعى للظفر بها، فأغراها بأن وعدها بمنحها القدرة على التنبؤ إن قبلت به، ولما فعل، حنثت بوعدها وصدّته. ولم يستطع ابوللو إبطال مفعول ما منحها من قدرات إلهية فما كان منه إلّا أن لعنها بأن يجعل لا أحد يصدّق نبوءاتها الصحيحة ( تنبأت بأن وصول هيلين الجميلة سوف يدمّر طروادة، كما حاولت تحذير الطرواديين من اختباء المحاربين الإغريق في جوف الحصان الخشبي، لكن لم يصدقها احد) وباتت كلمة كاسندرا تشير بلاغياً للتدليل على القدرة على الجمع بين البصيرة العميقة والحقيقة والعجز التام. وكان جان كيلي ( العميل المخضرم في إدارة مكافحة المخدرات والذي كان يشرف على قضايا حزب الله في قسم العمليات الخاصة وتراس فريق عمل مشروع كاسندرا)، هو من اختار الاسم “كاسندرا” ويقول أنه عثر عليه اثناء قراءته كتاب إريك لارسون “في حديقة الوحوش”، حيث ذكر السفير الأمريكي السابق في ألمانيا جولته التي تحدث فيها، في الولايات المتحدة حول التهديد النازي المتزايد، دون أن يلقى آذاناً صاغية لكلامه، بما يشبه ما لاقته كاسندرا الطرواديّة من تجاهل، يذكر أن الأسطورة تقول أن كاسندرا سوف تصرخ شاكية، بعد تجاهل نبوءاتها” إيه ابوللو، لقد أهلكتني يا حبّي القديم.. لا سبيل لي الآن سوى الموت”.. وهذا يشبه بطريقة ما شكوى فريق عمل مشروع كاسندرا، حين شعروا أن إدارتهم هي من دمرتهم في حقيقة الأمر.
10- https://www.treasury.gov/press-center/press-releases/Pages/tg1035.aspx
11- https://www.dea.gov/divisions/dal/2009/dallas072309p.html
12-https://www.justice.gov/archive/usao/vae/news/2011/12/20111213joumaanr.html
13- https://www.documentcloud.org/documents/4325659-Joumaa-Indictment.html
14- https://www.documentcloud.org/documents/4325664-Hezbollah-Money-Laundering.html
15- https://www.treasury.gov/press-center/press-releases/Pages/tg1057.aspx
18- https://www.treasury.gov/press-center/press-releases/Pages/sm0056.aspx
19- https://docs.house.gov/meetings/FA/FA00/20170608/106094/HHRG-115-FA00-Wstate-MaltzD-20170608.pdf
20- https://docs.house.gov/meetings/FA/FA00/20170608/106094/HHRG-115-FA00-Wstate-AsherD-20170608.PDF
21- https://journals.sagepub.com/doi/abs/10.1177/0002716208316732
23- انتقد إدوارد برايس، الناطق باسم كجلس الأمن القومي في إدارة الرئيس أوباما، رواية مجلة بوليتيكو واعتبرها “لا تمتّ للواقع بصلة”. مؤكداً أن إدارته كانت تقول مراراً وتكراراً أن المفاوضات بخصوص الملف النووي الإيراني لم تتجاوز نقاط أخرى سواها. وأن الرئيس لم يقدم أي تنازلات في مسائل أخرى، كما لم يعرقل، أو يحاول التأثير، على سير قضايا أخرى، بما في ذلك تحقيقات وكالة مكافحة المخدرات، مؤكداً، أن مزاعم بوليتيكو ” غير كاملة ومتناقضة”. ويلمّح أن من قام بالتحقيق في مشروع كاسندرا إنما يعمل حتماً لمصلحة جهات “تعارض عقائدياً الاتفاق النووي الإيراني” الذي يعتبره الرئيس الجديد [ يقصد دونالد ترامب] خطأً لابد من تصحيحه.
24- يذكر تحقيق مجلة بوليتيكو ما قاله ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية: ” قالوا لنا [يقصد الإيرانيون] قبيل التوقيع على الاتفاق بأن نخفف من وطأة ضغطنا على حزب الله”..” لقد كان إظهار حسن النيّة تجاه الإيرانيين قراراً استراتيجياً من طرفنا من اجل التوصل إلى اتفاق.. كان الرئيس يريد الصفقة.. حقّاً كان يريدها”، ثم يضيف، متهكماً، “لقد قدّمنا تنازلات لم يكن أحد يحلم بها من قبل، وهذا الأمر كان مدعاةً لسخرية موظفي وضباط وكالة المخابرات.. علماً أن حزب الله كان لايزال يقوم بتنفيذ اغتيالات وأنشطة إرهابية أخرى”، غير أن هذا الأمر نفاه إدوارد برايس بقوله ” كنّا نعلم أنهم سيطلبون خدمة مقابل هذا، وكان من السخف أن نوافق على طلبهم”، الأمر الذي أكّده جون كيري (الذي صار وزيراً للخارجية في ولاية أوباما الثانية، والذي كان مشرفاً على المفاوضات مع إيران) حين رفض الربط بين الاتفاق النووي وأية قضية أخرى، واعتبر أن مفاوضات الملف النووي مستقلة في مسارها عن مسار أية مفاوضات أخرى لقضايا أخرى قد تنشأ في السياق، غير أن الكثير من المحللين باتوا متأكدين من أن التوقيع على الاتفاق كان يعني، حتماً، عدم إثارة مخاوف الإيرانيين ( ومن خلفهم حزب الله) بخصوص قضايا أخرى. وفي الواقع فإن عودة سريعة لكرونولوجيا المفاوضات الأمريكية الإيرانية المكثفة تُظهر أن الولايات المتحدة كانت تطلب، فعلاً، المساعدة من إيران في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وكانت وول ستريت جورنال قد ذكرت، في تقريرها المذكور في المتن، عن قيام الرئيس الأمريكي بمراسلة آية الله على خامنئي، سراً، بشا، المصلحة المشتركة بين البلدين في محاربة عناصر داعش في العراق وسوريا. ويشير تقرير مجلة بوليتيكو إلى تصريحات العديد من المسؤولين السابقين في وكالة المخابرات المركزية عن حالات التوقف المتكررة لعمليات مكافحة المخدرات في الشرق الأوسط يسبب ” الحساسيّة السياسيّة”، خاصة في لبنان، وقد دفعت ضغوط البيت الأبيض وكالة المخابرات المركزية إلى إعلان “وقف” العمليات السرية ضد حزب الله في لبنان ايضاً، لفترة من الوقت، بعد أن تلقّت الإدارة الأمريكية شكوى من مفاوضين إيرانيين.
25- https://foreignpolicy.com/2019/02/14/paraguay-is-a-fiscal-paradise-for-terrorists/
26- تعاون الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز بصورة شخصية مع الرئيس الإيراني، آنذاك، محمود أحمدي نجّاد، وحزب الله على تهرب المخدرات والأنشطة الأخرى الرامية إلى الحد من النفوذ الأمريكي في المنطقة، وفي غضون بضعة سنوات، ارتفعت مساهمة فنزويلا في شحنات الكوكائين من 50 طناً سنوياً إلى 250 طن، يتجه معظمها إلى داخل الولايات المتحدة. وابتداءً من العام 2007 ، زعمت إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية عن رصدها حركة جويّة تجاريّة أسبوعيّة لشركة طيران كونفياسا، المملوكة للحكومة الفنزويلية، تربط بين كاراكاس وطهران، عبر دمشق، وتقول الإدارة أن هذه الرحلة كانت تنقل المخدرات والأموال وتعود بالأسلحة ورجال حزب الله ونشطاء إيرانيين يتم تزويدهم بهويات مزوّرة ووثائق سفر لدى وصولهم إلى فنزويلا، لينتشروا من هناك في بلدان المنطقة، ومن أشهر هؤلاء، وليد مقلد رجل الأعمال الفنزويلي من أصول سوريّة، الملقب بـ “ملك الملوك”، الذي تم احتجازه في كولومبيا في العام 2010 بتهمة شحن 10 أطنان من الكوكائين شهرياً إلى الولايات المتحدة. وزعم مقلد، أثناء التحقيق، أن لديه 40 جنرالاً من فنزويلا في جدول رواتبه، ويمتلك أدلّة على تورط العشرات من كبار المسؤولين الفنزويليين في تهريب المخدرات وجرائم أخرى. وطالب بإرساله إلى نيويورك كشاهد متعاون ومحمي، لكن كولومبيا قامت بتسليمه إلى فنزويلا. غير أن هذا لا يعني أن أمريكا اللاتينية كانت المنفذ الوحيد لأموال المخدرات، فقد ألقت السلطات الأمريكية، في العام 2008، القبض على فايد بيضون الشهير بـ “ميغال غارسيا” في مطار ميامي الدولي، بتهمة الضلوع في تجارة الكوكائين لصالح حزب الله، وفايد هذا ن أحد أفراد عائلة “بيضون” الشيعية الكبيرة في جنوب لبنان. كما أعلنت السلطات الهولندية، في نيسان \أبريل 2009، القبض على خليّة مكوّنة من 17 شخصاً ينتمون إلى شبكة دوليّة لتجارة المخدرات، على صلة بحزب الله، لشبهة الجار بنحو طن من الكوكائين سنوياً، ووقع لبنانيين اثنين متهمين بتهريب أموال ناتجة عن تجارة المخدرات إلى لبنان في يد السلطات الألمانية في تشرين الأول\ أكتوبر 2009، أمّا المغرب، فقد القت القبض على قاسم تاج الدين ( أحد كبار الممولين المزعومين لحزب الله: https://www.justice.gov/opa/pr/lebanese-businessman-tied-hizballah-arrested-violating-ieepa-and-defrauding-us-government) بعد سبع سنوات من إدراجه على قوائم وزارة الخزانة الأمريكية بوصفه راعٍ للإرهاب(https://www.treasury.gov/press-center/press-releases/Pages/tg997.aspx) ويقول دافيد آشر عن قاسم تاج الدين هذا، أن فريق عمله أبقى قضيته طيّ الكتمان ، على امل تحقيق نتائج أفضل مع الإدارة التي سوف تخلف إدارة الرئيس أوباما..( https://www.justice.gov/opa/press-release/file/952071/download. )
28-https://www.washingtoninstitute.org/uploads/Documents/pubs/PolicyNote38-Bauer.pdf
30- اعتقلت السلطات التشيكية علي فيّاض، في نيسان \ ابريل 2014، بناءً على مذكّرة أمريكية. وقد شكّل إطلاق سراحه، لاحقاً، صفعة كبيرة لمشروع كاسندرا، إذا يعتبر فياض شاهداً بالغ الأهمية في أيّة ملاحقة، أو تحقيق، نظراً لعلاقاته القوية مع حزب الله وعصابات تجارة المخدرات في أمريكا اللاتينية. وكانت السلطات التشيكيّة قد أفرجت عنه، بعد أسبوع من بدء التنفيذ الرسمي للاتفاق النووي الإيراني، (تم التوقيع على الاتفاق في تموز \يوليو 2015، وتم البدء في تنفيذه رسمياً، يوم 17 كانون الثاني\ يناير 2016). وكان الرئيس التشيكي ميلوش زيمان قد صرّح لوسائل الإعلام المحليّة، أنه أطلق سراح فيّاض بناء على طلب شخصي من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وتم ترحيل فيّاض إلى لبنان (مقابل الإفراج عن خمسة مواطنين تشيكيين اختطفهم عناصر حزب الله) دون أن تتخذ إدارة أوباما أية خطوات جديّة للقبض عليه، علماً أنه كان مدرجاً على قوائم الإرهاب، منذ العام 2006، لتورطّه في تجارة المخدرات، منذ العام 1995 والتخطيط لقتل موظفين حكوميين أمريكيين، ومحاولة تقديم الدعم المادي لمنظمة إرهابية، ومحاولة الحصول على صواريخ مضادة للطائرات ونقلها وإرسالها إلى بيروت. ويعتقد بعض المسؤولين، هناك، أن فيّاض عاد لممارسة أنشطته السابقة، وهو يساعد في تسليح الميليشيات في سوريا، وأماكن أخرى بأسلحة روسيّة ثقيلة، انظر لائحة الاتهام الموجّهة ضدّه تاريخ 26 آذار\ مارس 2014 https://www.documentcloud.org/documents/4325666-Ali-Fayad-Farouzi-Indictment.html ، والتي تشمل في فقرات منها اتهامه بتزويد القوات المسلحة الكولومبية “فارك” بالأسلحة الثقيلة.
31https://docs.house.gov/meetings/FA/FA00/20170608/106094/HHRG-
32- تقع منطقة الحدود الثلاثية بين الأرجنتين والبرازيل وباراغواي، علماً أن تواجد عناصر حزب الله لا يقتصر على فنزويلا وكولومبيا، بل أن أهم عناصره في أمريكا اللاتينية تستقر فب باراغواي، حيث يتمتعون بعلاقات قوية مع الطبقة السياسيّة الحاكمة. ومن اللافت للنظر، عدم التعرض لعناصر الحزب فب باراغواي (سواء على المستوى الشخصي أم التجاري) لأي نوع من العقوبات التي استهدفت فيها الإدارة الأمريكية عناصر الحزب في بلدان أخرى. وابرز شخصيات الحزب هناك، المدعو محمد فايز بركات، وهو يحمل الجنسيّة اللبنانية ( استهدفته العقوبات الأمريكية في العام 2006 بزعم تورطه في نقل أموال إلى الحزب من منطقة الحدود الثلاثية، غير أن هذا لم يمنعه من أن يكون ضيفاً في حفل استقبال السفارة اللبنانية في العاصمة أسونسيون في 23 تشين الثاني\ نوفمبر 2016 بمناسبة الاحتفال بعيد استقلال لبنان). ولعل أكبر مثال على نفوذ حزب الله في باراغواي تمثّل في تعديل بعض القوانين سنة 2010 من اجل تعيين حسن خليل ضيا ذو الأصول اللبنانيّة سفيراً لباراغواي في لبنان, وحسن خليل ضيا هذا، تاجرٌ شيعيٌّ من منطقة الحدود الثلاثية. ويبدو أن تعيين ضيا سفيراً في لبنان، كان من أجل متابعة أعمال حزب الله في باراغواي، بما في ذلك التحضير لزيارة هوغو فيلاسكويز المتحدث الرسمي باسم برلمان باراغواي إلى لبنان في آب\ أغسطس 2015 حيث التقى رجال دين تابعين لحزب الله في جنوب لبنان، كما التقى مع برلمانيين بارزين من الحزب مثل نواف الموسوي (رئيس قسم العلاقات الخراجية لحزب الله، آنذاك، والذي ينظر له كمشارك رئيسي في أعمال وأنشطة البنك اللبناني الكندي), ومن الجدير ذكره أن معظم أعضاء الوفد المرافق لفيلاسكويز كانوا من التجاوز من منطقة الحدود الثلاثية وذوي أصول لبنانية، ومن بينهم وليد أمين سويد، وهو أحد الأشخاص الذين تشتبه سلطات باراغواي بتورطه في عملية غسيل أموال بقيمة مليار ومئتي مليون دولار عبر مصرف بانكو أمامباي في باراغواي، والذي يخص رئيس البلاد السابق هوراسيو مانويل كارتيس خارا، من خلال المؤسسة التي تمتلكها عائلته، وبينما لا توجد مؤشرات على أن كارتيس هو هدف أي تحقيق، رغم ظهور اسمه في تسريبات فساد تشير إلى وجود مؤسسة مالية في جزر كوكس على علاقة بمصرف أمامباي الذي يملكه كارتيس، إلّا أن سلطات إنفاذ القانون الأمريكي اشتبهت في اشتراك المصرف في عمليات غسيل أموال. وقد تسبب الكشف المبكر عن التحقق ضمن ملفات نشرها موقع ويكيليكس في العام 2010 في إعاقة التحقيق.
33- https://www.documentcloud.org/documents/4329070-DEA-reveals-massive-Hezbollah-scheme.html